سرقة وصفات طهي

01:51 صباحا
قراءة 3 دقائق

أبوظبي: آية الديب

عاد من بلده إلى الإمارات بعد انتهاء إجازته وهو يفكر جدياً في إنهاء عقد عمله والحصول على مستحقاته والاستقرار في وطنه للعيش مع زوجته التي سئمت فراقه وحرمان أولاده من رؤية أب يعطف ويحنو عليهم، فراتبه لم يكن يكفي لاستقدامهم للعيش معه، ومحادثته لهم يومياً للاطمئنان عليهم لم تكن كافية لإشباع حاجته كأب، وتلبية الاحتياجات النفسية والعاطفية للزوجة والأبناء.
منذ أول يوم عاد فيه للعمل في المطعم الشهير الذي كان يعمل به طاهياً، استشعر «ن.ر» تغييراً كبيراً، فإدارة المطعم عينت مشرفاً جديداً يبدي ملاحظات على الجميع، بل ويتدخل في عمل الطهاة. في البداية تقبل «ن.ر» الملاحظات ولكن بمرور الوقت استشعر أن الغرض من الملاحظات هو مضايقته والتضييق عليه وليس تحسين الخدمة كما ظن، وبعد أيام أكد له زميله شكوكه حين أخبره بأنه سمع المشرف الجديد يطلب من الإدارة خلال إجازته إنهاء خدماته لدى عودته، وحاول إقناع إدارة المطعم بذلك بدعوى أن راتب «ن.ر» كان أكثر من رواتب زملائه، بل إن المشرف اقترح على إدارة المطعم استقدام طاهٍ آخر من جنسية آسيوية يتقاضى نصف راتبه فقط، وبعد أيام من حديث زميله معه، قال له المشرف الجديد إنه لا يجيد الطهي وإن الزبائن يشكون من الأطباق والأصناف التي يطهوها، حينها قال «ن.ر» للمشرف إنه يعمل في المطعم منذ أكثر من 12 عاماً ولم يشك منه أحد قط، ولم يتردد بعد هذا الكلام في طلب إنهاء خدماته والحصول على مستحقاته لكن المشرف الجديد أبلغه بأنه ليست لديه مستحقات مالية، وأنه لن يستطيع إثبات حقوقه ونصحه بالإسراع في حجز تذكرة عودة إلى وطنه ليجتمع بأهله.
لم يجد الطاهي أمامه سوى دفتر الحضور والانصراف الخاص بالعاملين في المطعم فأخذه لدقائق وقطع منه الصفحات التي تثبت أنه كان يواصل عمله، ورفع دعوى عمالية بحق المطعم طالب فيها بمستحقاته، وفي المقابل رفع المطعم بحقه دعوى قضائية اتهمه فيها بسرقة وصفات الطهي الخاصة بالمطعم مؤيداً دعواه بلقطات من كاميرات المراقبة تبين الطاهي وهو يقطع الصفحات من الدفتر بغضب ثم يغادر.
محكمة أول درجة قضت بمعاقبة «ن.ر» بغرامة مالية، فاستأنف الحكم وأمام محكمة الاستئناف أكد أن الدعوى كيدية وأن الدفتر الذي قطع أوراقه هو دفتر تسجيل حضور العاملين وليس دفتراً لوصفات الطهي، وأشار إلى أنه رفع دعوى عمالية بحق المطعم صدر الحكم فيها بالحصول على مستحقاته، وأضاف أن إدارة المطعم ساومته وطلبت منه التنازل عن الدعوى العمالية حتى تتنازل عن دعوى سرقة الوصفات التي رفعتها بحقه.
وبعدما قضت محكمة الاستئناف ببراءته وسط مشاعر حزن على مطعم أفنى فيه أعواماً طويلة من عمره ومشاعر فرح تنتظرها أسرته بعودته، تلقى اتصالاً حدد مصيراً مستقبلياً لم يتم التخطيط له من قبل، بل إنه لم يكن ليخطر بالبال، حيث أخبره المتصل أنه كان أحد الزبائن في عمله السابق وأنه قرر فتح مطعم جديد ويريده أن يعمل مديراً له لأن لا وقت لديه للتفرغ للمطعم وطلب منه تحديد أي راتب يريده.في البداية رفض «ن. ر» العرض وشكر صاحبه مشيراً إلى أنه أبلغ أسرته بأنه سيعود إليهم ولن يغيب عنهم، إلا أن كرم الله كان أوسع، حيث أبلغه صاحب العرض أنه سيمنحه راتباً ضعف راتبه السابق ما يمكنه من استقدام زوجته وأبنائه للعيش معه على أرض الإمارات وقال له: الجميع يحب لسانك العذب وطهيك المميز فلا تيأس واثبت على أسلوبك وتعاملك، وستحقق أكثر مما حلمت به، ولكن عليك أن تعلم بأن نجاحنا لن يأتي سوى بالعمل والمثابرة والاجتهاد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"