مؤسسات تكسر حاجز عزلة المعاقين بشعار "لستم وحدكم"

استثمرت قدراتهم وجعلتهم أفراداً مبدعين
05:17 صباحا
قراءة 11 دقيقة

لستم وحدكم، شعار غير معلن رفعته كافة المؤسسات الرسمية والمجتمعية داخل الدولة في تعاملها مع ذوي الاحتياجات الخاصة، وهي تأخذ بأياديهم من توابع دائرة الإعاقة الضيقة إلى ساحة المجتمع الرحبة، ليؤدوا دورهم ويقدموا واجباتهم مستفيدين بما منحهم الله من قدرات لا تتوافر عند غيرهم على النجاح في مجالات كثيرة، في استثمار يعد الأمثل من نوعه، لما أبدعته عقول هذه الفئة المهمة من شريحة المجتمع .

الخليج رصدت نماذج لواقع وتجارب نجاح المؤسسات الرسمية والمجتمعية في كسر حاجز عزلة ما يزيد على 500 شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة من الجنسين بمختلف الأعمار، من المواطنين والمقيمين، في خلال فترة وجيزة من عملها في مناطق متفرقة على الساحل الشرقي، في المنطقة الشرقية لإمارة الشارقة، ومناطق إمارة الفجيرة وما حققته ميدانياً من ريادة في أداء رسالتها التي بفضلها استطاع أغلبيتهم أن يقدم إنجازات بعضها بسيط يتمثل في إبداعات فنية بالرسم والأداء والابتكارات العلمية الجديدة من نوعها، وأخرى متميزة رفع بفضلها علم الدولة في محافل علمية وثقافية ورياضية .

نادي خورفكان للمعاقين الذي يتخذ من كورنيش مدينة خورفكان مقراً له، يعد أبرز المؤسسات التي تقدم خدماتها لهذه الفئة على مستوى مدن ومناطق الساحل الشرقي، وهي خدمة لا تقتصر فقط على الجانب الرياضي، باعتبار النادي مؤسسة رياضية، ولكن يشمل الجوانب الأخرى التي تهم ذوي الاحتياجات الخاصة من المنتسبين إليه الذين يبلغ عددهم الآن أكثر من 180 عضواً، استطاع عدد منهم أن يحقق مراكز متقدمة في بطولات رياضية محلية ودولية، بحسب عبدالرزاق أحمد رشيد، رئيس مجلس الإدارة ونائب رئيس اتحاد غربي آسيا للمعاقين، فأشار إلى أن هذا الصرح أعلن عن إشهاره في إبريل/نيسان 2005 بمكرمة سخية من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وفي يوليو/تموز من العام نفسه أصدر سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي عهد ونائب حاكم الشارقة، قراراً بتشكيل أول مجلس إدارة له .

ويضيف عبدالرازق الرشيد إن النادي يخدم المواطنين والمقيمين من الجنسين، إناثاً وذكوراً على امتداد الساحل الشرقي، ابتداء من كلباء ومروراً بالفجيرة وخورفكان إلى أقصى مدينة دبا الحصن والمناطق التي تجاورها .

ويقدم النادي خدمات ثقافية لمنتسبيه متمثلة في ندوات محلية تعنى بذوي الإعاقة، ومحاضرات وأمسيات علمية ودينية وثقافية وتراثية، ودورات تدريبية في مجالات مختلفة بالتعاون مع الجامعات والمعاهد المعنية، ودورات تدريبية في تحفيظ وتفسير القرآن الكريم والأحاديث النبوية، إلى جانب أنشطة اجتماعية متمثلة في تقديم مساعدات مالية، وعينية للحالات المحتاجة، وتوفير العمل في الدوائر والمؤسسات الحكومية، وتنظيم رحلات معرفية لمناطق داخل الدولة وخارجها، وبحث حالة كل معاق وحل مشكلاته الاجتماعية، وتوجيه الفرد منهم نحو المؤسسات التأهيلية المناسبة لظروف الإعاقة بهدف التعليم والتأهيل، والتدريب والاعتماد على الذات .

