طارق البلوشي.. صانع الجمال على الأحجار الكريمة

يدمج التصاميم التقليدية مع العصرية في «سوق مطرح»
02:23 صباحا
قراءة 5 دقائق
مسقط: «الخليج»

من قلب سوق الذهب المتفرع عن سوق مطرح التاريخي، يقف طارق بن محمد البلوشي في متجره الذي يبلغ عمره أكثر من 45 عاماً، يبيع مشغولات فضية ومجوهرات وحلي عمانية تقليدية تم إلباسها ثوب التصاميم العصرية ببراعة شديدة. البلوشي لم يدرس التصميم في أي جامعة أو معهد؛ بل أخذ فنونه منذ طفولته على يد والده الذي امتلك المهنة لسنوات طويلة فتعلم فنونها وأسرارها، ثم نجح بإقناع والده بضرورة اللحاق بالتصاميم العصرية لجذب الزبائن ومماشاة العصر الراهن. حلي من عقود وأساور وأقراط وميداليات وأحجار شبه كريمة وفضة خالصة وبراعة شديدة، صنعت تميز البلوشي وشهرته الكبيرة. وعن حكايته في هذا العالم المشبع بالجمال كان هذا الحوار..

} بدأت هذه المهنة صغيراً مع والدك، ثم أتقنتها وأحدثت فيها التغيير المتوقع من الشباب. حدثنا عن هذه البدايات.
- امتلك والدي هذا المحل في سوق الذهب منذ 45 سنة، وكان والدي يعمل في مجال الحلي التقليدية العمانية، ومنه تعلمت أسرار هذه الحرفة وأحببتها جداً وقبل 20 عاماً عندما بدأت العمل مع والدي أقنعته بضرورة إدخال بعض التغييرات على تصاميمنا لتصبح أكثر عصرية من دون التفريط بجوهرها التراثي، وهكذا مع الوقت أصبحت أقدم تصاميم عصرية تلائم زبائننا الذين ينتمي أغلبهم لجنسيات أوروبية. وأريد أن أنوه على أن جميع التصاميم تحمل توقيعي وتتم بشكل يدوي وتعلمتها بنفسي لأنني أحببت هذا العمل جداً.

} وهل تقبل والدك آنذاك التغيير مباشرة؟

- نعم، تقبل ذلك ببساطة لأنه شاهد منذ البدايات حجم إقبال الناس على تصاميمنا الجديدة. ونما عملنا حتى أصبح لدي ورشة اليوم تضم 5 عمال.

} حدثنا عن أنوع الأحجار التي تستخدمها في الحلي المتنوعة.
- نستخدم أنواعاً كثيرة من الأحجار شبه الكريمة، مثل العقيق، بعدة أنواع وأشكال والتركواز الذي يأتي من إيران بنوعية جيدة جداً والمرجان، حيث كنا نستخدم المرجان العماني الذي كان قبل 10 سنوات غالي الثمن جداً، أما الآن فتوقف استحضار المرجان بسبب قوانين حماية المرجان واللؤلؤ، لكننا استبدلناه بالمرجان الإيطالي، ويوجد المرجان الصيني إلا أنه غير مرغوب كالإيطالي. أيضاً أستخدم اللؤلؤ الياباني، ذا نوعية جيدة تتفوق على اللؤلؤ الصيني، ويكون اللؤلؤ إما من البحر أو من مزارع المياه العذبة، إلى جانب الزبرجد والعنبر والزفير الأصفر، وغيرها الكثير من الأحجار الكريمة.

} ما الحجر الأكثر إقبالاً من الزبائن؟

- السياح الأجانب عادة ما يقبلون على اقتناء الحلي المصنوعة من المرجان واللؤلؤ والياقوت، وبعض الأنواع الأخرى. لكن العُمانيين يرغبون باللؤلؤ بشكل أكبر، ويحبون التصاميم التراثية على أن تكون الفضة مطلية بالذهب من عيار 18 أو 21 حسب رغبة الزبون.

} ماذا عن تصاميمك وحفاظك على الطابع التقليدي مع مظهرها العصري؟

- كما قلت سابقاً أحرص في تصاميمي على الدمج بين الأسلوب التقليدي والعصري وأنوّع كثيراً بالأفكار والتصاميم بحيث يجد الزبون في كل أسبوع قطعاً وتصاميم مختلفة. ويوجد لدي تصاميم ذات طابع صوري (ولاية صور) وأخرى من نزوى وصلالة ومسقط وجميعها تختلف عن بعضها بعضا، وهي تصاميم تقليدية قديمة طعمتها بالحداثة من خلال بعض اللمسات العصرية في التصميم.

