اهتمامات وطاقات إيجابية من «وحي الملل»

طرافة وغرابة وابتكار
03:27 صباحا
قراءة 3 دقائق
الشارقة: زكية كردي

أناس يعدّون حبات العدس، وآخرون يصنعون من قشور اللب لوحات تجريدية على طاولة القهوة. بينما يبتكر آخرون مقاطع فيديو للتعبير عن حالهم وحال أغلبية البشر في ظل الظروف الغريبة التي يعيشها العالم، كالتظاهر بالاستعداد للسفر والعبور من بوابات المطار، أو التأنق لرمي أكياس القمامة.
انتشرت العديد من الصور الساخرة التي استخدمت من قبل الكثيرين، للدلالة على حالة الملل التي أصابتهم؛ بسبب اضطرارهم للبقاء في المنزل، من عد حبات أكياس العدس أو الأرز، ومقارنة عدد الحبات بين كيس وآخر، وبمناسبة الحديث عن الصور لا شك أن معظمنا تحمس للمشاركة في لعبة إيجاد الفوارق بين صورة وأخرى؛ كونها كانت من الألعاب المسلية للكثيرين على مواقع «التواصل الاجتماعي»، وخاصة مجموعات «وتس آب» العائلية؛ حيث يشتعل الحماس بين أفراد العائلة حسب رويدا زكور، ربة منزل، وتقول: اعتمدت على هذه الصور؛ لأسلي الأهل بين الحين والآخر، فالجميع يشعر بالملل، والمواضيع اليومية باتت مملة، لهذا كان لابد من إيجاد وسائل مبتكرة ومرحة للتسلية كلعبة إيجاد الفوارق، ومسابقات الرسم التي كثيراً ما كانت تنتهي بمواقف طريفة، خاصة عندما يرسم بعضنا بعضاً، وتكون النتائج كارثية ومثيرة للضحك.
ولمحاربة الوقت جلست نسرين غنيم، ربة منزل، تصف قشور اللب بعد الانتهاء من أكله لتشكل منها لوحة على زجاج طاولة القهوة، وتقول: شاركت الصور مع أصدقائي؛ للتعبير عن حالة الملل التي أشعر بها بعيداً عن حياتنا المعتادة وعن لقاءاتنا، بعضهم من ضحك، وبعضهم من أبدى إعجابه، وهناك من شارك صوراً مشابهة حول تصرفات قاموا بها بدافع الملل، فالبعض منهم يؤكد أنه أنهى كل المحتوى الذي يعرض على «نتفلكس»، بينما البعض الآخر ابتكر مقاطع فيديو وهو يتشاجر مع الهواء بينما يجلس وحيداً في المنزل.


قص الشعر بالمنزل


أحياناً يكون الملل دافعاً لتجربة أشياء لم يخطر ببالنا من قبل القيام بها، كقص الشعر مثلاً كما حصل مع ميثا عمر، طالبة جامعية، وتقول: بينما كنت أتجول بين فيديوهات «اليوتيوب» بدافع التسلية شاهدت مقطعاً عن أسهل الطرق لقص الشعر في المنزل، ووجدت الطريقة سهلة ومغرية، فجربتها وكانت النتيجة غير مرضية للأسف، لكن الملل دفعني للقيام ببعض الأمور الإيجابية أيضاً، كتغيير ديكور المنزل بالقيام بتعديلات بسيطة جعلته أكثر راحة وإيجابية، وهذا انعكس على الجميع.
يتمتع ماهر إبراهيم، موظف مبيعات، منذ طفولته بموهبة كوميدية؛ إذ يجمع حوله الأهل والأصدقاء ليقص عليهم المواقف الطريفة التي كثيراً ما يحورها لتكون مضحكة، أما في أوقات الملل فلم تعد تسعفه هذه الملكة كثيراً، فصار يفضل الصمت والتأمل أكثر، حتى وجد نفسه منجذباً إلى مكتبة والده التي لم تكن تلفت انتباهه من قبل، ويقول: مواقع التواصل باتت تشعرني بالملل وفقدان المعنى، لهذا وجدت نفسي بالصدفة أتفقد كتب والدي التي لم أفكر يوماً بتصفحها، وبدأت أنجذب نحو القراءة بشكل غريب، وأشعر براحة ومتعة كبيرة وأنا أقرأ، ولهذا أعتقد أن تأثير الملل عليّ كان إيجابياً.
والغريب أن الملل يدفع الناس بعيداً عن الأنشطة التي يقومون بها في حياتهم اليومية المعتادة، ورغم أن الفراغ يعتبر فرصة ذهبية بالنسبة للمبدعين، فإنه لم يكن كذلك بالنسبة لأحمد حسون، مدير محل مبيعات، فعلى الرغم من كونه يفتقد الوقت ليمارس موهبته بالكتابة، فإنه بدلاً من الكتابة توجه إلى التعرف والاقتراب إلى عالم النباتات والزراعة، ويقول: لم يخرجني من مشاعر الضيق والملل التي كنت أشعر بها إلا تلك النباتات الخضراء التي اشتريتها، وبدأت أهتم بزراعتها والعناية بها؛ لتكون مدخلاً للتعرف إلى عالم الزراعة الذي كان غريباً بالنسبة لي، والآن أجد شغفاً بتجربة زراعة بعض الأنواع التي يمكن زراعتها منزلياً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"