حسن أبو علي "الوزير الشعبي للثقافة"

أقدم وأشهر بائع كتب في عمان
13:24 مساء
قراءة 4 دقائق

كشك الثقافة العربية الصغير الواقع في شارع الملك فيصل الثاني في منطقة وسط البلد في العاصمة الأردنية عمّان يسجّل أقدم مقر رسمي لبيع الكتب في المدينة ومنذ ما يزيد على أربعين عاماً اعتاد صاحبه السبعيني حسن البير أبو علي الأشهر بين أبناء مهنته الاطلالة من نافذة حديدية ضيقة ليرصد حركة القراءة التي يجدها اليوم في تراجع كبير فيما لايزال يحتفظ بذكريات بداية عرضه الاصدارات على الرصيف حتى زيارة الملكة رانيا حرم العاهل الأردني واقتنائها بعض الروايات عقب تقليده وسام الاستقلال من الدرجة الرابعة ضمن مشوار مهني طويل توقف مع الخليج عند أبرز محطاته في الحوار التالي:

كيف بدأت علاقتك مع الورقيات؟

- اضطرتني ظروفي العائلية الى البحث عن عمل وأنا في العاشرة من عمري وأتيحت لي فرصة بيع الصحف فارتبطت من حينها بالأخبار اليومية قبل محتويات المجلات لاحقاً، وحيث اعتدت الجلوس للاستراحة على أحد الأرصفة ظللت احلم بامتلاك كشك صغير وسعيت إلى تحقيق ذلك تدريجيا حين بدأت في عرض كتب واصدارات أراد أصحابها التخلص منها أو أحضرها أصحاب دور نشر قريبة بعدما وجدوها وسيلة ايجابية للترويج وحرصت في كل مرحلة على ادخار مبالغ مادية متواضعة ساعدتني على ترجمة طموحي شيئا فشيئا .

ماذا تذكر من تلك المرحلة؟

- كنت صاحب أول كشك متخصص في عمّان وذلك قبل أكثر من أربعين عاما ورغم عدم إكمالي تعليمي المدرسي فإنني حرصت على تطوير قدراتي في القراءة حيث أبدأ يومي بمطالعة الصحف المحلية والعربية ثم الاصدارات الجديدة التي تصل إليّ وأتوقف عند بعضها بتمعن شديد فيما أكتفي برصد ملخصات سريعة بالنسبة لأخرى حسب محتوياتها ولا أتردد في تقديم نصائح ونبذة موجزة للراغبين في اقتنائها وأتذكر تهافتاً كبيراً على الكشك سابقاً وسط انفراده في المكان وطالما وافقت على تأجير الكتب وبيعها بالتقسيط وأحيانا منحها مجانا لفترة معينة لمن أثق بهم .

من أشهر زبائنك عموماً؟

- كثيرون ومنهم رؤساء حكومات سابقة في مقدمتهم زيد الرفاعي وعبدالرؤوف الروابدة ووزراء تناوبوا على مختلف الحقائب مثل حيدر محمود وزيد حمزة اضافة الى القاضي المتقاعد أسعد أبوطوق والكاتب الصحافي والأديب ابراهيم غيشان الذي يزورني بصورة شبه يومية، كما يمر الشاعر الفلسطيني سميح القاسم حال وجوده في الأردن وكذلك تردد في مرات فائتة الشاعر العراقي الراحل عبدالوهاب البياتي والمفكر البحريني محمد الأنصاري وبعض كبار القيادات وأصحاب المناصب الحيوية وأيضا الفقراء الذين تربطهم علاقة وطيدة بالكتب على اختلاف موضوعاتها .

ماذا اشترت الملكة رانيا حرم العاهل الأردني حين زارتك العام الماضي؟

- مجموعة اصدارات حول الأردن وروايتين للراحلين زياد قاسم ومنيف الرزاز وسألتني عن مستوى الاقبال على شراء الكتب واشارت الى ادراكها أنني احمل لقب الوزير الشعبي للثقافة الذي يردده بعض العامة والنخبة وأسعدتني زيارتها كثيراً لا سيما أنها جاءت بعدما قرر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني تقليدي وسام الاستقلال من الدرجة الرابعة ضمن أربعين شخصية مؤثرة في المجتمع تقديراً لجهودي وخدمتي الطويلة في مهنتي وشعرت وقتها بفخر واعتزاز وفرحة غامرة فاقت اجمل مناسبات حياتي، واعتبرتها خطوة للكلمة الحرة عقب مواجهتي بفترة قصيرة معضلة سحب بعض العناوين من الكشك والاعتراض على موقعه من جهات مختصة قبل أن تنتهي الأمور بسلام .

ما خلاصة الاعتراضات حينها وإلام آلت الأمور تحديداً؟

- فوجئت بمصاردة بعض الكتب ثم اخطاري بضرورة ترحيل الكشك أو اغلاقه تالياً، لكن سرعان ما حظيت بمعاملة راقية من مدير الأمن العام الذي أعاد جميع الاصدارات بعد فترة وجيزة من سحبها واشترى بعضها مثل دواوين شعر للعراقيين مظفر النواب وأحمد مطر كما بادرت أمانة عمان الكبرى الى تحديث الكشك ضمن مخطط تطوير منطقة وسط البلد ولا أنسى مواقف أوساط اعلامية وثقافية ساندتني ودعت الى الاحتفاء بمشواري بدلا من مضايقتي فيما ذهب عدد من أصحاب الاصدارات الجديدة الى تنظيم حفلات توقيع كتبهم في الباحة المقابلة أمامي .

ماذا يضم دفتر ديون قديم تحتفظ بنسخته؟

- أسماء زبائن قدامى بعتهم الكتب على الحساب حيث اعتدت ذلك ومنهم أصبحوا نجوم الفن والسياسة والثقافة وديونهم لا تتجاوز أساسا عشرات القروش وفق القيمة النقدية العتيقة وهم يتواصلون معي حتى الآن بلا انقطاع ونسترجع ذكريات مضت بود وألفة وأنا أحتفظ بالدفتر من باب هواية الابقاء على أغراضي التي تربطني بالبدايات .

كيف تجد الاقبال على شراء الكتب اليوم، وأيها مفضلة لدى الشباب بالذات؟

- للأسف هناك تراجع كبير في المطالعة خصوصا لدى الشباب وأعتقد أنهم يكتفون بحفظ المناهج الدراسية بلا بحث عن تنمية الفكر وأسهمت شبكة الانترنت والفضائيات في الابتعاد عن قراءة الكتب الورقية، أما غالبية الاهتمامات فتتجه الى الروايات لاسيما الفتيات بالذات ومنها الحب في زمن الكوليرا للعالمي غارسيا ماركيز وفوضى الحواس للروائية أحلام مستغانمي وغيرهما .

وماذا عن اصدارات السحر والسياسة؟

- أرفض بيع كتب السحر والدجل والشعوذة أو التي تتعرض للشرائع السماوية أو تخاطب الغرائز، أما اصدارات السياسة فباتت محدودة الطلب وكذلك سعرها في ارتفاع نوعاً ما .

حظيت بألقاب كثيرة فما أقربها اليك؟

- جميعها تبهجني لأنها صادرة عن عامة الناس وأهل مهنة الصحافة وأصحاب خير جليس ومنها شرطي سير الثقافة وحارس الكتب ووزير توعية الشعب ونصير الكلمة الصادقة وتورمومتر القراءة واتمنى أن أستحقها وأن أواظب على تقديم ما يفيد المجتمع .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"