زهدي الخطيب أول مشرف على التعليم النظامي في دبي

03:01 صباحا
قراءة 3 دقائق
بقلم:عبدالغفار حسين

كان خبر رحيل هذا المُعَلّم، يوم الاثنين الموافق العشرين من إبريل، الذي تجاوز، على ما أعتقد، التسعين أو نحو ذلك من عُمره، حزيناً، وخاصّةً لأولئك الذين عرفوه عن كَثبٍ وقربٍ أثناء عمله ومُكُوثهِ الطويل في الإمارات، وفي مدينة دُبي التي عَمِلَ فيها. ولا أعتقد أن هناك دبوياً أو غير دبويٍ من الإماراتيين والعرب الذين عاصروه لم يعرفوا الرجل بشكل أو بآخر، فقد كانت شخصيته جذابة ومرحة وكان على دراية بعمله. وكان الأستاذ زهدي، رحمه الله، فلسطيني الأصل، وعمل سنوات في الكويت ضمن بعثة من المعلمين في دائرة المعارف الكويتية منذ أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، وبعثه من الكويت إلى دُبي كان بإيفاد من معارف الكويت ضمن البعثة الكويتية التعليمية، التي كانت تعمل هنا في دُبي وفي غيرها من الإمارات تحت إشراف مكتب الكويت، الذي تأسس عام 1963، والذي كان قبل تأسيسه يُدار بواسطة مكتب رجل أعمال كويتي يعيش في الإمارات، وهو مرشد الراشد العصيمي، الذي كان في دُبي يُزاول التجارة في الأخشاب ومستلزمات السفن منذ الثلاثينيات من القرن الماضي. وكان المدرسون التابعون للبعثة الكويتية وكذلك الأطباء الذين كانوا يعملون في المستوصف الطبي الذي أقامته الكويت في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، يتلقون رواتبهم ومخصصاتهم من هذا المكتب التابع لمرشد العصيمي، التاجر الكويتي في سوق ديرة.
ومما يَجدُر الإشارة إليه أن السبب الأساسي الذي دعا إلى اختيار زهدي الخطيب ليكون على رأس بعثة الكويت التعليمية لإمارة دبي، هو خلوّ هذا المنصب، الذي شغله لفترة شهور شخص فلسطيني أو أردني آخر، كان يدعى هاشم أبو عمارة، والذي جاء مع معلميْن آخرين، ليُكونوا أول بعثة تعليمية نظامية تزاول عملها في دبي من قِبَل الكويت، وذلك في بدايات الربع الأوَّل من 1957. وانضمت هذه البعثة إلى مجموعة من المدرسين المطاوعة، الذين كانوا موجودين في المدرسة الأحمدية القديمة في ديرة، وتولت هذه البعثة، المكونة من ثلاثة مدرسين برئاسة هاشم أبو عمارة، وضع مناهج التعليم النظامي طبقاً لِما هو معمولٌ بهِ في الكويت آنذاك، وبالاعتماد على الكُتُب والدراسات التعليمية المعمول بها في مدارس الكويت آنذاك. وكان من أشهر المدرسين المُخلصين الموجودين في «الأحمدية» في ذلك الوقت هو المرحوم الشيخ أحمد حمد الشيباني، الذي كان يعمل في الوقت نفسه مديراً للمدرسة الأحمدية منذ الأربعينيات من القرن الماضي خلفاً للشيخ محمد نور، الذي هاجر إلى الحجاز في منتصف الأربعينيات لأسباب ليست موضوع بحثنا في هذا المقال.
وتغير الوضع على هاشم أبو عمارة، الذي رأى بيئة تختلف عن بيئة الكويت، إذ لم يجد هنا مدرسين مِمَن هم في منزلته فرساناً في حقول الخطابات الحماسية الزعيقية، التي كانت دَيدَن تلك الأيام، بما فيها إشغال الطلبة بالأناشيد الدِيماجوجِيّة والخروج إلى الشوارع، لطلب الموت للاستعمار ولأذنابه. وأدى الأمر إلى اندساس بعض الانتهازيين من خارج صفوف الطلبة إلى القيام بحركات نجَمَ عنها اعتداءات على بعض المنشآت، ما أدى إلى اتخاذ إجراءات ضد هاشم أبوعمارة، وطلب مغادرته البلاد.
وبمجيء زهدي الخطيب،الذي أعقب تسفير هاشم أبو عمارة، عادت أحوال التعليم والمدارس إلى حالتها العادية، وبذلَ زهدي الخطيب، رحمه الله، من الجُهد ما جعل سير التعليم يخطو إلى الأمام طبيعياً، وانتشرت خلال وجوده أعداد كثيرة من المدارس، وجاءت إلى دبي بعثات تعليمية من السعودية وقطر، بالإضافة إلى البعثة الكويتية الأوَّلى. وقد أمضى زهدي الخطيب في منصبه سنوات عدة، وعُينَ، رحمه الله، بعد تقاعده في منصب المُلحق الثقافي للإمارات في الأردن من عام 1987 حتى عام 2010.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"