«أخلاق» أهل المهنة

02:49 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

طبيعي أن تخوننا الذاكرة أحياناً، وطبيعي ألا نكون قد شاهدنا كل الأفلام، خصوصاً تلك التي مر على إنتاجها سنوات بعيدة إلى حد ما؛ لذا يعرف البعض كيف يستغل هذا البعد في الزمن والذاكرة، فيستقي أفكاره مما صنعه أهل الفن، ويعيد صياغتها بطرق وأشكال مختلفة، من دون ذكر المصدر أو حتى التنويه بعبارة «مستوحى من».
من المسلسلات التي لاقت نجاحاً في رمضان، «الفتوة» تأليف هاني سرحان، إخراج حسين المنباوي، وبطولة ياسر جلال وأحمد صلاح حسني ومي عمر ورياض الخولي. شاهدناه وأبدينا ملاحظات وإعجاب، وطال الحديث عنه على «السوشيال ميديا» إلى أن شاهدت ومن باب الصدفة، فيلم «سعد اليتيم» تعرضه إحدى قنوات الأفلام العربية، فإذا به «نسخة أصلية» من «الفتوة»، مع فوارق واضحة لا بد أنها متعمدة من هاني سرحان؛ كي يبرر لنفسه هذا التشابه إلى حد الاستنساخ، وتكون الحجة «مجرد تشابه بالصدفة».
لسنا في صدد إجراء مقارنة بين العملين، إنما كل ما في «سعد اليتيم» من دراما ومضمون وقصة في خطوطها العريضة وشخصياتها، خصوصاً الرئيسية، تجده في «الفتوة»، مع فوارق وإضافات لا بد منها؛ كي تتسع القماشة، وتمتد لثلاثين حلقة. لماذا لم يعطِ هاني سرحان الحق لصاحبه الكبير يسري الجندي في الإشارة إلى أنه هو المصدر والمؤلف الأساسي للقصة التي ظهرت على الشاشة عام 1985، وكتب لها السيناريو والحوار عبد الحي أديب؟ لماذا لم تتم الإشارة بأي شكل إلى الفيلم الرائع «سعد اليتيم»، وفريق العمل فيه من المخرج أشرف فهمي إلى الأبطال أحمد زكي، قابله في «الفتوة» ياسر جلال، ونجلاء فتحي «جميلة الجميلات» في القصة والتي أدتها مي عمر في المسلسل باسم «ليل»، والفتوات فريد شوقي ومحمود مرسي في الأول، قابلهما أحمد خليل ورياض الخولي ومعهما أحمد صلاح حسني، وشويكار زوجة الفتوة التي جسدتها عايدة رياض في المسلسل، حتى الخوارج المنبوذين رأيناهم في النسخة الأصلية، ثم ظهروا أكثر توسعاً وتعداداً في النسخة الحديثة!
ليس عيباً أن يعود المؤلفون إلى أرشيف السينما والتلفزيون؛ لاستقاء الأفكار، إنما المعيب أن ينسبوا إلى أنفسهم كل العمل من ولادة فكرته إلى التأليف والإخراج من دون إعطاء الحق للمؤلف الحقيقي ولكل فريق العمل الذي كان الملهم الأول لهم. ألا يكفي ما نشعر به من إفلاس في التأليف والأفكار في كثير من الأعمال التي نشاهدها، كي يضيفوا إليه الإفلاس في حفظ الحقوق الأدبية و«أخلاق» أهل المهنة؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"