الصحة العالمية تدعو للاستثمار في الأمراض النادرة

02:31 صباحا
قراءة 5 دقائق
طلبت منظمة الصحة العالمية من بلدانها الأعضاء تخصيص مزيد من الأموال لمكافحة الأمراض المدارية النادرة التي تطال 5,1 مليار شخص في العالم . وانتهزت المنظمة الأممية صدور تقرير عن مكافحة "الأمراض المدارية المهملة" للتذكير بأن هذه الأمراض البالغ عددها 17 قد تؤدي إلى الإصابة بالعمى وتتسبب بإعاقات وتشوهات، وحتى الوفاة في أكثر البلدان فقراً في العالم . وتودي هذه الأمراض بحياة 500 ألف شخص كل سنة في العالم .
قالت المديرة العامة للمنظمة مارغريت تشان إن زيادة الاستثمارات العامة قد تسهم في "التخفيف من وطأة البؤس وتوزيع العائدات توزيعاً أكثر إنصافاً وانتشال الجموع من براثن الفقر" .
ولفت التقرير إلى التقدم المحرز منذ سنوات عدة في مكافحة هذه الأمراض . لكنه دعا فيما يخص الميزانية اللازمة للقضاء على هذه الأمراض وفق الخطة التي اعتمدتها المنظمة،إلى تخصيص 9,2 مليار دولار في السنة الواحدة لتحقيق هذا الهدف خلال الفترة 2015 - 2020 .
ولفتت المنظمة التي تتخذ من جنيف مقراً لها إلى انتشار هذه الأمراض على نطاق أوسع في ظل الاحترار المناخي، مشيرة إلى أن حمّى الضنك باتت اليوم متفشية في 150 بلداً . وتتراوح الأمراض النادرة من التليف الكيسي والناعور إلى متلازمة آنجلمان، مع انتشار نحو 1 لكل 000,،15 إلى متلازمة مُثَلَّثِيَّة الرأس لأوبتز، وهي نادرة جداً تحدث حالة واحدة لكل مليون إنسان . وبينما يكون آباء الأطفال المصابين بأمراض نادرة منعزلين بسبب حزنهم، إلا أنهم سرعان ما يدركون أن الحديث إلى بشر يعانون مثلهم لا يقدر بثمن، ولذا عليهم أن يتواصلوا، كما تقول بالوما تاجادا مديرة الاتصالات في المنظمة الأوروبية للأمراض النادرة EURORDIS، وهو تحالف لاحكومي يهتم بالمريض من منظمات وأفراد فاعلين في حقل الأمراض النادرة .
ويتخطى التواصل مجرد البحث عن بشر يفهمون ما تعانيه . فهي أيضاً طريقة لكشف معالجات أو أبحاث حديثة تبدو واعدة . وهذه الرغبة في التواصل هي أحد الأسباب التي تقوم بها منظمات المرضى مثل EURORDIS بعبور الحدود بصورة طبيعية وتصوغ روابط، واستراتيجيات كانت حتى مؤخراً غير مستثمرة في أوروبا .
ويقول إدموند جوسيب، اختصاصي الأمراض النادرة وممثل المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية في اللجنة الجديدة للاتحاد الأوروبي لخبراء الأمراض النادرة: إن المعاناة من مرض نادر يؤثر في الاحساس بالهوية، فأنت تبدأ في التفكير بنفسك ليس كفرنسي أو إنجليزي أو دنماركي، بل كشخص مصاب بهذا المرض النادر . وأعتقد أنه أحد الأسباب التي تميل فيها مجموعات المرضى المصابين بمرض نادر لأن تكون أكثر عالمية وتعاونية فيما يتعلق بشؤونها .
وبينما لا يسبب التركيز المحلي مشكلة خاصة لقضايا صحية كثيرة، فإنه يكون كارثياً للأمراض النادرة . لأنه ولا واحدة من الدول ال 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مهما كانت كبيرة، تستطيع الأمل بأن تقدم معالجة للطيف الكامل من الأمراض النادرة . حيث يقول جيسوب: حتى في المملكة المتحدة (مع سكان يقارب 62 مليوناً) يتوجب إرسال بعض المرضى للمعالجة إلى ما وراء البحار .
وفي هذه الأثناء، تناضل الدول مفردة لإيجاد موارد تجري بها أبحاثها، بما فيها المرضى الضروريين لإجراء التجارب السريرية .
ويقول: توجد فقط ثلاث حالات من الشُّياخ في فرنسا . وأنت لا تستطيع تنظيم تجارب سريرية على هذا الأساس . بل عليك أن تحقق كمية حرجة، وهذا يعني تعاوناً دولياً .
