التعليم والجائحة

04:27 صباحا
قراءة دقيقتين

صفية الشحي

التعليم عن بعد هو أحد الأنماط التي ظهرت عام ١٧٢٨ عندما قرر «كالب فيليب» دعوة طلبته لتلقي دروسهم عبر البريد الأسبوعي وفي أوقاتهم الخاصة، أما أول من قدم هذه الدروس فهو إسحاق بيتمان عام ١٨٤٠، عندما بدأ بإرسال النصوص لطلبته عبر البطاقات البريدية، ليقوموا بحلها وإعادتها له.
التعليم عن بعد هو نظام لتلقي العلوم دون الوجود بشكل فعلي ومباشر في قاعة الدرس، بحيث يقوم الطلبة بالتعلم ذاتياً بنسبة كبيرة، ويشمل ذلك تعليم «المنازل» أما أول جامعة قامت بتطبيق هذا النظام في العالم فهي جامعة أكسفورد عام ١٨٩٤، وبدخول التكنولوجيا جميع مناحي حياتنا، استفادت الجامعات والمدارس حول العالم من حلول تقنية غير مسبوقة، ليتم تطبيق النظام متزامناً وغير متزامن، مع دمج الأنماط الأخرى مثل الإلكتروني والافتراضي والعميق.
لم يعد التعليم عن بعد مجرد خيار، بل أصبح ضرورة فرضتها الكثير من المتغيرات التي تشمل البعد الجغرافي، ونمط الحياة المتطلب، إلا أن المتغير الأكبر الذي دفع العالم أجمع لاتخاذه كأسلوب حياة، هو «كوفيد ١٩» الذي ضرب العالم في ٢٠١٩، وفرض عليه حجراً كاد يوقف سير الحياة ويحرم ملايين الطلبة من فرصهم في التعليم والتطوير، فكانت الفرصة التي أيقظت الكثير من الأنظمة التعليمية التقليدية من سباتها الطويل، ومع وجود منصات تكنولوجية متطورة اقتصرت في ما مضى على قطاعات المال والأعمال، تحول الأثير الرقمي إلى أكاديميات مفتوحة على العالم، ولعبت قطاعات الاتصالات الدور الأكبر في تنظيم هذه العملية ودعمها.
تعد جامعة كامبريدج الجامعة الأولى في العالم التي تقدم على خطوة إبقاء التعليم عن بعد كحل فعال لتحقيق استدامة التعليم بين طلبتها من شرق العالم وغربه حتى عام ٢٠٢١، لكن ذلك لم يلغِ قلق الطلبة بالتحديد من هذه التجربة، فهم ينقسمون بين مؤيد للفكرة لعوامل صحية أو جغرافية، وخصوصاً بعد أن أغلقت الحدود في وجه الكثير من مواطني الدول، واضطر مئات الآلاف منهم للعودة إلى أوطانهم، وبين من يعارضها لأسباب مادية أو ثقافية؛ حيث لا يؤمن الكثير بأن المنصات الإلكترونية تحفظ القيمة التعليمية، كما أن كثراً يفتقرون للتكيف مع الطريقة الجديدة التي تحدّ من التواصل البشري بين الناس، دون أن ننسى المخاوف الاجتماعية والأمنية التي تحدّ من فعالية النظام، وتمنع الطلبة من التواصل عبر الكاميرات، وخصوصاً بعد الاختراقات الأمنية التي تعرضت لها منصة «زوم»، وهي إحدى أكثر المنصات استخداماً للتعليم والتدريب حول العالم.
من السابق لأوانه تقييم التجربة قبل نهاية العام الدراسي، ودراسة النتائج المترتبة على مستويات أداء الطلبة، وإحصاء المخاوف والوقوف على مكامن الخلل في هذه العملية، فليست العبرة في إطلاق الأنظمة والعمل بها، بل في النتائج النهائية علي البشر ومستقبلهم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"