ورشة عالمية وفرصة تبادلية

آراء المشاركين في ملتقى الشارقة لفن الخط العربي
04:25 صباحا
قراءة 11 دقيقة

يشارك في الدورة الثالثة لملتقى الشارقة الدولي لفن الخط العربي أكثر من 200 خطاط وفنان من مختلف دول العالم، يعرضون ما يقارب 600 عمل فني. ويتميز ملتقى الشارقة عن الملتقيات الأخرى الدولية بأنه يوجه الدعوة لجميع التيارات الموجودة في هذا المجال من دون استثناء. وقد عبر الفنانون والباحثون الذين التقتهم الخليج الثقافي عن سرورهم بالمشاركة في هذا الحدث الثقافي وأكدوا أن الشارقة تحقق وبنجاح كبير الوصف الذي اختارته لنفسها والذي اعترفت لها به جميع العواصم والحواضر العربية، وهو أنها بحق عاصمة دائمة للثقافة. كما أشاروا إلى أن هذا الملتقى يمثل إضافة نوعية إلى المشهد التشكيلي، خاصة على مستوى المشاركات ونوعيتها ومستواها، إضافة إلى

الاحتكاك والتواصل الفاعل بين الخطاطين والتشكيليين، الذي يحققه هذا الحدث لمدة شهرين كاملين، فضلا عن الحضور المكثف والنوعي للجمهور سواء بغرض الاطلاع أو الاقتناء أو حتى حضور الورش التي يقيمها الخطاطون لتلاميذ المعاهد والتي يمكن للمتلقي حتى وإن لم يكن متخصصا، أن يتعلم منها الكثير. ومن المفردات الجميلة والمواكبة في هذا الملتقى أيضا والتي لاحظها المشاركون، استضافة تجربتين متميزتين في مجال الحروف الطباعية، وهو مجال فني يتقاطع ويشتبك مع الوسائط الإلكترونية والإعلامية الحديثة مثل الكمبيوتر وغيره، الأمر الذي يدفع بهذه التظاهرة الدولية نحو آفاق أرحب من الاستقطاب والاستيعاب لكل ما هو جديد عبر العالم.

عبر الدكتور عمر محمد الحسن درمة عميد كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في جامعة السودان، عن إعجابه بملتقى الشارقة لفن الخط العربي، وقال: إنه يُعتبر من النجاحات الكبيرة لحكومة الشارقة التي استطاعت ومنذ زمن طويل، أن تجمع كل الخطاطين من الدول العربية والإسلامية من أجل المحافظة على استمرارية جماليات الخط العربي الذي يعتبر من ضمن الرصيد الثقافي اللامادي للإنسانية كلها فيما أتصور. من المعروف أنه في مرحلة من المراحل السابقة، كاد الخط العربي أن ينسى ويندثر، لكن مركز الأبحاث في التاريخ والفنون والثقافة الإسلامية في إسطنبول إرسيكا التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قام بالعمل على حفظ هذا التراث العربي الإسلامي الإنساني من خلال تنظيم مسابقات ولقاءات شارك فيها أغلب الخطاطين العرب الذين لم يكونوا يجدون العناية والاهتمام. وكانت المفاجأة عندما ظهر على الساحة خطاطون شباب. كانت تلك المسابقة تجرى كل سنتين لكنها كانت محدودة من حيث عدد المشاركين فيها، قد يكون السبب ذا علاقة بمكان وجود مقر منظمة إرسيكا. من هنا تحول حلم الخطاطين العرب والمسلمين وحتى من غير العرب والمسلمين، إلى إمارة الشارقة التي أتصور أنه كان لها دور كبير جدا في مجال الاهتمام بالخط العربي والخطاطين من خلال تنظيم هذا الملتقى الذي هو الآن في دورته الثالثة، لأنه مع كل دورة نلاحظ أن عدد المشاركين يزيد على الدورة السابقة. الشارقة تولي اهتماما لا نظير له في العالم كله بهذا التراث الذي أصبح محل اهتمام ومشاركة من جميع الثقافات البشرية من دون استثناء لما له من جاذبية وسحر وطاقة وعمق فكري فلسفي وروحاني.

