قراءات

01:38 صباحا
قراءة دقيقة واحدة
إعداد: محمد صالح القرق

لِسِتِّ سنوات خلت من خلافة الفاروق رضوان الله عليه، ولد للمسلمين مولود نحيل الجسم، ضئيل الجِرْم (أي: صغير الجسد)؛ ذلك لأن أخاه زاحمه على رحم أمِّه، فلم يدعْ له مجالاً للنموّ، لكنه لم يستطع بعد ذلك أن يزاحمه لا هو ولا غيرُه في مجالات العلم، والحِلم، والحفظ، والفهم، والعبقرية. ذلكم هو عامر بن شراحبيل الحميري المعروف بالشعبي نابغة المسلمين في عصره.
وُلد الشعبي في «الكوفة» وفيها نشأ، لكن المدينة المنورة كانت مهوى فؤاده ومطمح نفسه، فكان يؤمّها من حين لآخر ليلقى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليأخذ عنهم، كما كان الصحابة الكرام يؤمّون «الكوفة» ليتخذوها منطلقاً للجهاد في سبيل الله، أو داراً لإقامتهم فأتيح له أن يلقى نحواً من خمسمائة من الصحابة الكرام، وأن يروي عن عدد كبير من جلتهم.
كان الشعبي متوقد الذكاء، يقظ الفؤاد، مرهف الذهن، دقيق الفهم، آية في قوة الذاكرة، ورُوي عنه أنه قال: «ما كتبت سوداء في بيضاء قط (أي: ما سجلت كلاماً في ورق)، ولا حدثني رجل بحديث إلا حفظته، ولا سمعت من امرئ كلاماً ثم أحببت أن يعيده علي».

من كتاب «صور من حياة التابعين» للدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"