شُبهة وجب الرد عليها

ورِقٌ ودين
03:28 صباحا
قراءة 3 دقائق
د.إبراهيم علي المنصوري *

بحكم تخصصنا، وهو الاقتصاد والصيرفة الإسلامية، فإننا نواجه الكثير من التساؤلات من أفراد المجتمع، منها: ما الفرق بين مصرف إسلامي، ومصرف تقليدي؟ ولا اختلاف بيِّن بينهما سوى في المصطلحات المستخدمة، وليس ثمّة فرق بينهما في الأداء، فالإجراءات نفسها تتم في العقود، إلا أنها تسمى هنا ربحاً، وهناك فائدة، فأين الاختلاف، إذاً؟
ابتداء، لا بد من فهم طبيعة عمل المصرف الإسلامي، وطبيعة عمل المصرف التقليدي، حتى يتضح الحد الفاصل بينهمvا، فأساس عمل المصرف التقليدي القرض، والاقتراض، فالبنك هنا يأخذ أموال المودعين، ويقرضها لآخرين بفائدة تقسم على المودعين، والمساهمين، وغيرها من العمليات المصرفية التي تتم. وأساس عمل المصرف الإسلامي هو التنوع في الأداء، فتارة يكون المصرف تاجراً، فيسمي ربحاً بمقدار معين وفق آلية معينة، فمن يشتري بالتقسيط لا يدفع بذات القيمة التي يدفعها من يشتري نقداً، فهنا يدخل المصرف لينظم عقد بيع بصفته تاجراً، يشتري البضاعة من المصدر، ثم يبيعها للمشتري بهامش ربح معلوم بينهما، وفق شروط وضوابط فقهية محددة.
ولو قامت البنوك التقليدية، مثلاً، بتغيير المسميات لإضفاء صبغة الجواز على الإجراء الذي يتم، فإن تغيير المسميات والمصطلحات، لا يبيح الإجراء، لأن الشريعة الغراء تنظر في الخطوات التي تم على أساسها العقد، وهنا يأتي دور الهيئة الشرعية في المصرف الإسلامي، التي تراقب الإجراء، وتحتاط لمصلحة جميع أطراف التعاقد، وتدقق في سير الخطوات حتى آخرها، فإن أخطأ المصرف في أي إجراء يخالف تلك الضوابط فإن الهيئة ترد العقد، وترفضه، وتجنب كامل أرباحه.
والعلاقة بين البنك التقليدي والمتعامل هي علاقة قرض واقتراض، أما العلاقة بين المصرف الإسلامي والمتعامل فهي علاقة بائع ومشترٍ، تجوز فيه الزيادة لأنه بيع تقسيط.
ونظراً لزيادة الإقبال على المصارف الإسلامية قامت البنوك التقليدية بفتح نوافذ إسلامية ضمن أعمالها المصرفية، حتى لا تفقد حصتها السوقية من المتعاملين، وهذا شيء جيد، إذ يحقق التوازن والثبات في أعمال المصارف بصورة عامة، إلا أنه لا بد من مراعاة ضوابط محددة في عمل تلك النوافذ، أولها الاستقلال المالي للنافذة الإسلامية في البنك التقليدي، وفق ما قررته المجامع الفقهية، وضبطته المعايير الشرعية، فالقوائم المالية للنافذة يجب أن تنفصل عن القوائم المالية لمعاملات البنك التي تتم بصورة تقليدية.
والأمر الآخر هو الاستقلال الإداري، حيث يجب أن يدخل المتعامل إلى النافذة الإسلامية التي تقع في الحيز المكاني للبنك التقليدي، كأنه يدخل إلى بنك إسلامي، فالقرار الإداري يجب أن يكون خاصاً بالنافذة، وفيها هيئة شرعية مستقلة تضبط أداءها، شأنها شأن المصرف الإسلامي.
ويستطيع المتعامل أن يميّز بين النوافذ التي تطبق المعايير والضوابط الشرعية، وتلك التي لا تفعل، من خلال التحري، والاستفسار عن مدى استقلالية النافذة الشرعية عن عمل البنك، مالياً وإدارياً، وعن وجود هيئة شرعية فيها، ولعل وجود هيئة عليا شرعية تابعة للمصارف المركزية يساعد في ضبط ذلك.
خلاصة ما ذكرنا، أن المصارف الإسلامية تعمل وفق نظام مختلف عما تعمل به المصارف التقليدية، ولكن هذا لا يمنع وجود أخطاء معينة ترتكبها المصارف الإسلامية بسبب جهل موظف، أو خطأ غير مقصود، فالمصارف حالها حال أية مؤسسة معرّضة لذلك.

* أستاذ الاقتصاد والمصارف الإسلامية
المساعد بجامعة الشارقة
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"