مرتفعات ترامب

04:03 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم


تسعى سلطات الاحتلال إلى خلق أوضاع جديدة في مرتفعات الجولان، تحول دون التنازل عنها، وتتمثل في تغيير معالمها العربية وزرع المستوطنات فيها.

تصر الطغمة العسكرية الحاكمة في «إسرائيل» على الاستمرار في سياسة التوسع والاستيطان في الأراضي العربية المحتلة، مستغلة حالة الضعف والشرذمة التي يعيشها العرب، وسط غياب أي دور للقوانين والأعراف الدولية. ففي تغريدة له على «تويتر» مؤخراً قال رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، إن الحكومة «الإسرائيلية» ستبدأ باتخاذ خطوات عملية من أجل إقامة بلدة «مرتفعات ترامب» في هضبة الجولان.

تصريحات نتنياهو هذه جاءت متزامنة مع ما ذكرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، بأنه من المتوقع أن تصادق حكومة الاحتلال «الإسرائيلي» على ميزانية للبدء في إقامة مستوطنة «مرتفعات ترامب» بالجولان، والتي وضع نتنياهو حجر الأساس لها في يونيو/ حزيران 2019، في خطوة جاءت تكريماً للرئيس الأمريكي الذي اعترف في مارس/آذار 2019 بسيادة «إسرائيل» على هضبة الجولان السورية التي احتلتها عام 1967.

وعلى الرغم من أن إقامة مستوطنات «إسرائيلية» في الجولان السورية المحتلة، تمثل استمراراً لسياسة «إسرائيل» التوسعية الاستيطانية في الأراضي العربية المحتلة، والتي دأبت عليها بعد عدوان يونيو عام 1967، لتعزيز الوجود اليهودي في المناطق المحتلة، فإن للمستوطنات «الإسرائيلية» في الجولان المحتلة دوراً عسكرياً أيضاً، حيث تشكل هذه البؤر الاستيطانية غير الشرعية، جزءاً من نظام الدفاع الإقليمي «الإسرائيلي» في الشمال، الذي أنشئ وفق استراتيجية الاحتلال التي تقوم على اشتراك المستوطنات في الخطة العسكرية «الإسرائيلية» في حالتي الدفاع والهجوم؛ حيث يراعي الاحتلال في إقامة المستوطنات بشكل عام توافر ثلاثة شروط، هي: وجود أرض صالحة للزراعة، وتوافر مصادر المياه، والتمتع بالموقع الاستراتيجي المناسب. ولذلك نرى أن المستوطنات «الإسرائيلية»، تقع في الأغلب على التلال، ولا تبعد كثيراً عن خط وقف إطلاق النار، رغم وجود بعض المستوطنات البعيدة أحياناً..

وجاءت خطوط الاستيطان متفقة إلى حد كبير مع خطوط مشروع (أكسون) الاستيطاني لعام 1967 والذي يدعو إلى ضم معظم الجولان إلى «إسرائيل»، بحجة تأمين خط دفاعي يضمن الحفاظ على مصادر المياه ومنابع نهر الأردن، وتوفير «الأمن» لمستوطنات وادي الحولة والجليل، لا سيما أن السياسة «الإسرائيلية» المتبعة تقوم وبشكل علني على «عدم الانسحاب من الجولان، حتى لو تم التوصل إلى تسوية مع سوريا، ولذلك تسعى سلطات الاحتلال إلى خلق أوضاع جديدة في مرتفعات الجولان، تحول دون التنازل عنها، وتتمثل في تغيير معالمها العربية وزرع المستوطنات فيها، بالإضافة إلى إقامة التحصينات العسكرية.

كما أن الاحتلال «الإسرائيلي» يهدف من وراء مستوطناته هذه إلى فرض واقع جديد على الأرض يعزز وجوده فيها، و مستوطنة «مرتفعات ترامب» الجديدة هذه، تعيد إلى الأذهان التسميات الكثيرة التي يطلقها الاحتلال على مستوطناته، والتي تحمل مغزى سياسياً أيضاً، كما هو الحال وعلى سبيل المثال بالنسبة لمستوطنة «كيشت»، التي يعد اسمها اختصاراً لثلاث كلمات عبرية هي «القنيطرة لنا دائماً».

وبغض النظر عن الأهمية التي يوليها الاحتلال لهضبة الجولان، والتي لا يختلف عليها اثنان، إلا أن ما تحمله فكرة إقامة مستوطنة «إسرائيلية» فيها، باسم «مرتفعات ترامب»، هو أن الولايات المتحدة شريك فعلي ل«إسرائيل» في احتلال الأراضي العربية، وأن إدارة الرئيس الأمريكي، لا تصلح كغيرها من الإدارات الأمريكية السابقة، لأن تكون وسيطاً للحل في المنطقة؛ لأنها شريك فعلي في العدوان على العرب.

وتجدر الإشارة أخيراً إلى أن المجتمع الدولي عبّر مراراً وتكراراً عن عدم شرعية الاستيطان في الأراضي التي احتلت بالقوة، كما أن قرارات الشرعية الدولية والاتفاقات الدولية تدين الإجراءات «الإسرائيلية» في الأراضي العربية المحتلة التي احتلت في عدوان يونيو/حزيران 1967 فيما يتعلق بمصادرة الأراضي العربية والاستيطان فيها، ومن أبرز هذه الاتفاقيات والمعاهدات اتفاقية لاهاي لعام 1907، ومعاهدة جنيف لعام 1949، إضافة إلى العديد من قرارات المحاكم الدولية، وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"