بطولات دولية

وفي مجالات الأنشطة الرياضية، يقول إن النادي يهتم بالمشاركة في البطولات المحلية والدولية، وتنظيم معسكرات داخلية وخارجية، وتوجيه وإرشاد المنتسبين لممارسة الرياضة الملائمة لنوع الإعاقة .

ومن أهم الألعاب الرياضية التي يمارسها منتسبو النادي ألعاب القوى للرجال والنساء، وكرة السلة، (رجال)، وتنس الطاولة (رجال ونساء)، ورفع أثقال (رجال)، وكرة قدم إعاقة سمعية، وسباحة (رجال) .

كما تم استحداث لجنة خاصة لأنشطة الفتيات تهتم باكتشاف الموهوبات والمتميزات، وعمل حملات توعية بدور النادي في خدمة الفتيات المعاقات، وتشجيع وتفعيل الأنشطة النسائية بما يخدم ذوات الإعاقة بينهن . وأضاف أن ثمة صعوبات واجهتنا في بداية المسيرة التأسيسية للنادي تتعلق بإخراج هذه الفئة من المجتمع من البيوت، وخصوصاً الفتيات بسبب النظرة الاجتماعية السائدة، وقد نجحنا في إقناع ذويهن بأهمية مشاركتهن، وهذا الإقناع أخذ كثيراً من الوقت والجهد ما بين زيارات ومحاضرات وندوات في مؤسسات ومجالس خاصة، والحمدلله بدأنا نحصد ثمرة هذا الجهد الذي نعد بمواصلته، ولن نمل أو نكل في خدمتهم وصقل قدراتهم الخاصة .

أبطال رياضيون

من جانبه يقول محمد المهلبي، رئيس اللجنة الرياضية في النادي، إنه منذ بداية المسيرة وأبناؤنا المنتسبون يحققون مراكز متقدمة في مختلف الألعاب، وكانت باكورة النجاحات في بطولة تونس العربية الإفريقية لألعاب القوى، التي أقيمت في تونس عام ،2005 حيث حقق فيها لاعبو النادي ذهبية في ال 100 م كراسي متحركة للاعب جاسم راشد، وفضية 200م وفضية 400 م، وبرونزية رمي القرص للاعب جمعة سعيد .

كما كانت للاعبي النادي المشاركة في بطولات دولية، بعضها أقيم على أرض الإمارات، وأخرى في الخارج، تألق خلالها جاسم محمد راشد، وسيف الزعابي، وعبدالله المسباحي، ومريم خميس المطروشي .

وأشار مصباح إبراهيم، المدير الفني للنادي إلى أن عدداً آخر من اللاعبين تميز في البطولات المحلية المختلفة التي أقيمت داخل الدولة، أبرزها ملتقى دبا الحصن الدولي لرفع الأثقال للمعاقين لدول غربي آسيا، وبطولة ملتقى العين الدولي، وبطولة فزاع الدولية لألعاب القوى، وملتقى المغرب الدولي لألعاب القوى، وملتقى تونس الدولي لألعاب القوى، وبطولة كأس آسيا لألعاب القوة التي أقيمت في ماليزيا، وبطولة الألعاب العالمية للشلل والبتر، التي أقيمت في الهند، حيث تألق اللاعبون إسماعيل مصطفى، وعماد رضا، وأحمد علي الزيودي، وعبدالله حسن، وعلي سلمان السيابي، ومجد عبدالله النقبي، والحمودي وإسماعيل خميس، ومن الإناث موزة خميس، وثريا السعدي في الجري، وسلمى حسن وسمية عبيد في البوتشي .

