أطماع أردوغان في ليبيا

02:42 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم


النظام التركي يطمح لنهب خيرات ليبيا والمنطقة عامة، واحتلال أراضيها وتحويلها إلى منصة لمزيد من التمدد في إفريقيا.

كل يوم يمر يكشف عن النوايا الحقيقية لحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأطماعها الخفية بالمنطقة.

فمن العراق مروراً بسوريا، واستغلال أزمتها الكبيرة بطريقة رخيصة، وصولاً إلى ليبيا، ومناطق أخرى في شمال إفريقيا، يتضح المخطط التركي الذي ينفذه أردوغان الحالم ببعث الإمبراطورية العثمانية، على حساب الدول العربية، ومؤخراً بدأ النظام التركي يكشف حقيقة أطماعه في ليبيا وتعامله معها كأنها إحدى غنائم ما سمي ب«الربيع العربي».

ومن يتابع السلوك التركي، يرى من دون عناء، أن أنقرة وقفت وتقف بكل قوتها مع التنظيمات الإرهابية في سوريا، والتي تستخدمها الآن كمرتزقة لها على الساحة الليبية.

والحقيقة أن الأطماع التركية هذه ليست وليدة الساعة، كما يعتقد البعض، وإنما تعود إلى عقود سابقة ولا سيما بعد اكتشاف كميات كبيرة من الغاز، حيث طغى مصطلح شرق المتوسط، وهو مصطلح جيوسياسي، تحكمه المصالح الاستعمارية، حيث إن مثل هذه المصطلحات، كالشرق الأوسط الجديد أو الشرق الأوسط الكبير وغيرها من المصطلحات التي تأتي طبقاً لمصالح مردديها.

ولو توقفنا عند ما يمكن تسميته الآن بأزمة شرق المتوسط، والتي فجرها اكتشاف منابع كبيرة للغاز، في مياه البحر، نرى أن تركيا التي وجدت نفسها خارج حدود هذه الثروة الطبيعية، بسبب موقعها الجغرافي، وبعدها نسبياً عن المناطق التي اكتشفت فيها الثروة الغازية، تسعى إلى إيجاد وسائل تنفذ من خلالها، إلى فرض تقاسم هذه الثروة مع دول المنطقة، بعيداً عن القوانين الدولية التي تحدد المناطق الاقتصادية، في البحار، ولذلك فإنها تسعى عن طريق البلطجة، إلى فرض نفسها كشريك لدول شرق المتوسط في الثروة الغازية، وهو ما يفسر اتفاقية الحدود التي وقعتها مع حكومة السراج، وتدخلها السافر في الأزمة الليبية. كما أن تركيا تهدف من خلال تدخلها في ليبيا لأن تجعل من هذه الدولة، مدخلاً لها إلى شمال إفريقيا كله.

ومع أنه يمكن الحديث مطولاً وبالتفصيل عن الأهداف التركية، والأطماع الأردوغانية بثروات المنطقة، إلا أننا يجب ألا نغفل في الوقت ذاته الأبعاد التاريخية للأطماع التركية في المنطقة، والتي تسعى إلى إعادة الإمبراطورية العثمانية، وهو ما يبدو واضحاً في أبواق الدعاية التي تدور في فلك النظام التركي، كما هو الحال في «قناة العقد الجديد» الموالية لأردوغان، حيث زعم الصحفي التركي حاجي يقيشيقلي الناشط في حزب العدالة والذي يعمل في القناة في العشرين من مايو الماضي أن تركيا بإمكانها استعادة أراضي كانت تابعة لها، إذا حركت دعاوى قضائية في المحاكم الدولية.

وهو ما كرره أيضاً الكثير من السياسيين والإعلاميين والمحللين الأتراك، وفي مقدمتهم أردوغان نفسه الذي ادعى في أوائل يناير الماضي، أن ليبيا إرث لأجداده وفيها مليون تركي يحتاجون الى حمايته ودفاعه عنهم، وهو ما يعيد إلى الأذهان قصة ضريح سليمان شاه في قرية «أشمة» السورية القريبة من الحدود التركية، والذي كان إحدى الذرائع الواهية للتدخل التركي في شمال سوريا، بحجة أن «سليمان شاه» جد مؤسس الدولة العثمانية «عثمان الأول بن أرطغرل بن سليمان شاه»، وهو أحد الزعماء الأتراك، وعاش في الفترة ما بين عامي 1178 و1236 للميلاد.

وهكذا يبدو أن النظام التركي يطمح لنهب خيرات ليبيا والمنطقة عامة، واحتلال أراضيها وتحويلها إلى منصة لمزيد من التمدد في إفريقيا، وخاصة الضفة الجنوبية للمتوسط مستغلا ذرائع واهية لا وجود لها إلا في عقليته التوسعية.

ويرى المراقبون أن مراكز النفوذ الإخواني في تركيا لا تخفي أطماعها في السيطرة على المنطقة اعتمادا على قوى الإسلام السياسي، التي أعلنت تبعيتها لمشروع أردوغان وعدم اعترافها بالدولة الوطنية أو بسيادتها، واحتمائها بالمظلة التركية.

ومن هنا تبدو في الواقع الأهداف الحقيقية لأردوغان المتحالف مع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، الرامية إلى إطالة أمد الأزمة الليبية، زد على ذلك أن التدخل العسكري التركي قد يشكل مرحلة جديدة من تدويل القتال في هذا البلد العربي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"