قليل من شمس الظهيرة يفيد الجسم

هل أخطأ الخبراء والأطباء؟
13:34 مساء
قراءة 6 دقائق

تجنبوا التعرض للشمس بين الساعة العاشرة صباحاً والثانية ظهراً . استخدموا الكريمات الواقية من الشمس . غطوا أجسامكم . . هذه كانت نصائح الأطباء لتجنب مخاطر تمضية أوقات طويلة تحت وهج الشمس، ولكن يبدو أن الخبراء والأطباء كانوا مخطئين .

فاعتباراً من العام الحالي، ثمة رسالة جديدة من معهد أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، تفيد بأن التعرض لأشعة الشمس لفترة تراوح بين 10 - 15 دقيقة في الظهيرة بدون كريمات الوقاية يعتبر مفيداً لجسم الإنسان .

لماذا حدث هذا التحول في المفاهيم الطبية؟

يقول المختصون إن نقص فيتامين دي (D) بدأ يظهر مجدداً، وبدأت تظهر العلل الناجمة من هذا النقص وأبرزها شلل الأطفال .

وتشير إحصاءات رسمية إلى أن واحداً من كل 1000 طفل يعاني حالياً تقوس العظام أو شلل الأطفال .

ويحذر الخبراء من تخوف الناس وعدم تعرضهم للشمس فترات طويلة من حياتهم لأن هذا قد يعني أن ملايين البالغين قد يكونوا في خطر .

وإلى جانب أمراض العظام التي تصيب الأطفال، يرتبط نقص فيتامين دي أيضاً بأمراض القلب والأوعية الدموية، وبالنوع الثاني من السكري، وبعدة أنواع من السرطانات، وكذلك بهشاشة العظام عند البالغين .

والمعروف أن فيتامين دي مهم وحيوي لامتصاص الكالسيوم ولتقوية العظام والأسنان، كما أنه مهم أيضاً لجهاز المناعة .

وفيتامين دي، يمكن الحصول على مقادير صغيرة منه بأكل السمك الذي يحتوي على نسبة دهون عالية، والبيض والكبد، بيد أن 80% من احتياجات الجسم من هذا الفيتامين يتم الحصول عليها من خلال عملية كيميائية تحدث عندما يمتص الجلد أشعة الشمس .

وللتعرف إلى المدى الذي وصلت إليه مشكلة نقص فيتامين (D)، طلب المختصون من خمسة متطوعين، من مختلف مناحي الحياة، أن يخضعوا لتحليل دم لتقييم مستويات فيتامين دي لديهم بواسطة خبيرة التغذية المرموقة د . مارلين غلينفيل .

وإلى جانب تفسير نتائج التحليل، أجرت الدكتورة غلينفيل تقييماً لأنماط حياة ونظم تغذية المتطوعين . وكانت نتائج الاختبار مذهلة .

وهنا استعراض للاختبار والتحليل:

حالة مدرسة فيزياء (29 عاماً)

مستوى فيتامين دي: 36 نانومولز/لتر .

مستوى فيتامين (D) المثالي يفترض ألا يقل عن 84 نانومولز/لتر .

تعمل شارلوت هاسلهرست (29 عاماً) أستاذة فيزياء في إنجلترا وهي تقول: لم أسافر إلى الخارج في السنة الفائتة، وعلى العموم لا أميل إلى تغطية جسدي عندما أكون في الخارج، ولا أستخدم كريمات واقية من الشمس .

لا أحب البيض وأكره الكبد، ولا أتناول أي مكملات غذائية، وأتناول وجبة سمك مشبع بالدهون مرة واحدة في الأسبوع . أعاني كثيراً نزلات البرد وعوارض صحية أخرى، وأعزو ذلك إلى عملي في التدريس وتعرضي لجراثيم كثيرة .

وفي السنة الماضية، انزلقت في الجليد وأصبت بكسر في رسغي، وقال طبيبي إن هذا النوع من الكسور يصيب في الغالب العجزة .

تعليق الدكتورة غلينفيل:

مستويات فيتامين (D) منخفضة للغاية عند شارلوت، ويمكنها أن تؤثر في جهازها المناعي، والكسر الذي تعرضت له قد يكون عرضاً آخر من أعراض ضعف جهازها المناعي وعظامها .

