الشاشة كانت بيضاء في زمن النقاء

04:36 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

التاريخ ليس دفاتر وأوراقاً مكتوبة بحبر السياسة والمعارك والحروب والتغيرات الجغرافية، وولادة دول وزوال أخرى. في الدفاتر ولادات من نوع آخر تحفر أيضاً ولا يمحوها الزمن؛ لأنها كانت نقطة بداية غيرت ملامح، علَمت أجيالاً وعاشت حتى يومنا هذا.
من تلك «الولادات» التي غيّرت حياة الإنسان، صدور أول فيلم كرتون طويل وقصصي خيالي كان وبقي علامة فارقة في عالمي السينما والتلفزيون، وعلامة أيضاً في حياة كل طفل على مر الأجيال. في مثل هذا اليوم من العام 1937، شهد العالم ظهور «سنو وايت والأقزام السبعة» المعروف ب«ثليجة البيضاء» الذي يعتبر ثورة في الإبداع الفني، وبداية لسلسلة أفلام كرتون أطلقتها «والت ديزني» لتلحق بها باقي شركات الإنتاج.
نحن لا نتحدث عن مجرد فيلم للأطفال، وإنما نتحدث عن انتقال إلى مرحلة جديدة في عالمي السينما والتلفزيون، تركت أثرها بشكل واضح في صناعة الأفلام، كما تركت بصمات لا تمحى في نفوس وعقول كل الأجيال المتعاقبة منذ تلك المرحلة، وسترافق الأجيال القادمة، مع اختلاف في التقنيات والأفكار.
الكرتون شكّل ثورة في الفن، ووالتر إلياس ديزني، مؤسس «ديزني» الذي عرف كيف يبني إمبراطورية تسحر الصغار والكبار وتؤثر فيهم تربوياً وليس فقط ترفيهياً، عرفت شركته كيف تنتقل من السينما إلى التلفزيون وتنشئ نحو 4 قنوات لتقديم حلقات متسلسلة وأفلام وعروض من إنتاجها الخاص، منها واحدة لصغار السن، والثانية للمراهقين.
ولا يمكن الحديث عن الشاشة دون التطرق إلى عمق أثرها في تشكيل عقول الأطفال، ومساهمتها في تربيتهم إلى جانب أهاليهم، خصوصاً مع امتداد عروضها التلفزيونية دون انقطاع ودون تمييز بين النهار والليل، وخصوصاً أن كثيراً من الأهالي «يشترون» راحتهم داخل المنزل، بترك أطفالهم أمام الشاشة يشاهدون ويغرفون من معينها الذي لا ينضب، دون أدنى رقابة لما يتلقفون.
«ثليجة» كانت بيضاء ونقية في زمن النقاء، حيث كانت الشاشة أيضاً بيضاء، والسم في تلك الحكايات الخرافية كان رمزاً للأحقاد ولا بد من أن ينتصر الحب ويقضي على الشر في النهاية. أما أفلام ومسلسلات صغار هذا الزمن، فصار السم في معظمها في المضمون الذي تبثه في عقول المتلقين، والذي يروج للعنف بالدرجة الأولى.
صحيح أن أفلام «ديزني» في أغلبيتها تحافظ على المفهوم التربوي والتوعوي فيما تبثه، لكن كثيراً من الكرتون المختلف المصادر، والمسلسلات التي تبث خصوصاً للمراهقين، أصبحت فاسدة ومفسدة، وتأثيرها أكبر لأنها تعرض في البيوت ولم تعد محصورة في أفلام تنتظر المشاهد كي يأتي إليها في الصالات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"