كتب رديئة

04:00 صباحا
قراءة دقيقتين
علاء الدين محمود

اعتادت بعض المؤسسات الثقافية الغربية أن ترصد أسوأ الكتب في كل سنة، وهي عملية يشارك فيها نقاد وأكاديميون، كما أن بعض المؤسسات هناك، تشرك الجمهور في عملية استفتاء كبير في عملية الاختيار، وهو تقليد يسير جنباً إلى جنب مع قوائم الكتب الأفضل والأعلى والأقل مبيعاً، وربما يشجع على وجود قائمة لأسوأ المؤلفات في العالم الغربي، سواء كانت مختارة من قبل مختصين، أو عامة الجمهور، هو أن هناك الكثير من المعايير التي يتم الاستناد إليها في الاختيار، فهنالك تقاليد في النشر والتسويق والترويج والقراءة والتناول الإعلامي، كما أن المجتمع بوجه عام بات متصالحاً مع فكرة النقد، ولكن حتى قوائم الكتب الأكثر مبيعاً، ظلت تتعرض لانتقادات شديدة في الغرب، فبعض النقاد هناك يرون أنها لا تخرج بتصنيف حقيقي حول المؤلفات الأكثر أهمية، كما أن وجود قائمة تحتل الكتب الأسوأ، لا يعني أن تلك المؤلفات غير جديرة بالقراءة، فالمعايير في الغرب مختلفة.

وبالمقابل نجد أن قائمة الكتب الأسوأ مسألة ما زالت غائبة في الواقع الثقافي العربي؛ وحتى القوائم الأخرى مثل المؤلفات الأكثر مبيعاً، على الرغم من وجودها، فهي لا تحظى بمصداقية، فالبعض يرى أنها لا تخضع لمعايير محددة، فيما يرى آخرون أنها دعاية للكتب من قبل دور النشر؛ أي ظاهرة للتسويق فقط، أما قائمة الكتب الأسوأ، فهي غير موجودة ربما لأسباب تتعلق بالثقافة العربية نفسها التي تسود فيها المجاملة كثيراً، وتنخفض فيها قيمة النقد الذي يراه المؤلفون خاضعاً لمعايير شخصية في الغالب الأعم.

في عام 2016، كسر موقع «جود ريدز»، القاعدة المتبعة عندما وضع قائمة للكتب الأسوأ في العالم العربي، وهي قائمة كبيرة، وتتوسع باستمرار، لأنها تتجدد من قبل أعضاء الموقع الذين يصوتون على الكتب الرديئة، وتشكل الروايات الأغلبية فيها، وقد شكلت صدمة لكثير من متابعي الموقع، وذلك لأنها تضمنت أسماء بارزة في سماء الرواية، مثل: علاء الأسواني، وأحلام مستغانمي، ويوسف زيدان، وأحمد خالد توفيق، وغيرها من الأسماء الكبيرة، حيث إن وجود مؤلفين كبار في القائمة أثار جدلاً ولغطاً، فالبعض يستنكر وجود كتابهم المفضلين ضمن تلك القوائم، وهذا يشير إلى إشكالية ثقافية ونفسية متمثلة في أن مشاعر الحب والكره التي تشكل معياراً في الاختيار في العالم العربي، تحول دون وجود قائمة للكتب الأسوأ.

لذلك، فإن الخطوة التي قام بها موقع «جود ريدز»، تعتبر جريئة بصورة كبيرة، على الرغم من أن الاختيار قد تم من قبل قراء، إضافة إلى ذلك فإن المؤسسات الثقافية العربية، لا تهتم بمثل هذه القائمة، لأنها لا تريد أن تجلب لنفسها المشاكل، ففكرة النقد غير متسامح معها عربياً، ودائماً ما يسير النقد في اتجاه واحد، وهو إبراز الجوانب الجيدة، كما أن دور النشر في العالم العربي لن تغامر بإصدار مثل تلك القائمة، باعتبار أن معظمها دور خاصة، تعنى بالترويج للمؤلفات باعتبارها سلعة، وليس من المنطق التجاري الترويج لسلعة سيئة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

صحفي وكاتب سوداني، عمل في العديد من الصحف السودانية، وراسل إصدارات عربية، وعمل في قنوات فضائية، وكتب العديد من المقالات في الشأن الثقافي والسياسي، ويعمل الآن محررا في القسم الثقافي في صحيفة الخليج الإماراتية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"