رعاية وتأهيل

من أهم المراكز المعنية بخدمة المعاقين على الساحل الشرقي، يبرز نشاط مركز الفجيرة لتأهيل المعاقين الذي يعد أحد المراكز التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، وقد افتتحه صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة في نهاية عام ،1996 ويستفيد من خدماته في الوقت الحالي أكثر من 90 منتسباً من مختلف الأعمار، وفقاً لما أكدته عائشة النجار، مديرة المركز التي أشارت إلى أن هذا المقر يعد من أهم الأماكن المعنية برعاية وتأهيل فئات المعاقين بمختلف أنواع إعاقتهم من خلال تقديم خدمة متطورة يقوم بها مختصون في هذا المجال .

وأضافت أن المركز مهم لخدمة المنطقة كونه بوابة تربوية تعليمية وتأهيلية لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، فإلى جانب خدمة التعليم يقدم التدريب الرياضي والفحوص بهدف تحقيق أكبر قدر من الرعاية الصحية والنفسية الاجتماعية لهم، وإكسابهم المهارات الأكاديمية والمهنية اللازمة، والاندماج في المجتمع، والوصول بهم إلى أكبر قدر من الاعتماد الذاتي والتوافق النفسي .

وقالت: إن من بين الخدمات التي انفرد بها المركز، استحداث خدمتي مصادر التعليم والألعاب التربوية لخدمة أصحاب الإعاقات الذهنية والسمعية من البنين والبنات، وقسم الورش التأهيلية، ويقوم بتدريب طلاب ذوي الإعاقات الذهنية على صناعة وتغليف أفخر أنواع الشوكولاتة، وتنسيق زهور طبيعية وصناعية ودعاية وإعلان، وطباعة وأرشفة ومراسلات وزراعة .

جوائز التميز

وأكدت عائشة النجار أن المركز نجح في تحقيق أهدافه ويفخر بإنجازاته التي حصل عليها بعد أن نال جائزة خليفة للتميز التربوي ،2009 في فئات التميز التربوي والمعلمين وأفضل المبادرات التطويرية والإبداعية، وجائزة الأميرة هيا للتربية الخاصة فئة مشروع التربية الخاصة المتميز ،2009 وجائزة الشارقة التربوية فئة الطالب من ذوي الاحتياجات الخاصة خلال أعوام 2008 - 2009 - 2010 . إضافة إلى ذلك يعد مركز دبا الفجيرة من المراكز التي برز نجمها في رعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة بالمنطقة، حيث يستفيد من خدماته 69 طالباً بعد أن تم افتتاحه في مطلع عام ،2002 وتطبق بين أركانه رؤية ورسالة الشؤون الاجتماعية، ويضم خمسة أقسام معنية بتوصيل الخدمات، وهي التأهيل المهني للذكور، والتأهيل المهني للإناث، والإعاقة الذهنية والعلاج الطبيعي، والأنشطة المختلفة في كل المجالات .

وأوضحت منى سعيد عبيد هلال، مديرة المركز أن المركز نجح في دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في مختلف أشكال الحياة التربوية والاجتماعية والاقتصادية، وتحويلهم إلى أشخاص مشاركين في العملية التنموية وتنمية المهارات المتميزة للمعاقين وإشراكهم في جميع الفعاليات والمناسبات والأنشطة في داخل المركز وخارجه مع جميع فئات المجتمع المختلفة، كما أن المركز أصبح لمنتسبيه بمرتبة منزلهم الثاني، وعزز هذا التفاعل الإيجابي مع أولياء الأمور الذين يتم إشراكهم في وضع الخطط التربوية لأبنائهم إلى جانب وجود مجلس لأمهات الطلاب الذين كانوا يعانون في الماضي افتقاد هذه الخدمة .

