المختبرات العراقية تتدرب وتدرب

تعمل بتقنيات جيدة وسط ظروف صعبة
01:08 صباحا
قراءة 6 دقائق

تعرضت المختبرات المركزية والفرعية في العراق بعد دخول قوات الاحتلال الأمريكي إلى العراق لعمليات نهب وسلب وتدمير نتيجة الفوضى العارمة التي ضربت البلد آنذاك. لكن العاملين في هذه المختبرات وبجهود تعاونية وشعور كبير بالمسؤولية تمكنوا من إعادة الحياة إلى هذه المختبرات وتطويرها لتكون موازية أو قريبة من كثير من المختبرات الموجودة في الدول الإقليمية.

لمعرفة دور هذه المختبرات في المرحلة الراهنة قامت الخليج بجولة في داخل مختبر الصحة العامة المركزي في وزارة الصحة العراقية في بغداد والتقت مع العديد من العاملين فيه وأعدت التحقيق الآتي:

قال الدكتور مثنى عناد الشمري اختصاصي كيمياء حياتية وسريرية، مدير مختبر الصحة العامة المركزي في وزارة الصحة العراقية: لدينا مختبرات جيدة وينطبق عليها ما هو موجود في العالم بنسبة كبيرة والدليل على ذلك أن لدينا ثلاثة مختبرات معترف بها دوليا وإقليميا وهي مختبرات وطنية، مرجعية وهذه المختبرات الثلاثة هي: المختبر الوطني لشلل الأطفال، المختبر الوطني للحصبة الالمانية، مختبر الانفلونزا وسنويا هناك متابعة على مختبرات العراق عموما ولاسيما تلك المشمولة بالثنائية بالتعاون بين وزارة الصحة العراقية ومنظمة الصحة العالمية وقد حصلت مختبراتنا الثلاثة على الفحص والتشخيص بأحدث الطرق الموجودة عالميا. فضلا عن ذلك فإن جميع مختبرات العراق تتوافر فيها الأجهزة الحديثة والكفاءات الجيدة. وهذه الكفاءات معظمها متدربة ومدربة على التقنيات الحديثة داخل العراق وخارجه.

وأضاف ان هناك إيماناً كبيراً بهذه المختبرات في العراق تحديداً حيث إن المشكلة لا تكمن في المختبرات، بل بالأطباء الاخصائيين إذ إن هناك ركيزة أساسية في ركائز التشخيص وهي الفحص المختبري والفحص الاشعاعي وهذه هي الامور التي تساعد الطبيب على تشخيص المرض بدقة. لذلك فإن الأطباء الاخصائيين في العراق جميعهم يعتمدون على الفحوصات المختبرية التي يتم أجراؤها في المختبرات التابعة للمؤسسات الحكومية لكفاءتها وجودة العاملين فيها. لذلك نرى أن هناك ثقة كبيرة لدى الطبيب والمريض في آن واحد بالنتائج التي يفرزها التحليل المختبري.

وبين أن المختبر المرجع في العراق هو مختبر الصحة العامة المركزي. وهذا المختبر هو مختبر مرجعي، بحثي، علمي، تدريبي. يحتوي على كل الاختصاصات العلمية المختبرية وهو أكبر مؤسسة مختبرية في العراق. لذلك فإن جميع الدورات التي نقيمها وتشمل جميع المحافظات تقام في هذا المركز. لكن لدينا تعاون بين منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة العراقية والمختبرات المرجعية في أطلنطا حيث لدينا نية للدخول في موضوع الآيزو وطرحنا هذا الموضوع في المؤتمر البلداني الذي رعته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في منغوليا والذي ترأسه العراق، حيث لدينا الامكانات والكفاءات العلمية الجيدة. كذلك لدينا على الأرض مشاريع معتبرة عالميا طرحناها على المؤتمر المذكور. وكانت العقبة الوحيدة التي حالت دون دخولنا إلى هذا البرنامج في الوقت الحاضر هي الوضع الأمني إذ مازال العراق يعد من المناطق الساخنة. وأشار إلى أن مختبر الصحة العامة المركزي في بغداد ينظم دورات تدريبية متطورة، إذ لدينا طلاب من كلية الصيدلة يتدربون، كذلك لدينا طلاب من دورة المختبرات يتدربون عندنا وهناك تواصل بيننا وبين الكليات في مشاريع علمية، وكذلك مع وزارات الصحة والتعليم العالي والعلوم التكنولوجية والبيئة وقد قمنا بإعداد مشاريع جيدة بيننا وبين هذه الوزارات، فضلاً عن ذلك هناك تعاون بيننا وبين منظمة الصحة العالمية، حيث تعد هذه المنظمة داعما فنيا لنا بالخبرات العالمية الموجودة لمواد مختبر الصحة المركزي، كذلك لدينا تعاون مع مختبرات مرجعية أخرى مثل البحرية الأمريكية في مصر التي تدعمنا فنيا من خلال الخبرة.

