مسلسل واحد لا يكفي

03:55 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

«الأتراك قادمون»، هذا العنوان لا شك صنع من أجل استفزاز بعض دول وشعوب العالم، ولا شك أنه اختير بعناية شديدة؛ كي يحمل رسالة سياسية، فيها الكثير من التهديد والتهويل والتخويف المبطن.
السينما التركية تريد تمجيد التاريخ العثماني، وإظهار «عظمة إنجازات رجاله»؛ من خلال فيلم «سيف العدالة: الأتراك قادمون»، الذي يعرض في يناير/‏كانون الثاني المقبل. نحن أيضاً نريد إظهار التاريخ العثماني، إنما بوجهه المختلف، وبالوقائع والحقائق كما هي. ولعل «ممالك النار»، الذي تقدمه «إم بي سي»، يعرض بعضاً من هذا التاريخ الدموي.
الأتراك تسللوا إلينا عبر الدراما الاجتماعية الناعمة قبل سنوات، حتى تمكنوا من غزو عقول المشاهدين العرب، الذين صاروا الحطب الذي يغذي مواقد السياحة المشتعلة في تركيا صيفاً وشتاء. وبعد تمكنهم من الأسواق العربية، كشفوا أوراقهم، واستكملوا غزوهم؛ لكن هذه المرة من خلال الدراما، المصنوعة بإتقان شديد في كواليس السياسة، والمحاكة بأكاذيب تغيّر مجريات الأحداث وطبيعة الشخصيات والجرائم التي ارتكبتها. ومن التلفزيون إلى السينما، يكبر الإنتاج «التاريخي- التركي»، وتخصيصهم مبالغ ضخمة للإنتاج الفني؛ بهدف غزو العقول العربية والعالمية.
«ممالك النار» نتابعه باهتمام ونسعد به، رغم العيوب التي تشوبه. كل ما فيه كاد يكتمل لو أن الكاتب محمد سليمان عبد المالك توسع في تفاصيل مهمة تعطي الأحداث أبعادها التاريخية، بدل التركيز فقط على سليم الأول وطومان باي، بينما يدور في فلكهما أمراء وقادة يلعبون أدواراً تترك أثراً في تغيير المصائر، ونحتاج لفهم ماضيها وخلفياتها. المخرج بيتر ويبر أيضاً لم يقدم في الحلقات العشر الأولى مشاهد قتالية تحفر في المخيّلة صوراً ملحمية عن مرحلة تاريخية مهمة.
النجوم العرب يتنافسون في الأداء، أما خالد النبوي، فهو الحصان الرابح، مرتاح جداً بدور طومان باي، ولعله الدور الأجمل والأكثر إبرازاً لنضج النبوي وموهبته وخبرته. أيضاً، لعب محمود نصر دور سليم الأول، وهو دور صعب لشخصية دموية لا ترحم ولا تعرف الحب أبداً. طبيعي أن تكون شخصية استفزازية، إنما أداء محمود نصر شابه بعض التشنج خصوصاً في الحركة البدنية والنظرات. وفي المقابل تميز معتز هشام بنفس الدور (سليم الأول) في سن المراهقة، هو مفاجأة المسلسل، لدرجة أننا تمنينا استمرار وجوده حلقات أطول، ونتمنى أن يكون الدور ولادة له في عالم التمثيل، علماً أن حلقتي البداية قدمتا مجموعة من الأطفال والشباب تم اختيارهم بعناية، واستطاعوا شد الجمهور إلى المسلسل سريعاً.
إتقان في الأزياء والإكسسوارات والتصوير. أما الموسيقى التصويرية (تتر المسلسل)، فقد ذكرتنا إلى حد التطابق بموسيقى مقدمة المسلسل اللبناني «ثورة الفلاحين» لإياد الريماوي، والتشابه يتطابق أيضاً في إخراج المقدمة ورموزها، فهل هذه صدفة؟
لا نكتفي بمسلسل واحد أو فيلم ناجح يصيب الهدف في مرمى أي «عدو»، لا سيما إذا كان يضع ثقله في إنتاج أعمال فنية يستخدمها سلاحاً لغزو عقول جيرانه ودول العالم به.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"