الخدمات الإنسانية

مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في المنطقة الشرقية، من خلال مركزيها في مدينة كلباء وخورفكان، من أنشط المؤسسات المعنية بخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة من المواطنين والمقيمين، كما يشير إلى ذلك فايز محمد عيد جابر، مدير فرع المنطقة الشرقية، موضحاً أن فرع كلباء تأسس بمكرمة سامية من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تقديراً من سموه لحاجة المنطقة إلى هذه الخدمة، وقد باشر الفرع عمله في عام ،2004 وافتتح رسمياً في نهاية عام ،2006 والتحق بهذا الفرع 46 طالباً وطالبة . ويسعى الفرع إلى تمكين الطلبة المنتسبين إليه من التأهيل والتشغيل، والعمل على الحد من الإعاقة بالكشف، والتدخل المبكر لحماية الأطفال من خطر الإعاقة، حيث قدمت هذه الخدمة لنحو 18 طفلاً من خارج الفرع، و32 من داخله، وتقديم خدمة التثقيف عبر وسائل الإعلام والمعارض، والتواصل مع قطاعات المجتمع المحلي كالدوائر المحلية والشركات والمستشفيات ومراكز التنمية الأسرة، ومراكز التنمية والجمعيات الخيرية ومراكز التربية الخاصة . إضافة إلى تطوير الكادر الوظيفي من خلال التدريب الإداري والفني لرفع كفاءة العاملين، ويقدم خدماته من خلال 9 أقسام مهمة وهي الوفاء لتنمية القدرات والتأهيل المهني للذكور والإناث، ووحدة العلاج الطبيعي والإرشاد الأسري، والخدمات الاجتماعية والنفسية والحاسوب وعلاج النطق واللغة والأنشطة التربوية والخدمات العامة .

نماذج مشرفة

وأشار مدير فرع المنطقة الشرقية إلى أن من بين النماذج المشرفة في الفرع حسن عبدالله - 15 عاماً - وهو يعاني إعاقة عقلية محدودة، ومع ذلك متميز في التحدث بلغة الإشارة، وهو أيضاً فنان مبدع في الرسم وعاشق لدراسته، ومتفاعل جداً مع زملائه، وكذلك الطالب عاصم غانم (22 سنة) الذي استفاد من دراسته بقسم التأهيل في القيام بأعمال وأنشطة رياضية وزراعية كانت تلفت الأنظار إليه .

وأيضاً الطالب المتميز هندي جورجي راضي الذي يعاني إعاقة عقلية بسيطة، وحسن عبدالله سالم (23 سنة) الذي تميز في رسم لوحات فنية وإبداعية استحق عليها جوائز في أكثر من محفل، وكان أبرزها جائزة الشارقة في مجال التميز هذا العام .

وفي فرع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في خورفكان، قالت منى كرم، مديرة الفرع بالإنابة إن الخدمات المقدمة يستفيد منها 79 طالباً وطالبة، يقوم على خدمتهم 35 متخصصاً في التعليم والتدريب والتأهيل بعدد 11 قسماً وهي التربية الفكرية والأمل للصم والتأهيل المهني ذكور وإناث، واللغة والتخاطب، والعلاج الطبيعي، والإرشاد الأسري، والتدخل المبكر، والخدمات النفسية، والتسجيل، والخدمة الاجتماعية، وقسم الأنشطة اللامنهجية، وقسم الحاسوب والفنون والرياضة .

التربية الخاصة

بدورها لم تغب إدارات التربية الخاصة بالمؤسسات التعليمية عن القيام بدورها لخدمة هذه الفئة وفق الفلسفة والرؤية التي وضعتها وزارة التربية والتعليم، التي تهدف إلى توفير فرص التعليم القائم على القدرات الفردية لكل طالب من ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس الحكومية والخاصة بالدولة، بحيث تقدم لهم أفضل الخدمات التربوية التي تتناغم مع أفضل المعايير والممارسات العالمية لإعداد الطالب لحياة منتجة ومفيدة .

أحمد سالم المنصوري مدير مكتب الشارقة للتعليم بالمنطقة الشرقية أشار إلى أن الخدمات المقدمة من جانبهم لخدمة الدارسين من ذوي الاحتياجات الخاصة بكافة المراحل، تكفل رعاية تامة وشاملة لمختلف الفئات من الدارسين بالفصول المخصصة لهم في 45 مدرسة ورياض أطفال منتشرة بمناطق خورفكان ودبا الحصن وكلباء، تقدم لهم فيها خدمات التربية الخاصة، ويقوم على خدمتهم 52 معلم تربية خاصة واختصاصياً .

