التوبة وقاية وعلاج

مكارم الأخلاق
02:53 صباحا
قراءة دقيقتين
د. رشاد سالم *

لمرض البدن علاج يستأصله ويقضي عليه، ويعيد إلى المرء صحته ونشاطه، أما مرض القلوب والأرواح فإنه يكون أعظم خطراً على الإنسان من مرض الأبدان.
ولا سبيل لعلاج أمراض القلوب ولا للوقاية منها إلا أن نستمد ذلك من خالق القلوب والأرواح، العليم بخصائصها، الموجه للقلوب المهذب للأرواح.
من هنا رحم الله عباده، فرسم لهم من العبادات ما يقيهم شر الوقوع في المعاصي، وما يعالجهم إذا وقعوا.
الصلاة وقاية: قال تعالى في سورة العنكبوت «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر». وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له». وقال سبحانه في سورة المعارج «إن الإنسان خلق هلوعاً* إذا مسه الشر جزوعاً*وإذا مسه الخير منوعاً* إلا المصلين».
والصوم وقاية: قال تعالى في سورة البقرة: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون». نعم. فالصوم جاء ليسد منافذ الشر والسوء.
وكما جعل الله من الصوم وسائر العبادات وقاية من الشرور والمآثم، جعل من التوبة علاجاً دائماً يمحو أثر المعصية من النفس بعد الوقوع فيها.
التوبة علاج عام يستطيعه كل من أصيب كيفما كان، في أي زمان وفي أي مكان. نعم، إنها علاج شعبي لأمراض النفوس وسيئات الأعمال، شرعه الله وحبب فيه.
قال تعالى في سورة المائدة: «فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم». وقال سبحانه في سورة الفرقان: «إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً».
وقد أكد الله محبته لعباده الذين يسرعون بالتوبة كلما داهمتهم المعصية، قال تعالى في سورة البقرة: «إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين». ولقد صور رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرح الله بتوبة عبده في حديث نبوي شريف: «الله أفرح بتوبة العبد المؤمن من رجل نزل في أرض دوية مهلكة، معه راحلته عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومة، ثم استيقظ فوجد راحلته وعليها طعامه وشرابه قد ندّت، فطلبها حتى اشتد عليه الحر وأخذه العطش، فقال أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت، فرجع إلى مكانه ووضع رأسه على ساعده ليموت، ولكنه نام ثم استيقظ فإذا راحلته عنده عليها طعامه وشرابه، فالله تعالى أشد فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته».
نعم «إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها».
قال تعالى في سورة طه: «وإني لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى». وقال سبحانه في سورة الحجر: «نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم»، فبادر أخي الصائم بالتوبة.
قال تعالى في سورة الشورى: «وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون».

* مدير الجامعة القاسمية بالشارقة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"