المزيد من العطب

ليس إلا
14:46 مساء
قراءة دقيقتين

لا أدري ما الذي يحدث في الحياة العربية المعاصرة؟ يبدو لي أحياناً كثيرة أنها تتعرض لخراب ويعتور الكثير من جوانبها العطب، وعلى أكثر من مستوى، ليس آخرها السياسي بالطبع، إذ إن هذه الجبهة الأخيرة هي التي ربما جلبت الويل والعار على الحياة العربية في جوانبها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. لا استغرب أن أفتح عيني يوما وأرى أن الطيور البيئية التي تعودنا عليها وتعودت علينا، قررت فجأة الهجرة إلى أماكن وبقاع مجهولة، تطير إليها أول مرة هربا مما يتنزل على هذه البقعة العربية من بلاوي، هروبا مما يحدث في الجغرافيا العربية وفي الشعوب العربية بعضها بعضا.

منذ فترة دخلت في تفاصيل قصة لم تسرني وتمنيت ألا ادخلها في الأساس، لكن التفاصيل، وبما أن الشيطان يكمن في التفاصيل، جذبتني وضخت في روح الفضول. تلك القصة كانت تدور حول شخص يدعى فخري كريم، صحافي ومثقف وسياسي وناشط اجتماعي معروف تحديدا في العراق وبلاد الشام اكثر من غيرها من البقاع العربية الأخرى. فخري كريم يعمل اليوم بوظيفة رسمية كبيرة في العراق ويمتلك منابر إعلامية لا أعرف لها عدداً أو شكلاً. ومنذ فترة اقام دعوى على مجلة الآداب البيروتية العريقة التي لا يوجد من لا يعرفها من كتاب وقراء الجيل السابق والجيل الحاضر، بل ويعتقد أن الجيل القادم سيكون على علم بها وبدورها الكبير الذي قامت وتقوم به في الوقت الحاضر والمقبل من الأيام العربية.

طبعا انتشرت موجة عربية كبيرة من الاستنكار كيف أن شخصاً يعمل اليوم بوظيفة رسمية متنفذة وكبيرة يرفع دعوى على مجلة تعتبر مجلة كل مواطن عربي من المحيط إلى الخليج؟ ووجدت نفسي أوقع على عريضة تستنكر ما حدث بل وكل حادث مماثل ترفع فيه دعوى على مجلة أو صحيفة يومية أو على صحافي أو كاتب أيا كانت جنسيته أو جغرافيته.

بالأمس، وجدت قضية أخرى أكثر استغرابا وكانت أكثر استنكاراً عربياً من قبل المثقفين والكتاب والشعراء وبعض السياسيين. تدور القصة حول زميل، وهو صديق في الحقيقة، اسمه بول شاوول، صحافي لبناني إضافة إلى كونه شاعراً معروفاً وناقداً أدبياً ومسرحياً كبيراً تعرفه الساحة العربية كلها. القضية هي دعوى رفعها ضده أحد القادة السياسيين في الساحة اللبنانية هو الجنرال ميشيل عون يتهمه فيها بالتطاول على السياسة والسياسيين في لبنان، وخصوصاً على شخصه كقائد لأحد الأحزاب الكبيرة من خلال سلسلة مقالات تم نشرها.

غريب أمر هذه الأمة كيف وصل حالها إلى هذا الدرك المتدني.. وكيف وصلنا نحن كفئة ذهنية متقدمة اجتماعياً، كما يفترض، إلى هذا المستوى من التعامل، بينما كنا يوماً مخلوقات جميلة قابلة للعطاء الإنساني والحضاري؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"