من جانبها قالت عزيزة الحمادي، منسقة التربية الخاصة في مكتب الشارقة التعليمي ومركز تطوير القدرات إن خدمات المركز التي بدأ تفعيلها في عام ،2007 تقوم على إعداد وتدريب المعلمين والاختصاصيين لضمان تقديمهم أفضل خدمة وفق المقررات الموضوعة من قبل الوزارة، من خلال طاقم تدريب من المتخصصين يقوم أيضاً بعمل دراسة وفحص للدارسين أنفسهم من ذوي الاحتياجات الخاصة لمعرفة نوع احتياجات كل دارس بعد تشخيصه طبياً ونفسياً وسلوكياً، وضمان تقديم هذه الخدمات بداخل الفصول إلى جانب إرشاد أولياء الأمور للخدمات المقدمة من قبل المراكز والمؤسسات الأخرى، ليتسنى لهم الاستفادة منها وإصدار نشرات وكتيبات توضيحية حول الاحتياجات، وكيفية الدمج لذوي الاحتياجات الخاصة، والتواصل مع المؤسسات والجهات الأخرى لدعم ومساندة هذه الأنشطة .

اهتمام المجتمع

خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة لم تنل فقط اهتمام المؤسسات الرسمية وإنما حازت أيضاً اهتمام جمعيات النفع العام، كما تقول مريم علي اليماحي، وهي خبيرة في مجال خدمات المعاقين وأمينة السر في جمعية الفجيرة الثقافية الاجتماعية التي من بين أنشطتها الاهتمام بهذه الشريحة، موضحة أنه تم وضع هذه الفئة في خطتها واستراتيجيتها، فكانت هناك برامج لزيارات ميدانية لمراكز ذوي الإعاقة في الإمارة، ومشاركتهم الفرحة في بعض فعالياتهم ومناسباتهم، ليس لمجرد الظهور، ولكن لإدماج هذه الفئة في أنشطة الجمعية واستشعار احتياجاتهم .

وأضافت، أن الملاحظ في عمل المراكز وما يقدم فيها من خدمات أنه أتى بثمار جيدة في وقت قياسي، وأحدث نقلة نوعية في حياة كل معاق مستفيد من هذه الخدمات، إذ حولته من شخص عاطل مريض إلى عضو فعال نشط في المجتمع ومنتج، كما أن الاهتمام من جانب مؤسسات الدولة الرسمية بخدمة هذه الأماكن وتزويدها بالجديد من الأجهزة والخبراء لا يخفى على أحد، خصوصاً أن المراقب لها يدرك أنها قياساً بأماكن أخرى تعد الأفضل من نوعها في المنطقة .

ودعاً للعزلة

المستفيدون من هذه الخدمات من ذوي الاحتياجات الخاصة أنفسهم ثمنوا هذا الجهد، الذي اعتبروه هدية قيمة من الدولة لهم، حتى وإن كان حقاً من حقوقهم .

منير محمد، أحد المستفيدين من هذه الخدمات، وعمره 21 سنة، قال: إنه يعاني إعاقة حركية، واستطاع أن يصقل موهبته وعشقه للرياضة من خلال التدريب والمتابعة من قبل المختصين في نادي خورفكان للمعاقين، وقد وفر لنا المسؤولون كل الإمكانات وحتى الحافلات التي تقلنا من المنزل في مدينة الفجيرة وصولاً إلى مقر النادي الذي فيه أيضاً أتيح لنا ما كان مستحيلاً أن نجده في مكان آخر .

ويضيف، إن أهم إنجاز أعتز به في حياتي أنني كسرت الحاجز النفسي بيني وبين الأسوياء من أصدقائي، فمنذ ولدت وحتى وصلت إلى سن الرابعة عشرة، وأنا أعاني العزلة والخوف الداخلي، وبعد انضمامي إلى النادي وممارستي الحياة الاجتماعية، بدأ هذا الهاجس يتلاشى شيئاً فشيئاً، وأصبحت جريئاً ومتحدثاً بعد أن كنت انطوائياً وخجولاً أخشى مواجهة الناس، وأكد ضرورة الاستمرار في تقديم الخدمات للمعاقين، فهم لديهم قدرة جبارة على صنع المستحيل وتحقيق ما يطمحون إليه، حسب قوله .

