قراءات

05:15 صباحا
قراءة دقيقة واحدة
إعداد: محمد صالح القرق

عاش الإمام أبو حنيفة في زمن أغدق فيه الخلفاء والولاة على أصحاب المواهب إغداقاً، حتى صار رزقهم يأتيهم رغداً من كل مكان، بيد أن أبا حنيفة أكرم علمه ونفسه عن ذلك، وحزم أمره على أن يأكل من كسب يمينه، وأن تكون يده هي العليا دائماً.
دعاه «المنصور» ذات مرة إلى زيارته، فلما صار عنده بالغ في إعظامه وإكرامه والترحيب به، فلما أراد الانصراف، دفع إليه بكيس فيه ثلاثون ألف درهم - على ما كان معروفاً من إمساك المنصور - فقال له أبو حنيفة: يا أمير المؤمنين، إني غريب في «بغداد» وليس لهذا المال موضع عندي، وإني لأخشى عليه، فأحفظه لي في بيت المال حتى إذا احتجته طلبته منك، فأجابه المنصور إلى رغبته.
غير أن الحياة لم تطل بعدئذٍ بأبي حنيفة، فلما وافاه الأجل، وُجدت في بيته ودائع للناس تزيد على أضعاف هذا المبلغ، فلما سمع «المنصور» بذلك قال: يرحم الله أبا حنيفة، فقد خدعنا، وأبى أن يأخذ شيئاً منا، وتلطف في ردنا.
ولا غرو، فقد كان أبو حنيفة يوقن أنه ما أكل امرؤ لقمة أعز من لقمة ينالها من كسب يده.

من كتاب «صور من حياة التابعين» للدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"