تشيرنوبيل.. جرس إنذار نووي

أزمات مرت
02:49 صباحا
قراءة دقيقتين

الشارقة:مها عادل

في 26 إبريل/نيسان عام 1986، كان الخبراء النوويون في محطة تشيرنوبيل السوفييتية للطاقة الذرية، يقومون بتجربة لاختبار أثر انقطاع الكهرباء على أداء و كفاءة المحطة، ثم نتج عن هذا الاختبار خطأ ما في عملية تبريد «اليورانيوم»، أسفر عن حريق هائل أدى إلى كارثة عالمية، عرفت بأنها أسوأ حادث للتسرب الإشعاعي والتلوث النووي في القرن العشرين.
لم يتعدّ عدد الذين لقوا مصرعهم بشكل مباشر في حريق المحطة النووية بضعة عشرات من العمال والفنيين ورجال الإطفاء، وحاولت السلطات السوفييتية، في ذلك الوقت التغطية على ما حدث، وأجلت حوالي 100 ألف شخص من مساكنهم في دائرة قطرها حوالي 30 متراً من موقع الانفجار، ولكن النتائج الكارثية التالية كانت أكبر من أن يتم احتواؤها بهذه الطريقة، فقد حملت الحرارة الناتجة من النيران المواد المشعة إلى السماء لارتفاع كيلومتر، وخلفت الانفجارات والحرائق سحابة قاتلة من الإشعاعات النووية انتشرت في أوكرانيا وروسيا البيضاء. وتجزأت السحابة النووية إلى ثلاث سحابات أخرى، ساعدت الرياح في حمل الأولى إلى بولندا والدول الإسكندنافية، والثانية إلى تشيكوسلوفاكيا ومنها إلى ألمانيا، والثالثة إلى رومانيا وبلغاريا واليونان وتركيا. وهكذا خيم الموت على مساحة شاسعة من شرق أوروبا وشمالها، وبدأ العلماء يرصدون الآثار البيئية المدمرة التي نجمت بسبب هذا التلوث الإشعاعي. وانتشرت حالات الإصابة بمرض السرطان بشكل جماعي في المناطق التي عانت من التلوث؛ حيث قدرت المنظمات الحقوقية أن حوالي 90 ألف شخص لقوا حتفهم بسبب إصابتهم بمجموعة مختلفة من الأمراض على رأسها سرطان الغدة الدرقية الناتج بشكل مباشر عن التلوث النووي. وانتقلت البضائع والسلع الغذائية الملوثة بالإشعاع عبر خطوط التجارة العالمية ووسائل النقل المختلفة لتقتل وتصيب آلافاً آخرين من البشر في جميع أنحاء العالم بأخطر الأمراض.
وبرغم فداحة الكارثة التي حصدت آلاف الأرواح حول العالم، فإن العالم استفاد منها كثيراً وتعلم الدرس، حيث شعر المسؤولون في الدول النووية بحجم الخطر الذي يمكن أن يسببه الاستعمال الخاطئ للطاقة النووية، فكانت بمثابة جرس إنذار، وضغطت منظمات البيئة وحركات السلام الأخضر من أجل مزيد من القيود على الاعتماد على الطاقة النووية، وعلى أساليب التخزين والحفظ والتعامل مع المخلفات الناتجة عن الأنشطة النووية، وتغيرت الكثير من نظم الأمان والسلامة في المفاعلات النووية، لتصبح أكثر إحكاماً وقدرة على التعامل مع المواقف الطارئة، وضمان ألّا تتكرر كارثة بحجم تشيرنوبيل من جديد، ومراعاة سلامة وأمان البشر.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"