وأقترح عليها أن تمتنع عن استخدام منتجات تحتوي على مواد واقية من الشمس، ويمكنها عندما تكون الأجواء مشمسة أن تذهب إلى العمل من دون أن تضع مساحيق التجميل، وإذا لم تكن ترغب في أن يكون وجهها عارياً وجافاً، عليها أن تزيد تناول السمك المدهن والبيض، ومع كل ذلك من الضروري أن تتناول فيتامين (D) كمتمم منفصل لمدة ثلاثة أشهر لتعويض النقص الذي تعانيه .

حالة مدير علاقات عامة (47 سنة)

مستوى فيتامين دي: 7 .41% نانومولز/ لتر

المستوى المثالي: 84 نانومولز/ لتر

يعمل جستين كلارك (47 عاماً) مديراً لشركة علاقات عامة، أعزب ويعيش في لندن يقول:

أشعر بأن صحتي جيدة للغاية، لكنني أكافح نزلات البرد والسعال في العطلات الشتوية، عدا ذلك ليست لدي أي مشكلات صحية . وأعتقد أن الفضل في ذلك يعود جزئياً لتناولي متممات فيتامين (D) يوماً بعد يوم، وأحرص على أكل وجبتين أو ثلاث من السمك المشبع بالدهون كل أسبوع لكنني لا آكل البيض .

أستخدم كريمات وقاية من الشمس في العطلات وعندما أتعرض للشمس .

أشعر بخمول وتثاقل في الشتاء، وعندما أتناول المتممات أحس بأنني أصبحت أكثر نشاطاً .

تعليق د . غلينفيل:

مستويات فيتامين دي لدى جستين مثيرة للدهشة إذا أخذنا في اعتبارنا أنه كان يتناول متمماً، ويمكننا تفسير ذلك بأن مستوى فيتامين (D) لديه كان في الواقع أقل من 7 .41 نانومولز/ لتر قبل أن يبدأ في تناول المتمم، وبعد ذلك تحسن، كما أنه يأكل كمية جيدة من السمك المدهن في الأسبوع، وهذا يظهر أن النظام الغذائي وحده لا يكفي لتوفير مقدار مطلوب من فيتامين (D) .

حالة موظفة تسويق (26 عاماً)

مستوى فيتامين (D) 4 .24 نانومولز/ لتر

تعمل جوليا ريدل (26 عاماً) موظفة تسويق وتعيش في لندن

تقول جوليا:

بشرتي لا تميل للاسمرار كما ينبغي، وأفضل أن أغطي جسدي في معظم الأوقات، وأضع كريمات ومساحيق تجميل أو مرطبات للبشرة في معظم الأوقات، وهي تحتوي على مواد واقية من الشمس .

لا أتناول أي متممات غذائية على الإطلاق وألتهم وجبة سمك مدهن واحدة، وبيضة واحدة، كل أسبوع . ويمكنني القول إن صحتي على ما يرام باستثناء التوتر المرتبط بالإكزيما، وأعاني ضعفاً وانكشافاً، إزاء التهابات الحنجرة واللوزتين في الشتاء .

بشرتي فاتحة وبها شامات كثيرة، ولذلك أنا شديدة الحرص والحذر تجاه التعرض للشمس .

تعليق د . غلينفيل:

مستوى فيتامين دي لدى جوليا منخفض لدرجة تثير القلق .

أتفهم قلقها من تعريض بشرتها للشمس لأنها فاتحة وبها عدد كبير من الشامات، ولذلك ينبغي عليها أن تأخذ متمم فيتامين دي لأن نقص هذا الفيتامين سيؤثر قطعاً في جهازها المناعي، وعجز فيتامين دي لديها يفسر تعرضها المستمر لالتهابات الحنجرة واللوزتين في الشتاء .

حالة سائق (56 عاماً)

مستوى فيتامين (D): 5 .46 نانومولز/لتر

جيف هادو يبلغ من العمر (56 عاماً)، ويعمل سائقاً، يقول:

لا أتناول أي نوع من أنواع المتممات الغذائية، فيتامين دي أو خلافه . وعادة لا أتناول وجبة سمك غني بالدهون إلا مرة واحدة في الأسبوع، ولا أتناول البيض بتاتاً .

لا أعاني أية مشكلات صحية باستثناء نوبات متقطعة من حرقة المعدة .