أتصور أن ما يجري في الشارقة اليوم، هو أكبر وأحسن رد على من يقولون إن ظهور الكمبيوتر وغيره من وسائط الاتصال والتكنولوجيات الحديثة، قد يؤدي إلى انحسار الخط العربي، حيث كانت همة هؤلاء الشباب ومن سبقوهم في العودة بالخط العربي إلى ألقه ومجده السابق، وفعلا فإن ما نلاحظه هو أن الأعمال الجديدة التي نراها اليوم في معارض وملتقيات الشارقة، كأنها آتية من الزمن الماضي وكأن الخط العربي لم يفقد شيئا من تألقه القديم الذي طبقت شهرته الآفاق. هذا لا يمنع من حداثة الأعمال المعروضة وجدتها من حيث أنها تعكس روح الخط. أتصور أن ملتقى الشارقة لفن الخط العربي في تطور دائم ومستمر، لأن كل دورة تختلف كما ونوعا عن سابقاتها.

وفي كل مرة يأتي خطاطون وفنانون من مختلف دول العالم إلى الشارقة، فيلاحظون كل ما هو مستجد على الساحة من مبادرات وإبداعات في هذا المجال، ويذهبون بأفكار جديدة يشتغلون عليها ويرجعون بجديدهم في العام المقبل وهكذا.

من هنا أصبح ملتقى الشارقة فعلاً، مدرسة حقيقية وورشة تفاعلية دائمة لفن الخط العربي. واللافت في هذه الدورة أيضا هو المشاركة المكثفة من طرف جيل الشباب الذي لم نكن نراه سابقا يحضر بهذا العدد، وهذا يدل على أن هذا الملتقى ينظر باستمرار إلى الأمام ويبحث عن كل ما هو جديد.

ويقول الفنان تاج السر حسن: تحقق الشارقة وبنجاح كبير الوصف الذي اختارته عاصمة للثقافة، وتحافظ على هذا الدور باستزادة وتفعيل للنشاطات الثقافية والفنية في دوراتها المتجددة.

فما إن يدخل الشهر الثالث في كل عام، إلا وينشط المسرحيون في تجميع حصادهم السنوي وعرضه في أيام الشارقة المسرحية، لينشغل المتابع المهتم بالمسرح والدراما فتجدد النفوس والأرواح.

وتختتم الأيام المسرحية - ذات الطابع المحلي - فعالياتها وتسلم راية التحريك الثقافي لملتقى الشارقة لفن الخط العربي (بينالي الخط)، والذي يعد فعالية دولية ونجماً توأماً لبينالي الشارقة للفنون، ويتعاقبان في الظهور مرة كل عامين.

ونحن في غمرة الفرح بالافتتاح الكبير لملتقى الخط وبلقاء عدد كبير من مبدعيه وحضور الفعاليات من ورش وندوات تطالعنا إعلانات أيام الشارقة التراثية التي تبدأ في التاسع من أبريل/نيسان وبين هذا وذاك كان البينالي الأول لفنون الأطفال وفعاليات ثقافية اخرى، وفي هذا الزخم من البرامج لا بد من أن يرتب المرء نفسه ووقته كي يستمتع ويستفيد ولا يفوت على نفسه شيئا.

وإذا رجعنا لملتقى الخط في دورته الثالثة فنجده يضم أفضل المنتخبات من أعمال الخطاطين لكونه يشترط في نظامه الأساسي ما يحقق أهداف الجدة والابتكار والابداع علاوة على تحقيق الأصالة في الأعمال التراثية (بأساليب الخطوط المعروفة)، وكذلك في أعمال التصوير الخطي التي غدت تعرف الآن بالحروفية.

يتبارى الخطاطون الدوليون والمحليون في المشاركة بأفضل أعمالهم وأجملها، فينعم المشاهد المتلقي بتذوق وتعرف القيم النوعية التشكيلية لفن الخط العريق.

نستطيع القول إن الخط كفن، وعبر مبدعيه من الفنانين، قد استطاع ان يحقق - وتحديداً في العقدين الأخيرين - وجوداً متميزاً كفن بصري له خصوصيته الفريدة التي تمزج بين جرافيكية الكتابة، وتمددات الصورة في المنتج التشكيلي المعاصر.

إن الإمارات العربية المتحدة، والشارقة بخاصة قد أضحت مركزاً لفعاليات ومعارض الخط العربي، وقبلة لها يحج إليها المبدعون والمتذوقون لهذا الفن، وهنا نتلمس أهمية الملتقى وتأثيره في المشهد الثقافي.

