غـرفـة فلسطيني متحف لآثـار سبـع حـضـارات

01:23 صباحا
قراءة 3 دقائق
غزة:أحلام حماد
براء السوسي، شاب فلسطيني، 20 عاماً، يدرس تخصص إدارة الأعمال في جامعة القدس المفتوحة في مدينة غزة، حوّل غرفته في منزله بحي الرمال وسط المدينة إلى «متحف»، يضم طوابع بريدية، ونقوداً ورقية ومعدنية، وقطعاً أثرية، تعود إلى سبع حضارات سكنت أرض فلسطين التاريخية.
بدأ براء السوسي هوايته في جمع الآثار، وهو في العاشرة من عمره، وطوال السنوات الماضية، كان يفضل شراء القطع الأثرية من جامعي الآثار والهواة، على أي نشاط آخر. براء الذي يدخر من مصروفه لزيادة ثروته الأثرية، يفتخر بأنه يقتني نقوداً وعملات معدنية وورقية تمثل معظم دول العالم، وبعضها يعود إلى حضارات قديمة استوطنت أرض فلسطين.
عن بداية قصة عشقه للآثار يقول براء: شاهدت للمرة الأولى قطعة نقود معدنية قديمة مع أحد أصدقائي، عندما كنت في العاشرة من عمري، فأعجبت بها وقررت من يومها جمع القطع النقدية القديمة. من ثم بدأت جمع طوابع البريد الفلسطينية القديمة، وتطور الأمر إلى جمع وشراء أي قطعة أثرية، حتى تزاحمت القطع في كل مكان داخل غرفتي وفي أرجاء المنزل.
يخرج براء في رحلات بحثية إلى الأماكن الأثرية في قطاع غزة، مثل «دير القديس هيلاريون»، و«تل أم عامر» في منطقة النصيرات وسط القطاع، وتل رفح الأثري على الحدود مع مصر جنوبي القطاع، بحثاً عن الآثار، للعثور عليها أو شرائها. وهو يقدر عدد القطع الأثرية والوثائق التاريخية، من طوابع وفواتير وشهادات، التي يمتكلها بأكثر من 6000، من بينها قطعة معدنية لعملة الروبل الروسية، هي الثانية من حيث الحجم عالمياً. ويشير إلى أنه يمتلك عملات لمعظم دول العالم، إضافة إلى قطع نقدية معدنية وورقية، تعود لمئات بل آلاف السنين، تمثل العصور الرومانية واليونانيـــــة والبيزنطيــــــة والعثمانيـــة والبطلمية.
في زاوية من غرفة براء، تتكدس ألبومات تعج بآلاف العملات الورقية، وأخرى معدنية داخل أوان معدنية ، أهمها عملة يونانية منقوش عليها طائر «البومة»، وهي من العملات النادرة، وعملات شهيرة كان يطلق عليها قديماً «سحاتيت». والزائر إلى هذا المتحف الغرفة، يلفت نظره صور فنية تمثل أشخاصاً وأزياء تقليدية من الحقبة الفرعونية، رُسمت حديثًا على أوراق (البردى)، بشكل فني عال ودقيق جداً.
خصص براء زاوية أخرى لمقابض وقطع فخارية أثرية، إلى جانبها أدوات تقليدية كانت تستخدم في مهن مندثرة، كانت تمارس في العصور القديمة، منها قطع من مادة الرصاص كانت تُطلى بها القبور في العهد الروماني، وملاعق من الفضة، وإبرة لحياكة الجلود والملابس، وأدوات للصيد، وموازين قديمة، وقوارير زجاجية تسمّى «مدامع» تخصّص لحفظ العقاقير، وقطع ذهبية كانت ترتديها النساء في العهد الروماني.
ويشير السوسي إلى مجموعة قطع أثرية تمتلئ بها أرفف خشبية، يقول إنها قطع من الفيروز والعقيق والمرجان واللؤلؤ الطبيعي، وتماثيل كنعانية، وقناع خشبي إفريقي، وتماثيل لقبائل إفريقية.
كذلك يمتلك براء مئات الوثائق والمستندات الفلسطينية، التي تعود إلى فترة ما قبل النكبة والاحتلال ««الإسرائيلي»» لفلسطين التاريخية في العام 1948، موقّعة باسم «حكومة عموم فلسطين»، فضلاً عن قطع من عملة الجنيه الفلسطيني الذي كان متداولاً في عهد الانتداب البريطاني.
يواجه براء عقبة تعترض طريقه لاستكمال رحلة البحث عن الآثار واقتنائها، تتمثل في المال اللازم لشراء القطع الأثرية، حيث يضطر إلى الادخار من مصروفه الشخصي من أجل الاستمرار في هوايته، للمساهمة في صيانة التاريخ الفلسطيني من الاندثار.
ويعتـــــب بـــــــراء علــــــى السلطــــة الفلسطينية، والسلطات المختصة، عدم إيلاء الاهتمام اللازم للآثار وهواة جمعها ودعمهم وتشجيعهم، من أجل حفظ هذه الثروة الوطنية، الأمر الذي تسبب باندثار مواقع أثرية من جراء عبث الناس غير المقدرين لقيمة هذه الآثار.
ويحلم السوسي بأن يتمكن يوماً من السفر للخارج، من أجل دراسة علم الآثار، واكتساب الخبرات اللازمة التي تؤهله للاستمرار وتطوير هوايته، وافتتاح متحفه الخاص لعرض مقتنياته الأثرية.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"