} أنت ابن سوق مطرح منذ سنوات طويلة، ماذا عن التغييرات التي طالت السوق في الآونة الأخيرة؟

- بالفعل السوق تغير كثيراً، فاكتسب حداثة وعصرية بشكله، لكن بالنسبة لي كان السوق أجمل قبل 20 عاماً وأتذكر كيف كنا ندخل من الباب الكبير إلى السوق ونشاهد المحال القديمة بشكلها القديم الرائع، وكان السوق فيما مضى أجمل بكثير لكن الآن صار شكله عصرياً أكثر وهذا ربما يعجب البعض.

} مرّ عليك الكثير من القصص والحكايات والأحداث ربما خلال عملك في هذا السوق. هل توجد لديك أية ذكرى مميزة ترويها لنا؟

- نعم لدي ذكرى جميلة، فقبل سنوات صممت عقداً للأميرة البريطانية كاميلا باركر زوجة الأمير تشارلز، عن طريق زبونة أجنبية كانت تعرفها. وارتدت العقد وكنت سعيداً جداً بذلك، وحين زارت عمان قصدتني بزيارة إلى محلي هنا لمقابلتي ولكنني للأسف الشديد لم أكن موجوداً وقتها وهذا أحزنني لكنها تبقى ذكرى جميلة.

} هل صنعت الحلي لشخصيات مشهورة أخرى غيرها؟

- نعم، لدي زبائن من شخصيات مرموقة في عمان ودول الخليج، لكنهم لا يحبذون أن أذكر أسماءهم.

} ما أكثر أنواع الحلي المطلوبة لديك، وكيف هي الأسعار؟

- أصنع كل شيء. من أساور وميداليات وقلادات، وأقراط وجميعها تتفاوت أسعاره بحسب الأحجار المستخدمة في تصميمها ووزن الفضة كذلك، فمثلاً هذه القلادة تتميز بتصميم ظفاري جميل وهي مصنوعة من المرجان الإيطالي وسعرها 280 ريالاً. وعموما فإن الأسعار تتراوح لدينا من 25 ريالاً إلى 800 ريال حسب القطعة والوزن والشغل.

}أسعارك إذاً ليست ثابتة.
- صحيح، فالفضة تتغير أسعارها يومياً، كما تتغير كذلك المصنعية وفقاً لتغير سعر الفضة وأتذكر أننا قبل سنوات كنا نتقاضى مصنعية تبدأ من 600 بيسة للغرام ووصلت في أيامنا هذه إلى 5 ريالات للغرام الواحد.

} وهل تأثر حجم عملكم بسبب ارتفاع الأسعار؟

- كلا الحمد لله، لم يقل الشغل ولدينا زبائن وطلبات يومياً من الخارج.

} هل فتحتم فرعاً ثانياً في أي مكان من مسقط؟

- كلا طوال 45 عاماً هذا هو المحل الوحيد لنا ومستمرون فيه بنفس المكان، ولا خطة لدي حالياً لافتتاح فرع آخر لأن لهذا الحل مكانته الخاصة كونه يقع في سوق الذهب ضمن سوق مطرح.

} هل علمت أولادك الحرفة كما تعلمتها؟

- نعم، لدي ولدي عبدالله يحب قليلاً هذا العمل، لكن أولادي الآخرين بشكل عام مهتمون بالتعليم والدراسة أكثر.

} ما نوع الصعوبات التي تواجهها في هذا العمل؟
- مسألة الوقت هي الصعوبة الكبرى لدي فأحيانا نحتاج إلى أسابيع وشهور لابتكار التصاميم وتركيبها واختيار الأحجار وألوانها المناسبة للتصميم.

} يأتي إليك سياح كثيرون للمشاركة في ابتكار وتنفيذ بعض قطع الحلي. كيف ابتكرت هذه الفكرة؟

- نعم أتيح لبعض الراغبين إمكانية أن ينفذوا بعض التصاميم، وبدأت هذه الفكرة مع زبائني الأجانب الذين كانوا يرغبون باختيار الأحجار للحلي التي يريدونا والمشاركة في تنفيذ بعض التصاميم الخاصة التي يبتكرونها ومن ثم تطورت الفكرة وأصبحوا يعملون معي.

} أخيراً دعنا نسألك عن لغتك الإنجليزية الجيدة جداً، كيف تعلمتها؟ وهل تجيد أية لغات أخرى؟

- اكتسبت لغتي الإنجليزية من الاحتكاك المستمر مع الزبائن والسياح المقبلين إلى السوق، كما أنني تعلمت القليل من الفرنسية التي أفهمها لكن لدي صعوبة بنطقها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"