وقال جاسم محمد، 30 سنة، ويعاني أيضاً شلل أطفال، إنه تشرف بتمثيل الدولة في بطولة العالم التي أقيمت في الهند وحصل على مركز متقدم في لعبة سباق الكراسي المتحركة، والحصول على الميدالية الذهبية في بطولة العرب للمعاقين في القاهرة، سبقتها مشاركات أخرى في بطولات دولية وعربية، إلى جانب المشاركات في البطولات المحلية .

وأضاف، أدركت بعد هذا النجاح الذي حققته أنني لو كنت سليماً لم أكن لأصل إلى ما أنا فيه الآن، وأعترف أنني كنت في البداية متوتراً وأعاني الخوف والهزيمة الداخلية، لكنني اليوم على العكس تماماً، ولن أنسى أصحاب الفضل ومنهم ماجد العصيمي لاعب ورئيس اتحاد المعاقين في الإمارات، الذي شجعني واتخذته مثلي الأعلى في حياتي، والشكر موصول إلى كل من ساهم في إيجاد هذه المراكز، خصوصاً أن خدماتها وأثرها لا ينتهي بمجرد الخروج من أبوابها، فنحن بحكم تجربتنا نقول إنها كانت سبباً لأن نعيش من جديد واستبدلت نظرات الآخرين لنا من الشفقة إلى الدعم والمؤازرة، ووجدنا أنفسنا في معترك الحياة ننافس ونتنافس في الأنشطة والعمل والبحث عن الأفضل في تطوير أدائنا، وجعل أيامنا تمضي كما نريد وليس كما إعاقتنا تريد .

قدرات كامنة

بدورهم أكد أولياء الأمور أهمية الخدمات المقدمة لأبنائهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، والتي وصفوها بأنها صاحبة فضل في تغيير كلي لمسارهم، وقالت والدة الفتاة فاطمة العبدولي، التي تبلغ من العمر 20 عاماً، وتعاني إعاقة الصمم، إنها انتفعت بالخدمات المقدمة من كافة المراكز والمؤسسات المعنية بخدمة المعاقين لأجل مصلحة ابنتها، والتي أسهمت بشكل كبير في تغيير مسار حياتها، فبدلاً من الجلوس في المنزل رهينة الإعاقة أصبحت ابنتي متفاعلة جداً، وكشفت الرعاية التي حظيت بها عن قدرات كامنة بداخلها، ونسبة الذكاء العالية التي تتمتع بها، فهي الآن تقوم بمساعدة أشقائها، وهم أسوياء في زيادة معلوماتهم الدراسية في مادتي الرياضيات واللغة الإنجليزية، كما أنها أجادت باحتراف الحاسب الآلي، وحصلت على عدد من الجوائز بعدما حققت مراكز أولى في مسابقات رياضية وعلمية .

وقال أحمد محمد غريب، والد خالد 28 عاماً، ويعاني إعاقة عقلية محدودة، إن خدمات المراكز التي قدمت آتت ثمرها بعد أن أهلت ابنه للعمل وأصبح موظفاً في إحدى المؤسسات المهمة بالفجيرة، ويمارس حياته الطبيعية، من دون عوائق تذكر، ومن اللافت للنظر أن المركز الذي كان يدرس فيه خالد لم ينسه حتى بعد تخرجه، وانخراطه في الحياة العامة وأشغال العمل، فهو حريص على التواصل مع مدربيه ومعلميه ومشاركة المنتسبين للمركز كافة المناسبات الاجتماعية والحفلات والرحلات، في لفتة تواصل مع من صنعوا له الجميل، فهو يرى أن المركز بيته الثاني، فيه تدرب وتعلم ومنه خرج للحياة بشكل طبيعي .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"