وأكد على وجود تقنيات حديثة وجيدة إذ إن أحدث تقنية في مختبر الصحة المركزية هي تقنية PCR المعتمدة عالميا بالتشخيص والتخطيط الجيني لكل فيروس أو بكتيريا حاليا وقبل أكثر من شهرين من الآن تمكنا ولأول مرة في العراق من وضع الخارطة الجينية لفيروس سرطان عنق الرحم ونال الفريق الفني الذي قام بهذا العمل تكريم وزير الصحة صالح الحسناوي، وقد أمر الوزير بتوسيع العمل بالبحوث في هذا الجانب كذلك حالياً نعمل لفحوصات نقص العوز المناعي، فضلا عن ذلك فإن جميع التقنيات المعتمدة إقليمياً متوافرة لدينا وبنسبة 80% أو أكثر. لكن الوضع الأمني غير المستتب في البلد يجعل عروض الشركات الأجنبية المختصة بالتقنيات الحديثة قليلة. ولو تمكنا من الحصول على أجهزة حديثة جدا لاستطعنا مواكبة التطور الموجود في أوروبا.

وعن طريقة عمل المركز المرضية قال الشمري: نحن نعمل باستقبال المرضى عن طريق المندوبين في استعلامات مختبر الصحة العامة المركزية وكل مريض يستقبله المندوب المختص بالشعبة التي تجري الفحوصات اللازمة له. إذ لدينا آليات تدريب الطواقم المختبرية في بغداد والمحافظات ورفدهم بأحدث التقنيات والمعلومات العلمية الحديثة، كذلك استقبال الكوادر في الدورات الطارئة. حيث إذا حصل في البلد حدث معين أو وباء لذلك نقوم بتكثيف العمل بهذا الاتجاه. فضلا عن ذلك هناك خطة سنوية وقائية تصدر من مركز السيطرة العامة للأمراض الانتقالية في وزارة الصحة تحدد فيها أو تذكر احتمال حدوث وباء ما في هذه السنة بناء على المعلومات العلمية المتوافرة لهم نتيجة عمر البكتيريا أو عمر الفيروس المتوقع. لذلك نقوم باعداد خطة طوارئ لمواجهة مثل هذا الأمر.

وبين أنه يوجد في مختبر الصحة العامة تسع شعب هي شعب الفيروسات، شعبة نقص العوز المناعي، شعبة البكتولوجي الاحياء المجهرية، شعبة الكيمياء، شعبة الطفيليات، شعبة المناعة، فضلا عن الوحدة المركزية للبايولوجي الجزئية. جميع هذه الشعب طواقمها جيدة جدا وعلميتها راقية. حيث تحمل أعلى الشهادات في المجالات المختبرية.

وعن المشكلات والمعوقات التي تصادف عمل المركز قال: توجد لدينا معوقات انقطاع التيار الكهربائي وهذه المعوقات تعاني منها جميع مؤسسات الدولة لكن استطعنا التغلب على هذه المشكلة بعد أن رفدتنا وزارة الصحة بمولد كهربائي كبير، فضلاً عن ذلك أعيد الينا الخط الساخن والخط الوطني ولم تعد لدينا مشكلة في مسألة التيار الكهربائي. كذلك منح وزير الصحة المديرين العامين ومديري المستشفيات صلاحيات الشراء لغرض تسهيل مهمة العمل، لأن هناك بعض الشركات الأجنبية لا تستطيع الوصول إلى العراق مما يؤدي إلى حصول نوع من التلكؤ في عروض المواد المختبرية.