ويؤكد محمد النوري ان ملتقى الشارقة لفن الخط العربي يمثل في دورته الثالثة إضافة نوعية للمشهد التشكيلي في الإمارات قياساً بالدورتين الفائتتين وخصوصاً على مستوى المشاركات ونوعيتها وعددها الى جانب المعارض الشخصية والندوة الفكرية، أما على مستوى الفنانين أنفسهم فيقول محمد النوري: الفنان يستفيد من الملتقى على المستويين الفني والفكري، لأن الملتقى أصبح من أهم المعارض الدولية ولأنه يستمر لمدة شهرين، وهو ما يتيح للمتلقي سواء كان فناناً أو جمهوراً عادياً فرصة للاطلاع والتأمل في الأعمال المعروضة.

ويضيف النوري: بالنسبة للجمهور بدأنا نلاحظ حضوره المتميز عن الملتقيات السابقة، بعد ان أصبح فن الخط طليقاً ولم يعد فناً محدوداً حبيس المتاحف، وأصبحت اللوحة الحروفية أكثر تحرراً، وهذا ما انعكس على الجمهور وإقباله، وكما ترى حجم الجمهور في المعرض الفردي للخطاطين وكذلك في الورش الفنية التي يقيمها كبار الخطاطين.

ويقول خالد الساعي: لا شك في أن للملتقى تأثيره الفاعل في المشهد التشكيلي بشكل عام وخصوصاً في هذه الدورة، وخصوصاً بعد هذا الاهتمام البالغ بالأعمال الحروفية، مما دعا العاملين في هذا المجال من الخطاطين للانضمام الى قافلة الحرف التي انطلقت عالمياً، وقد شاهدنا في هذه الدورة تجارب متميزة منها تجربة تاج السر حسن وجيهان فاضل ومحمد مهدالدين، لذا فإن أغلب الاسئلة تدور حول الأعمال المعروضة في القسم الحروفي بعيداً عن التقليدي، وأصبحت التجربة الحروفية مثار اهتمام الجمهور وهو ما لم نكن نلمسه من قبل، وقد التقيت بالجمهور العادي الذي يحضر يومياً، ولاحظنا جميعاً هذه القفزة النوعية من قبل الجمهور، واعتقد ان مردود ذلك للتركيز الاعلامي على الملتقى، وهو مكسب حقيقي لنا وللملتقى والجمهور ايضاً، وهذا ما يقرب الفن من الجمهور، ويضيف أنا أرى أن الورش التي اقيمت جذبت انتباه الفنانين والجمهور خصوصاً تجربة جيلي رسولي ودواود بكداش، وهي فرصة للاطلاع والتعلم خصوصاً ان الحرف ارتبط بالحاسوب، لأننا لا نستطيع الابتعاد عن الواقع والحياة، وكان لا بد للحرف ان ينخرط ويواكب التطور الذي حل بحياتنا، لذا فإن استضافة الملتقى لتجربة الحروف الطباعية من خلال نموذجين من المؤسسات لتجربتي ديوان وكلك تتوافق مع ما يضيفه الحاسوب من سعة في أفق البرمجة للخطوط وتقديمها بجماليات غير معقدة.

ويتطابق رأي د. صلاح شيرزاد مع خالد الساعي حول أهمية تجربة الحروف الطباعية من خلال كونها تعطي ما في اشكال الخطوط الطباعية من امكانات تقدمها البرمجة والآلة، مقارنة بإمكانات الخطاط اليدوية غير الطباعية، وهو ما يعطي الشارقة مكانتها الفنية لدعم الجانب التكنولوجي، الذي يتم بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ويقف وراء هذه التظاهرة الفنية الدولية في الشارقة التي تولي فن الخط كل هذا الاهتمام.

أما عن فعاليات الملتقى وتأثيرها في المشهد التشكيلي فيقول: هذه الدورة أفضل من الدورة السابقة، لأن كل دورة تستكمل نواقص الدورة التي سبقتها ولكن التراكم الذي يتركه وجود هذه النخبة من الخطاطين المعروفين على المستوى العالمي، يزيد من أهمية وتأثير الملتقى في التجربة الحروفية في الامارات من خلال الاحتكاك بهم ورؤية أعمالهم.

كما ان التكريم كان مميزاً واعطى بعداً مادياً ومعنوياً الى جانب الندوة الفكرية والورش الفنية ما يجعل الملتقى تجربة لأهل هذا الفن تتكامل فيها وتتواصل الجهود لتطوير فن الخط وتقدمه.

