المجلة الإلكترونية

من أسبوع لأسبوع
14:13 مساء
قراءة 3 دقائق

قلت لكم في مقال سابق إننا أبناء العصر الحديث لن ندخل جديدا على ثوابتنا، لأنها لا تتغير بتغير الأعوام والشهور والأيام والأحداث، لكننا نحدث جديدا على المتحرك الذي هو عرض الأحداث والقضايا، ومن ثم طريقة معالجتها وموقفنا من كل جديد.

فالقراءة مثلا موجودة منذ القدم، لكنها كانت من خلال الكتب، وليس أي كتب، بل الكتب، التي كانوا يكتبونها بخط اليد، ثم يتوارثونها جيلا بعد جيل، وما زلنا نفتخر بتلك الكتب التي كتبت بخط اليد.

وحق لنا أن نفتخر، فهم رغم معاناتهم في الحصول على القلم والحبر والقرطاس، فإنهم دونوا ما أرادوا بحبر لا يتغير رغم مرور الحقب والدهور عليه، في حين أن ما نكتبه اليوم بأقلام ثمينة، وبحبر جد راق، وبأوراق غالية الثمن، سوف ينمحي في شهور إن لم يكن مطبوعا طباعة.

وإذا أردنا أن نقلد الأجداد لننسخ شيئاً بأيدينا، فإننا لا محالة نعود إلى ذلك الحبر الذي كتب به الأجداد، أو حبر مستحدث يشبه ذلك الحبر.

نعم.. ثم تطورت القراءة والكتابة، فصارت أمامنا وفرة في المطبوعات ووفرة في المقروءات، إلى أن وصلت بنا الحال أن نقرأ ولكن ليس في الكتب، وإنما عبر الحواسيب التي أتاحت لنا فرص الدخول إلى المكتبات من غير النزول إلى الشارع.

والحواسيب استخدمت كوسيلة للقراءة والكتابة، فصار الكتاب يقرؤون من خلالها ويكتبون أيضاً من خلالها مقالات شهرية أو أسبوعية، ولا فرق في ذلك بين أن تكون الحواسيب أجهزة للعرض والقراءة فقط، أو تكون متصلة بشبكة الأنترنت.

ومن ذلك العمل الرائع المجلة الالكترونية التي استحدثتها محاكم دبي، فعندما يدخل الزائر موقع المحاكم، يجد المجلة الالكترونية تستقبله بباقة من عناوين متنوعة، تتضمن مقالات وآراء، وعرضا لأنشطة المحاكم.

وبصفة أدق تشتمل على الصفحة الأولى والافتتاحية وجولة في المحاكم وآراء ومقالات ومنوعات، ثم مواردنا البشرية وممارسات في الميزان ومذكرات وقيادة وقضاء.

هذه المجلة التي يشرف عليها قسم المعرفة الالكترونية، تقدم خدماتها بجانب المكتبة المركزية التي ما زالت توفر بجانب الكتب المرجعية، عددا من الصحف والمجلات.

وميزة هذه المجلة أنها وجه حضاري للمحاكم، وتوفر الوقت على الموظف الذي قد لا يستطيع أن يغادر مكتبه لارتباطه بالعمل، كما أنها وسيلة غير مباشرة لتعويد الموظف على القراءة والبحث والمشاركة في المقالات التي تنشر في المجلة.

وقد وجدت أنا فعلا قصة طريفة تحت بند ممارسات وبعنوان ذكاء محام ودهاء قاض وهي أن محكمة أرادت أن تنطق بحكم إعدام قاتل زوجته والتي لم يعثروا على جثتها رغم إدانة الزوج.

فوقف محامي الزوج مدافعا عن موكله قائلاً: يا حضرة القاضي على هيئة القضاء أن تصدر حكمها بعد توافر اليقين، والآن سيدخل باب المحكمة دليل قوي على براءة موكلي وأن زوجته حية ترزق.

عندئذ فتح باب المحكمة واتجهت أنظار من في القاعة إلى الباب، وبعد لحظات من الصمت لم يدخل أحد، وهنا قال المحامي: هل لاحظتم أن الكل كان ينتظر دخول القتيلة؟ وهذا دليل على أنه ليس لديكم قناعة كاملة بأن موكلي قتل زوجته.

ثم هاجت القاعة إعجابا بذكاء المحامي، فتداول القضاة الموقف من جديد فأصدروا بعد قناعتهم حكم الإعدام، فتعجب الحاضرون وتساءلوا كيف؟

لكن القاضي قال بكل ثقة: نعم استطاع المحامي أن يوحي إلينا بأن الزوجة لم تقتل وهي حية بعد، وأنها تدخل علينا الآن من باب المحكمة التي فتحت أمامنا فعلا، وانتظرنا دخولها.

لكن شخصا واحدا لم يلتفت للباب وهو الزوج، لعلمه أن الزوجة ميتة يقينا، والموتى لا يعودون إلى الحياة مرة أخرى.

www.arefonline.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"