وأكد أن مرض الكوليرا، مرض متوطن في العراق منذ ثمانينات القرن الماضي وقد مر بالعراق عبر عدة مرات، ففي عام 2007 بدأ الوباء في إقليم كردستان وتأثرت بعض المحافظات في الوسط والجنوب ببعض حالات مرض الكوليرا واستطعنا التصدي لهذا الوباء الخطير رغم صعوبة الأوضاع ومحدودية الحركة. إلا أن منتسبينا كانوا بمستوى المسؤولية وتمكنوا من تجاوز كل الصعوبات والعوائق وتحركوا إلى جميع المحافظات. وفي عام 2008 ظهر مرض الكوليرا في بعض محافظات الوسط والجنوب وقد قمنا برفد المؤسسات المختبرية بمواد مختبرية ووضعنا خطة طوارئ لتدريب الطواقم المختبرية بصورة عاجلة. فضلا عن ذلك أرسلنا فرقاً لتقوم بزيارات ميدانية للوقوف على حال المختبرات في لحظة العمل، كذلك رفدنا بأحدث طريقة لتشخيص الكوليرا عن طريق جهاز خاص وكذلك عن طريق الانترنت الذي سهل من مهمتنا كثيرا في معالجة هذا الوباء، لأن هذا الجهاز يتصل مع الشركة الأم للحصول على المعلومات لمعالجة أية بكتيريا جديدة أو فيروس.

وقالت الصيدلانية محسن عبد الأمير، دورة مختبرات تحاليل مرضية: إن لدينا فحوصات أمراض الدم الروتينية والفحوصات المتقدمة، ولدينا نوعان من الأجهزة الحديثة في فحص العينات التي نأخذها من المريض، كذلك لدينا طريقة يدوية نستعملها في حالة حصول أي طارئ أو لم يتم تجهيزنا بالمحاليل اللازمة.

وأضافت أننا نواجه صعوبات في عدم توافر المحاليل الخاصة بأحد الأجهزة الحديثة. كذلك الأجهزة لدينا متوافرة، لكن المحاليل غير متوافرة وهذا يؤثر في عملنا. لكن مع ذلك لدينا كفاءات جيدة في المركز، لكننا نحتاج إلى وجود أعداد أخرى من العاملين في شعبنا بسبب وجود زخم في العمل.

وأكدت أن الانفجارات التي تحصل بالقرب من المركز تسبب ضغطاً على عملنا. لكننا نبذل قصارى جهودنا من أجل أن نقدم كل ما هو ممكن للجرحى عبر إجراء التحليلات المناسبة أما العلاج فهو من واجب المستشفى الذي يرقد فيه الجرحى.

وبينت أن الأطباء يثقون بالتحاليل التي تظهر في مركزنا أكثر من أي مركز آخر، لأننا نعد مختبرا مرجعيا. خصوصا بعد أن بدأت هناك أمراض تتفشى في العراق مثل الكوليرا والحصبة.

وقالت خالدة كامل إبراهيم مساعد مختبر طبي: إن عملنا يسير بشكل جيد لكنه لا يخلو من بعض المعوقات لاسيما في مسألة الحصول على المواد والأجهزة المختبرية.

في حين قالت الدكتورة آن عثمان، أختصاصية مايكروبايولوجي رئيس قسم الفحوصات المناعية: إن عملنا الفحوصات المناعية وكذلك فحص الأورام السرطانية ونقوم بدورنا على أحسن ما يرام رغم الظروف الصعبة التي يشهدها البلد. وبينت أن المختبرات الطبية في العراق تحملت الكثير من المهام الخطيرة ميدانيا لاسيما أثناء ظهور مرض الكوليرا في العراق، حيث ذهبت لجان إلى المناطق التي ضربها الوباء من أجل أن تكون قريبة منه وتشخص بشكل دقيق أسباب المرض.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"