أما الناقد الفني الدكتور حسان عباس الباحث في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، وأحد ضيوف الملتقى فقد أكد أهمية هذه الدورة التي تأتي استمراراً للدورتين الماضيتين في ترسيخها للتنوع في اعمال المشاركين الذين يمثلون اسلوبيات مختلفة وقال: ما يميز هذه الدورة الانفتاح على أفق جديد في حركة تطور الخط العربي، فإلى جانب المشاركة الكلاسيكية المهمة، هناك مشاركات للأعمال الحديثة والمعاصرة المسماة الحروفية والتطبيقات الجديدة، وكنت سعيداً بوجود عملين من النصب احدهما للفنانة القطرية فاطمة الشيباني والآخر لفنانة ألمانية، وهما عملان ينتمان الى آخر ما عرف في مجال الفنون البصرية في العالم وهذا أمر مهم ويعطي زخماً للملتقى.

وأشار عباس الى اهمية ابراز تطور الخط العربي في التاريخ لما له من دلالات فقال: ان أهمية الخط العربي في تاريخنا وتراثنا تتمثل من خلال تطوره وانفتاحه على آفاق قومية مختلفة، واليوم نشهد تطورات جديدة من خلال الأساليب الفنية الحديثة كالفيديو آرت وهذا دليل على ان فن الخط غير محصور في قوالب جامدة، بل هو في اصله خط متطور ومتحرك، وقد قدم لنا الملتقى مثالاً على ان هذا الفن يمكن ان يستمر في عصر التقنيات بعيداً عن الحروفية القديمة.

ونوه عباس بأن فن الخط اليوم يشتمل على عدة رؤى متباينة من حيث نظرة الفنان وتعامله معه قائلاً: هناك بعض الفنانين يرون انه من الضروري التمكن من الخط قبل البدء برسم اللوحة مثل محمد النوري وخالد الساعي، وغيرهما وهم يؤكدون معرفة حرفية الخط وامتلاك قواعدها كأساس في العمل الفني، بينما هناك تجارب اخرى وناجحة لها وجهة نظر مغايرة في التعامل مع الخط كأدونيس الذي استخدم الخط من خلال عملية الكولاج في رسم اللوحة من دون ان يكون ملماً بالقواعد الكلاسيكية للخط، وكذلك الشاعر يوسف الصايغ الذي ميز بين لوحة التخطيط ولوحة الخط فهو اهتم بالحرف من حيث جمالياته وليس من خلال توافق هذا الخط مع القواعد الكلاسيكية المعروفة.

يقول الدكتور عبدالله السيد الاستاذ في كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق: يمثل ملتقى الشارقة لفن الخط العربي مناسبة طيبة لاجتماع العديد من الخطاطين من العالمين العربي والإسلامي للاطلاع على انجازاتهم وما حققوه في هذا المجال الجميل والعريق والمهم في ثقافتنا العربية والذي نتمنى ان يستمر في تطوره على الرغم من بعض الشوائب التي تعترض طريق هذا الفن الجميل، والملتقى بالنسبة لي فرصة طيبة لألتقي بهؤلاء الخطاطين وأن أرى أعمالهم، الأمر الذي يسجل للشارقة التي تسعى دائماً لجمع الفنانين العرب.

ويضيف السيد قائلا: شاركت في هذا الملتقى في الندوة الفكرية المصاحبة له من الحجر الى الحاسوب ببحث عن أصول وفلسفة الخط العربي وعلاقته بالأسس الفكرية للمجتمع الإسلامي وقيمه الروحية وناقشت بعض الآراء الخاصة باللوحة الحروفية التي أرى انها لم تبتدع شيئاً جديداً، وانما تساوقت مع الاتجاه الحروفي الأوروبي وبهذا المعنى آرى ان جماليات اللوحة العربية لا يمكن ان تكتمل إذا ظلت معتمدة على صياغة حروف أو كلمات مقتطعة وإضافتها الى خلفية تشكيلية ما وهنا يجب ان نميز بين اللوح الخطي واللوحة الحروفية، الأول ينتمي الى تراثنا العربي الإسلامي ويجب ان نطوره وندعم وجوده، من ناحية اخرى فأنا لست ضد الحروفية وانما هناك مآخذ على الفنانين حيث ان تجربتهم مع الحروفية مختصرة ومعروفة النتائج، بمعنى ان مغامرتهم التجديدية لم تذهب الى نهايتها ولم تعتمد على الموروث الذاتي وانما ظلت خجلة وتراوح مكانها وتعتمد على اقتباس تجربة الآخر الغربي، ما يريده الفن العربي عامة وفن الخط على وجه الخصوص هو القدرة على الدخول الى عوالم جديدة تستفيد من كل التراث الانساني المتاح والتقدم العلمي المتغير يومياً خاصة في عالم متعدد الثقافات والحضارات.

