مجسمات منزلية تاريخية

04:36 صباحا
قراءة دقيقتين

عبدالله محمد السبب

(التراث: تعددت الوجوه، والعملة واحدة).. والوجه الذي نطل عليه اليوم، معنيّ بالآثار التاريخية المنزلية الأهلية.. وتحديداً، سنكون على مقربة من بعض المنازل الأهلية في مدينة (الرمس)، لما لها من أثر تراثي وتاريخي عريق منذ عشرات السنين..
نذهب أول ما نذهب، إلى البصمة الفنية التي أنجزها الفنان «الرمساوي» الستيني، ذو الهمة الفنية الابتكارية الوطنية في المجال التجسيدي «التجسيمي» للأبنية التراثية، من منازل ومساجد وقلاع وحصون..
نعم، إنه المواطن «محمد عبدالرحمن ربيع الطنيجي»، المولود في خمسينات القرن العشرين، منتمياً إلى عائلة «ذوي الهمم» ممن ولدوا وهم يفتقدون حاستي «السمع والنطق»، إلا أن هذه الإعاقة لم تُفقده حيويته وتفاعله المجتمعي مع الناس، منذ طفولته وحتى العصر الحاضر.. فالكل يحترمه ويُقدّره ولا يبدون له أي تعاطف كان، لأنه متفاعل إيجابي مع نفسه وأهله وكافة أناس المنطقة.. فمنذ حياته المبكرة، كان له حسه الفني، إذ كان يصنع مجسمات لأقفاص الأسماك الحديدية «القراقير»، وكبر معه الحس الفني لينجز عشرات المجسمات لمنازل قديمة ومواقع تاريخية لمنطقتي «الرمس» و«ضاية»، إلى أن جاء العام 2010م الذي أزاح الستار فيه عن موهبته الفنية التي أينعت ثمارها بعد خمس سنوات بإنجاز مجسمات لأبنية تراثية وتاريخية في «الرمس» التي شهدت ولادته وعاصر تاريخها منذ الخمسينات، وعمل في بدايات حياته في بناء البيوت القديمة مساعداً لعمّه «محمد ربيع الطنيجي» رحمه الله.. فقد أنجز في العام 2015م، مجسماً ل«منزل آل صالح» الذي أهداه إلى أبنائهم ليكون شاهداً لتاريخ عائلتهم في منطقة الرمس التي غادروها منذ سنوات ليستقروا في دبي.
هكذا كان دأب وهمة وموهبة الفنان الوطني «محمد الطنيجي»، وهكذا كان لجوء أبناء «محمد بسيس الطنيجي» رحمه الله إلى إمكاناته الفنية وحسه التراثي التاريخي، لينجز لهم مجسماً لبيت أبيهم الذي قام ببنائه العام 1951م في «الفريج المياني» من منطقة «الرمس» بطراز معماري فريد في حينه بما يتضمنه من طابقين متضمنين مفردات المنزل العربي الخليجي المعهود.. وتكمن الأهمية التاريخية للمنزل من حيث (وقوعه على سكة رئيسية ممتدة وتعتبر ممراً مفتوحاً يصل شمال المدينة بجنوبها، كما أنها الطريق الوحيد للجنائز التي يتم الصلاة عليها بالجامع الكبير «مسجد بن هديب» الذي يقع بجوار البحر شمالاً، حيث تمر جموع غفيرة بالجنائز من خلال هذه السكة باتجاه المقبرة جنوباً عند سفح الجبل)..
إذن، على ضوء ذلك الفعل الفني الوطني التجسيمي للمنازل التاريخية الأهلية، تؤكد عائلة «بسيس» أن المحافظة على تراث الآباء والأجداد بكافة صوره وأشكاله ووجوهه المتكاملة مع بعضها البعض، يقع على عاتق كافة الأبناء من مختلف الأعمار والأعمال والإمكانات، لأجل أن تتعاقب الأجيال متداولة عراقة وأصالة الشعب الإماراتي بعاداته وتقاليده المتوارثة أباً عن جد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"