وبهدف تشجيع التعاون الدولي، تدعم المفوضية الأوروبية بصورة متزايدة المبادرات التعاونية، بما فيها اتحادات المرضى، خاصة أورفانيت التي أنشأتها عام 1997 خبيرة الأمراض النادرة سيغولين أيمي، لتأسيس قاعدة معطيات متاحة مجاناً للأمراض النادرة والأدوية الضرورية لمعالجتها، أو ما يدعى بالأدوية اليتيمة .
وقد أطلقت "أورفانيت" (Orphanet) بوابة معلومات خاصة بالأمراض النادرة والأدوية اليتيمة عام ،2000 كما تنسق في المجموعة الاستشارية المحلية للأمراض النادرة في منظمة الصحة العالمية، وتعمل في مراجعة التصنيف الدولي للأمراض . وتدعم المفوضية اتحاد الأبحاث الدولي حول الأمراض النادرة والمعروف أيضاً باسم IRDiRC، وهو جهد دولي طموح لتجميع الموارد وتحقيق انسجام السياسات تحفيزاً للأبحاث . وقد أطلقت هذه المبادرة في إبريل/ نيسان ،2011 وبدأ الاتحاد كمشروع مشترك للمفوضية الأوروبية والمعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة الأمريكية؛ ولكن منذ ذلك الوقت شاركت فيه دول أخرى، بما فيها كندا واليابان، ويهدف إلى جمع وكالات تنظيمية وباحثين وممثلي جماعات المرضى، وأعضاء في الصناعة البيولوجية الدوائية وأصحاب المهن الطبية . ومن بين أهدافه الإعلان عن الرغبة في استيلاد 200 معالجة جديدة لأمراض نادرة وأدوات تشخيصية لمعظم الأمراض النادرة بحلول 2020 .
وتعتقد المفوضية أن التعاون في حقل الأمراض النادرة سيزداد أيضاً نتيجة الشبكات المرجعية الأوروبية، التي تمخضت عن توجيهات المفوضية الأوروبية حول الرعاية الصحية العابرة للحدود وحقوق المرضى التي تم تبنيها بداية 2011 . ويوجد جانب رئيسي آخر لعمل الاتحاد الأوروبي في مجال الأمراض النادرة هو تبنيه عام 2009 لتوصيات المجلس الأوروبي للأمراض النادرة، الذي يدعم، بين نشاطاته الأخرى، تطوير سجلات وقواعد المعطيات . وهذا شيء مهم إذا كان الباحثون سيستطيعون العمل على قاعدة سكانية عريضة للأبحاث الوبائية والسريرية، حسب دومينيكا تاروشيو، مديرة المركز الوطني للأمراض النادرة في روما .
وتأمل تاروشيو أن تؤدي التوصيات إلى "دفعة مبادرات" لتسجيل الأمراض النادرة، في الوقت الذي يتم فيه تحديد العوائق التي يجب التغلب عليها، خاصة نظم الاتحاد الأوروبي حول حماية المعطيات الشخصية التي تسمح بجمع المعطيات وتبادلها لهدف شرعي، وهذا المعنى بالضبط مفتوح للنقاش . يوجد عائق آخر هو انعدام اللغة المشتركة .
وتقول تاروشيو: ستتم إعاقة التشارك العالمي للمعلومات، والمعطيات والعينات بغياب التصنيف الشامل للمرض النادر، والتعابير المرجعية القياسية والوجوديات الشائعة .
وبينما تشكل هذه الأيام أوقاتاً مشجعة بجلاء لدعاة الأمراض النادرة، تستمر بعض المشكلات الأساسية، أوضحها استمرار انعدام الاستثمار في أبحاث ومعالجة الأمراض النادرة . فبالنسبة إلى البروفيسور بيلا ميليغ، رئيس معهد الوراثيات الطبية ورئيس مجموعة تنسيق الأبحاث الوطنية للأمراض النادرة في هنغاريا، تمثل زيادة التعاون شيئاً جيداً طالما يكون مستمراً، لكن الدول الأفقر تستمر في صراعها للوصول إلى تمويل دائم .
ويقول: بالنسبة إلى التعاون، لدي كثير من الأصدقاء الأوروبيين الظرفاء ويمكنني في أي وقت إرسال شخص ما لدراسة التقنيات إذا كنا بحاجة إلى مزيد من التعلم . لكن إيجاد المال ليس سهلاً، والمال غالباً هو الذي يجعل العالم يدور .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"