المنامة استراحة في أحضان التاريخ

جبالها غنية بالمعادن وأرضها سهل خصيب
14:08 مساء
قراءة 5 دقائق

تنعم منطقة المنامة التابعة لامارة عجمان بمميزات جعلتها مكاناً فريداً منها أنها عبارة عن سهل مملوء بالحصى والرمال بجانب طبيعتها الخلابة بين جبالها الغنية بالماغنسيوم والكروم وأحجار البناء، وتشتهر وديان المنامة بالخصوبة الشديدة وانتاج المحاصيل الزراعية التي تقوم على مصدري ري جيدين ووافرين الأول فلج المنامة وفير الماء المقبلة من جبال المنامة والثاني مياه الآبار الطوي.

يعرف عشاق جمع الطوابع المنامة حيث كان لتلك المنطقة شخصية اعتبارية بريدية مستقلة، وصدر طابع اعتيادي لعجمان كتبت عليه كلمة المنامة Manama في 5 يوليو 1966.

كما كشفت البعثات الأثرية أن المنطقة عامرة بالمناطق ومقابر يرجح انها تعود الى الألف الثالث قبل الميلاد، وهذه المعلومة لا يعرفها الكثيرون من أهل المنامة الذين يبلغ عددهم 7 آلاف نسمة تتوفر لهم الخدمات الأساسية التي تعنى بمتطلباتهم الخدمية كالصحة والأمن والتعليم والكهرباء والماء وغيرها، ولكن لا شك أنهم يحلمون بالمزيد.

وللتعرف أكثر الى المنامة التي تبتعد عن عجمان حوالي 60 كيلومتراً مربعاً التقينا عدداً من ابنائها والمسؤولين عنها وكان في مقدمتهم راشد حمود وعمر الرجل يزيد على السبعين عاماً وأكد أن المنامة هو الاسم القديم الذي عرفت به المنطقة وجبالها واعتبر أن اسمها يتوافق وما فيها من هواء عليل وهدوء مميز عن مناطق السواحل سواء في عجمان أو الفجيرة.

وقال: نشأت في المنامة على الرعي للبوش الجمال والغنم وصناعة الصخام الفحم ونذهب لبيعه على الساحل الشارقة وعجمان وليس هو فقط بل ومعه الدهن والماشية ونأخذ البيزات لنقوم بشراء القهوة والملح والبهارات والطحين واعواد الكبريت والحقيقة اننا كنا رعاة ومزارعين في الوقت نفسه.

وعن عيشهم في ذلك الوقت كشف الوالد راشد أن أهل المنامة بنى لهم المغفور له الشيخ راشد النعيمي وقتها اكواخاً وبيوتاً من العريش الى جوار القلعة الشرقية أو القلعة الحمراء التي بناها جده قبل 250 عاماً، بما يسمى عند العرب وقتذاك الدخول في جوار الشيخ. حتى لا ينهبوا من قطاع الطرق ولصوص الجبال وقام الشيخ راشد من جانبه بتجهيز قلعته بأسوار عالية وأقام عليها برجين كبيرين اضيف لهما برج ثالث مؤخراً في عهد صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي.

وأضاف: استتب الأمن لسكان المنامة ودعم الشيخ راشد المنطقة ببناء فلج عميق يمتد من جبال المنامة الى القلعة الحمراء ساهمت في انتشار المزارع في المنامة التي أصبحت من أكبر الأماكن الزراعية في عجمان.

وأكد راشد حمود أنه اجاد صناعة الفحم وما يزال يضع القليل منه لاستخداماته الشخصية.

وعن رحلة التبادل التجاري لفت الى أن وسيلة التنقل لسكان المنامة كانت الحمير أو الجمال وكان من يسافر للساحل يسير في جماعة تضم عدة افراد يسافرون في ركب مكون من 5 جمال تكون محملة بالدهان السمن والفحم وكانت الرحلة تستغرق يومين كاملين.

وكشف ان المنامة تضم عدة حصون منها القلعة الحمراء أو القلعة الشرقية والقلعة البيضاء أو القلعة الغربية والبرج الأبيض في قرية النسيم التابعة للمنامة وبنى منطقة صخرية بيضاء واطلق عليها مربعة حصاة بويض وسبب التسمية أن المكان تميز ببعض الحصى البيضاء في سهل شاسع.

سعيد بن راشد حمود نائب مدير بلدية المنامة يحمل هم تاريخ المنطقة لذلك يذهب الى المناطق الغربية من منطقته مثل النسيم والرملة ليجمع آثار جرار الفخار القديمة، كما اصطحبنا في جولة الى تلك السهول والأودية والحصون ومنابع الافلاج وقنوات المياه والطويات.