وعلى الرغم من سفراتي المتكررة لبرشلونة خلال ال 12 شهراً الفائتة، وتعرضي لوهج الشمس كثيراً، فإنني لم أصب بسفع أو اسمرار البشرة، وقد يكون ذلك بسبب استخدامي لكريم عامل 15 الواقي من الشمس .

تعليق د . غلينفيل:

مستويات فيتامين دي لدى جيف ليست سيئة مثل الآخرين، لكنها ليست جيدة بما فيه الكفاية . وهو لا يتناول الكثير من فيتامين دي من نظامه الغذائي، وأنصحه بزيادة استهلاكه من السمك المشبع بالدهون ومن البيض أيضاً .

حالة موظفة إصلاح اجتماعي (61 عاماً)

مستوى فيتامين (D): 8 .46 نانومولز/لتر

نيكول ويلكرسون تبلغ من العمر ،61 وتعمل في مجال إصلاح وإعادة تأهيل المجرمين والجانحين .

وتقول: أعمل طوال الوقت، وبعد الفراغ من دوامي اليومي، أرعى والدي المسن، ولذلك أكون دائماً في أماكن مغلقة، وأشعر بأنني مرهقة في معظم الأوقات، لكنني على ما يرام عامة .

لا أتناول متممات، سواء كانت فيتامين دي، سمك مشبع بالدهون أو فيتامين متعدد، ولكن لأغراض التغذية السليمة، أتناول وجبة سمك مدهن مرة واحدة في الأسبوع وبيضة واحدة أيضاً أسبوعياً . وفي الصيف الفائت أمضيت عطلة في جنوب فرنسا وتعرضت بشرتي للاسمرار من وهج الشمس .

تعليق د . غلينفيل:

أعتقد أن مستويات فيتامين دي كان من المفترض أن تكون أقل مما هي عليه الآن، لولا تعرضها للشمس في السنة الفائتة، وأنصحها بزيادة استهلاكها وتناولها للسمك الغني بالدهون ليصبح مرتين لثلاث مرات في الأسبوع، وأن تزيد أيضاً من تناولها للبيض .

جرب المتممات

وهكذا اتضح من تحليل وتقييم اختبارات الدم التي أجريت على نماذج بشرية تم انتقاؤها عشوائياً، أن معظم الناس يعانون نقصاً حاداً في مستويات فيتامين دي .

وتقول الدكتورة غلينفيل إن هذه النتائج مطابقة لما تراه في عملها في لندن .

وقد كنا سابقاً نستخدم حقن فيتامين (D) لمن يعانون وهناً وعجزاً كبيرين لكنها لم تعد متوافرة . والمتممات التي تؤخذ بالفم يومياً، بدأت تنفد من الأسواق حالياً، ولذلك نحن نستخدم الآن كبسولات قوية جداً، يأخذها مرضاي مرة في الأسبوع لمدة ثلاثة أشهر لمعالجة نقص فيتامين (D) الذي يعانونه . والجرعة اليومية التي يعالج بها النقص ينبغي أن تكون 000 .10 وحدة 250 mcg من الكالسيفيرول، والجرعة اليومية للوقاية يجب ألا تقل عن 400 وحدة، وهذه الكمية نجدها في معظم المتممات الغذائية المعروفة التي تباع مباشرة للجمهور، ويجب عدم تناول جرعات كبيرة من دون استشارة الطبيب حتى لا يتم التعرض لأخطار الجرعات الزائدة .

ومن المهم للغاية خاصة للأطفال والحوامل أن تكون مستويات فيتامين (D) جيدة لأنها ضرورية للنمو الصحيح .

وفي العام الماضي أشارت الأبحاث إلى أهمية فيتامين (D) في الوقاية من السرطان، وفي تقوية العظام، خاصة الساقين .

وفيتامين (D) يوجد في أغذية قليلة جداً، فالكبد، والسمك المدهن، وصفار البيض، وفطر عش الغراب المجفف هي الأغذية الوحيدة التي تحتوي عليه .

ولا يوجد شك في أن الإفراط في التعرض لأشعة الشمس قد يسبب سرطان الجلد، ومع ذلك فإن ذلك قد لا يوفر ما يحتاج إليه الجسم فعلاً من فيتامين دي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"