متحف شهوان.. ملتقى حضارات في غزة

جمع أكثر من 10 آلاف قطعة أثرية في 30 عاماً
23:52 مساء
قراءة 3 دقائق
غزة أحلام حماد:

ظل الفلسطيني مروان شهوان مولعاً بالتاريخ والآثار منذ سنوات شبابه الأولى، وعلى مدار العقود الثلاثة الماضية، تمكن من جمع آلاف القطع الأثرية، إلى أن نجح في تحقيق حلم طفولته، وافتتح «متحفاً» شخصياً عرض فيه كنزه الثمين.

يشعر المتجول في متحف شهوان، القائم على مساحة مئتي متر، بأنه ينتقل مع الآثار عبر الزمن، ويعايش الحضارات التي سكنت غزة، أو مرت بأرضها ذات يوم.
ويقول شهوان إنه نجح في جمع أكثر من عشرة آلاف قطعة أثرية على مدار 30 عاماً، وظل يحتفظ ويعتني بها كأبنائه، إلى أن تمكن من عرضها في متحفه الشخصي، كي يتمكن المهتمون ومحبو الآثار من مشاهدتها.
ولا يزال شهوان يتذكر أول قطعة أثرية اقتناها في بداية حياته، وفي مستهل رحلة اهتمامه وجمعه للآثار، ويقول: اقتنيت أول قطعة وكانت عبارة عن تحفة نحاسية جميلة على شكل براد، ابتعتها من السوق، واكتشفت فيما بعد أنها أثرية ثمينة، وتعود لعهود قديمة.

منذ ذلك الحين بدأت قصة العشق بين شهوان والآثار، وانطلق في رحلة البحث عن الآثار وتقفي أماكنها، حتى حقق حلم طفولته، وافتتح متحفه الشخصي الذي يحتوي على آلاف القطع والتحف الأثرية التي تعود للحضارات الفرعونية واليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية والمملوكية والعثمانية التي كان لها حضور على أرض فلسطين.

وفي متحف شهوان تبدو خبرته ومعرفته الواسعة بالآثار، ظاهرة من حيث عرض القطع الأثرية وتقسيمها إلى أجنحة ليروي كل جناح ما يحتويه من آثار تاريخ وحكاية حضارات غارقة في الزمن.

ويلفت انتباه الزائر إلى أن متحف شهوان ذلك الجسر الحديدي العثماني المعلق في السقف، وقد بدا عليه نقش نصه: «من خيرات أمير المؤمنين السلطان الغازي الثاني عز نصره»، ويسجل مناسبة لافتتاح سكة حديد ربطت غزة بالحجاز، بما يعكس أن السفر والترحال من غزة وإليها كان متيسراً وسهلاً قبل عشرات السنين، فيما تعيش اليوم حصاراً خانقاً مستمراً منذ تسعة أعوام، ويحرم أكثر من مليون و800 مليون نسمة من أهلها، سبل الحياة والعيش الكريم.
ويحتوي المتحف على أنواع كثيرة من الأواني الفخارية، التي تعود لعهود وأزمنة تاريخية مختلفة، وأدوات زراعية متعددة الأشكال، إضافة إلى سلال وقيود حديدية مختلفة، وسُرُج الأحصنة، والأقفال.

علامات فخر

وعند مدخل المتحف يلفت نظر الزائر، محراث زراعي نادر، ومحاريث أخرى يدوية الصنع عرفها المزارع الفلسطيني قبل عشرات السنين، وفخاخ لصيد الطيور، وجرة معدنية يدوية الصنع لحفظ الدواء.

وقال شهوان وقد بدت على قسمات وجهه علامات الفخر بما حققه من نجاح على مدار ثلاثة عقود من رحلة العشق مع الآثار، إن متحفه الشخصي المتواضع يضم قطعاً أثرية تروي حكاية سبع حضارات، مرت بأرض فلسطين التاريخية ودول الجوار.

وأوضح أن القطع الأثرية في المتحف متنوعة الأشكال والصناعة، فمنها النحاسي والصخري والجلدي، فضلاً عن وجود قطع أثرية وطيور وحيوانات محنطة، ومكائن خياطة قديمة، ومناشير وسلحفاة كبيرة الحجم، وبوصلة لتحديد الاتجاهات.
ولا يمل شهوان في الحديث عن الأجنحة التي قسمها داخل متحفه، ويقول إن هناك عدة أجنحة مميزة، ومنها الجناح المخصص للوسائل القتالية القديمة، الذي شمل طبول الحرب وقذائف المنجنيق الصخرية، كروية الشكل، والرماح والسيوف والدروع والألغام، إضافة إلى أسلحة وصناديق رصاص تعود لفترة الاحتلال البريطاني، والتي تم عرضها بطريقة تأخذك عبر التاريخ مئات السنين للخلف.
كما يحتوي هذا الجناح على أسلحة وملابس عسكرية بيزنطية تتنوع ما بين السيوف والرماح والحراب والدروع، بالإضافة إلى بعض الخناجر والسيوف العثمانية.

وخصص شهوان جناحاً للتراث الفلسطيني، يحتوي على ملبوسات فلسطينية قديمة وفراش وأثاث وأبسطة وأغطية كانت تستخدم في المجالس والبيوت، إضافة إلى آلات العزف والدف لإحياء المناسبات والأعراس الشعبية.

كما يحتوي هذا الجناح على مطاحن صخرية للقمح وأحواض غطس للأطفال ومسامير حديدية طويلة كانت تستخدم في صناعة السفن والمراكب وقطع برونزية ونحاسية.

وعلى أرفف خشبية، وضع شهوان الكثير من الأواني النحاسية النادرة وأباريق وبكارج قهوة وأسرجة زيتية للإضاءة وتحف متنوعة وغلايين التدخين وأدوات الحلاقة القديمة ومكاييل الوزن النحاسية وربع صاع، كتب عليه «مد نبوي»، يعود إلى العهد الإسلامي.
وشارك شهوان في معارض محلية نظمتها وزارة السياحة والآثار، وحصل على شهادات تكريمية، تقديراً على اهتمامه وحرصه على حفظ التراث الفلسطيني من الاندثار.
ويأمل شهوان في توفر الدعم الرسمي والأهلي الذي يساعده على إيجاد مكان أفضل وأكبر يقيم عليه متحفه، ويستطيع من خلال عرض كنزه الأثري، بطريقة أفضل أمام المهتمين والزائرين.‏

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"