وقال: المنامة تتميز بوسطيتها بين الساحلين الشمالي والجنوبي بين الفجيرة والشارقة وكانت رحلة التنقل بين المدينتين تمر بالمنامة ويستريح فيها المسافرون ويشربون من آبارها، أما رحلة أهل المنامة لعجمان فكانت تمر بالزيد التي تبتعد 16 كيلومتراً عن المنامة ثم صعدوا بعدها الى الرفيعة يتتبعون آثار الماء وتكون رحلتهم وفقا لخط الماء. وادلى سعيد بدلوه في مسألة التسمية للمنامة وقال: عرف لدينا ولدى من يزورون المنامة انها اسم على مسمى من حيث كونها مكاناً للنوم والاسترخاء وفي القديم لم يكن فيها سوى الحصن الذي يجمع حوله العشرات من ابناء الأسر والقبائل من اليماحي والزحمي والكعبي.

ولفت الى أن القبائل استوطنت وعاشت على التمر والرعي ورعاية حصن الشيخ راشد وكذلك ما بناه صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد من قصر في المنطقة واهتمامه بالمكان والاهتمام بأحوال الأهالي.

وأوضح ان بساطة عدد سكان المنامة في القديم دفع الناس الى أن يسيروا عشرات الكيلومترات في يوم الجمعة لأداء الصلاة في مسجد مسافي التابعة لامارة الفجيرة، حيث لم تكن هناك مساجد بالمنطقة وكانت بقية الأيام دون الجمع تؤدى الصلوات في البيوت وأشار الى أن اليوم تشهد المنامة والمناطق المحيطة صحوة في بناء المساجد والمؤسسات الخدمية للأهالي. من بين ما زرناه ومعنا سعيد بن راشد الطويان والفلج وتعرفنا إلى طوى اليازرة القديم بجوار القلعة الحمراء وهو نوع من الطويان التي كان يستخدم فيها الثور الشديد ليسقط كميات من الماء في قناة لسقيا الحرث والنسل.

واشار إلى أن الفلج نموذج من عبقرية القدماء الذين اقاموا قنوات الري المغطى للحفاظ على الماء من التبخر، ومنها فلج المنامة الذي يأتي من موقع مثقاب حيث جبال المنامة.

وتصب لمسافة كبيرة في حابوط وهو حوض كبير ليزرع عليه المحاصيل المعروفة وأهمها اشجار النخيل والسدر والسمر والغاف وتنتشر هذه الاشجار حسب قول سعيد في انحاء أودية المنامة مثل وادي البعية والصفصف.

من جانبه اشار محمد علي سيف السويحي رئيس بلدية المنامة الى أن الزراعة في المنامة لا تقتصر على النباتات دائمة الخضرة والاشجار بل تمتد إلى زراعة الخضراوات المعتادة كالطماطم والبصل وغيرهما وبعض أشجار الحمضيات كالليمون وأشجار المانجو.

وأضاف: الحرف القديمة التي عرفها سكان المنامة موجودة في أماكن كثيرة مجاورة وبالأخص الرعي وصناعة الفحم ولم يبق من هذه الحرف إلا ما يمكن أن يفيد كل أسرة بذاتها، فإلى اليوم يوجد من يصنع الفحم لاستخدامه أو يعتمد تربية الحيوانات في مزارع داخلية.

وعن التعليم في المنامة في الماضي أوضح السويحي أنه تعلم في البداية من خلال المطوع والذي اقتصر دوره على تحفيظ القرآن الكريم، وللذكور دون الإناث، ثم نفذ المغفور له الشيخ راشد بيوتاً عدة خاصة وأتى بمدرسين يعملون فيها ومع بداية الاتحاد بداية السبعينات تأسست مدرسة النعيمية وكان هو نفسه من أوائل الطلاب الدارسين فيها وضمت في البداية 40 طالباً من المنامة والأماكن المحيطة مثل ثوبان والحمية وسهيلة وتضم المدرسة حالياً قرابة 300 طالب.

الاهتمام بالمنامة وتطويرها في مقدمة اهتمامات الأهالي والتي نقلها لنا السويحي وأكد أن في مقدمة ذلك هو العناية بآثار المنامة وحصونها، وأنه من الوارد ترميم الحصن القديم والقلعة الحمراء اضافة للقلعة البيضاء الملاصقة لمبنى البلدية ونقل مقر البلدية لمكان جديد.

وأضاف: تتوفر خدمات أساسية تفي بمتطلبات أهالي المنامة كالصحة والشرطة والدفاع المدني ولدينا في مجال الصحة مركز مميز يستقبل حالات من الأماكن القريبة للمنامة لكن الأهالي يطمحون بتوفير سكن ملائم وبعض الخدمات التي وعدنا بتنفيذها قريباً مثل حديقة ترفيهية وملعب رياضي وشوارع داخلية.

بقي أن نشير إلى كلام حسين البادي الباحث التاريخي حول عجمان وكيف أن المنامة كانت نواة لتأسيس مدرسة للتربية العسكرية وقيامهم بتشجيع الشباب المواطن على الالتحاق بها من خلال رواتب مميزة وتعليم جيد وأنه بمضي الزمن تطورت هذه المنطقة والمدرسة وانبثق عنها الكثير من المدارس والكليات العسكرية المتخصصة في أنحاء الدولة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"