ويسترسل السيد قائلاً: التجريب هو الأفق المنظور امام اللوحة الحروفية ذلك ان تعقيم الحرف أو الكلمة العربية من بعدها اللغوي المعنوي، والصوتي الموسيقي سيفقرها، وسيحصر اللوحة في طوبوغرافيتها المساحية وفي جمالية الفعل والتلقي البصريين، فنحن العرب يجب ان نقوم بمغامرتنا الذاتية وبتجاربنا الخاصة حتى نستطيع ان ننافس في ثقافة العصر الراهن، فكما كان للكتابة العربية والحرف العربي ذلك الحضور الفعال عبر التاريخ فيجب أن يكون لهما وجود في المستقبل من خلال تفعيل حاجاتنا الواقعية والبحث عن حلول لمشاكلنا، فالإبداع في أبسط تعريف له هو محاولة للاجابة عن سؤال تطرحه مشكلة ملحة، واعتقد اننا لن نتدفع قدماً الى الامام إلا إذا عملنا وفقاً لهذه الرؤية.

أما الدكتور ادهام محمد حنش فيقول: تأتي أهمية هذا الملتقى من كونه اكبر حدث ثقافي في الوطن العربي يعنى بالخط العربي سواء تجلى ذلك في حجم فعالياته أو في ما يتبناه من موضوعات مهمة تتعلق بهذا الفن، وهو ملتقى اصبح يمثل قبلة لجميع الخطاطين في الوطن العربي بالاضافة الى ما يمثله من اضافة تسعى الى اعادة اكتشاف الثقافة الخطية في العالمين العربي والإسلامي وتقديمها الى كل العالم.

ويضيف حنش قائلا: لقد ظل فن الخط العربي متوارياً لعقود طويلة مع ان هناك معرفة عربية اسلامية تسمى علم الرسم تعالج انشاء الاشكال وصناعة الصور وبخاصة الاشكال الحرفية والصور الخطية، حتى صار بعض مصنفي هذه المعرفة وعلومها يعنى بعلم الرسم: علم الخط وعلم الكتابة ايضاً، وربما كان ذلك لأن قطة القلم، كما يقول فقهاء هذا العلم أو الفن، تتولى تصوير الكتابة بالرسم والاثر، ليصبح معنى الخط ومفهومه المعرفي بذلك صورة الكتابة ويتميز الخط من بين الرسوم والآثار الابداعية بأنه الصورة الكتابية الحاملة للألفاظ والمعاني بقصد الدلالة على الاشياء في الوجود، أي ان الخط كما يقول بعض الفلاسفة، هو العلة الصورية لها، ويعرف ابن خلدون الخط بأنه رسوم حرفية تدل على الكلمات اللفظية المسموعة الدالة على ما في النفس من معاني الأشياء ومسمياتها، فهو صورة الدلالة اللغوية والتواصلية، وهو ايضاً صناعة شريفة في مقصدها المعرفي وفي سلوكها الابداعي.

من هنا يمكن اعتبار ملتقى الشارقة لفن الخط العربي فرصة جيدة لإعادة ابراز جماليات الخط العربي وفلسفته، هكذا يسترسل حنش ويواصل قائلاً: فالخط العربي من ناحية اخرى ارتبط بالقرآن الكريم حيث انشغل بتحويل الكلام القرآني الجليل من صورته اللفظية الى جميل الرسم الخطي في المصحف الشريف، إذ عنيت المعرفة العربية الاسلامية عناية فائقة بكتابة القرآن وخطه على ما اصطلح على الصحابة الكرام عند جمع القرآن الكريم تسميته المصحف الإمام، من هنا يكتسب فن الخط العربي جمالياته ورؤاه المسستمدة من حضارة تضرب بجذورها في تاريخ هذه الأمة وإعادة التأكيد على أهميته تمثل فرصة طيبة لإعادة قراءة تاريخ أمتنا مرة أخرى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"