متلازمة النسر.. ألـم حــاد بأعصاب الفــك الســفلي

03:41 صباحا
قراءة 5 دقائق

تعد متلازمة النسر أو متلازمة إيجل من الحالات التي يتم التعرف إليها من خلال الألم المفاجئ والحاد، مثل آلام في أعصاب الفك السفلي والمفصل الصدغي الفكي، والجزء الخلفي من الحلق وقاعدة اللسان.
وترجع الإصابة بهذه المتلازمة في العادة إلى طول الناتئ الإبري بصورة غير طبيعية، وهي عظمة مدببة أسفل الأذن، ويربط هذا الرباط العضلي اللامي بالعظم اللامي في الرقبة.
يمكن أن يكون السبب تعظم الرباط الإبري اللامي، وهو متداخل مع وظائف المناطق التي تجاوره، ما يؤدي إلى الشعور بالألم بصورة أكبر.
ونتناول في هذا الموضوع مرض متلازمة النسر بكل جوانبه، مع بيان العوامل والأسباب التي تساعد على ظهور هذه المشكلة، وكذلك أعراضها التي تميزها عن غيرها من الحالات المتشابهة، ونقدم طرق الوقاية التي ينصح بها الباحثون، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.


إشارات غير طبيعية


يعد ألم متلازمة النسر من آلام الأعصاب المزعجة، أي أن السبب فيه إشارات عصبية غير طبيعية، وليس نتيجة إصابة في المنطقة التي تعد مصدر الألم.
ويكون الألم في العادة نابضاً، وغير واضح، ومن الممكن أن تشتمل الأعراض على إحساس المصاب بأن هناك شيئاً ما عالقاً في داخل الحلق، ويشكو بعض المصابين من ألم في الرقبة وكذلك طنين في الأذن.
ويلاحظ أن الألم يكون في جانب واحد من الرقبة أو الوجه، وبخاصة بالقرب من الفك، وربما يكون ثابتاً أو يأتي ويزول، كما أنه يكون أسوأ عند التثاؤب أو تحريك الرأس.


مجهولة السبب


تصيب متلازمة النسر الرجال والنساء على السواء، كما أن جميع الأعمار عرضة للإصابة بهذه المشكلة، إلا أنها أكثر انتشاراً لدى السيدات بين عمر 40 إلى 60 سنة، وفي الأغلب فإن سبب حدوث المرض يكون مجهولاً.
وترجع الإصابة لدى كثير من المصابين إلى الناتئ الإبري الطويل، ويمكن أن ينشأ لدى البعض عقب إصابة في الحلق أو عملية جراحية.
ويحدث هذا الأمر في حالات أخرى نتيجة اختلاف تشريحي أو أنه تغيير يرتبط بالعمر، وربما يضغط الناتئ الإبري الطويل على الحلق والأعصاب القريبة أو الأوعية الدموية، وبالتالي يسبب الألم للمصاب.
وتتضمن الأسباب في حالات أخرى، إجراء استئصال للوزتين، وهو ما يؤدي إلى تكون نسيج ندبي في الحلق وما حوله، ومن الممكن أن يضغط هذا النسيج على الأعصاب المحيطة، وبالتالي يتسبب بالشعور بالألم وطنين في الأذنين.
وتتكون لدى بعض المصابين رواسب كلسية على الرباط الإبري اللامي، وتكون مرتبطة بالناتئ الإبري، وأغلب المصابين لا يشكون من أي أعراض، والبعض الآخر ربما شعر بالألم مع إحساس غير مريح.


صعوبة البلع


يشكو الشخص المصاب بحالة متلازمة النسر من بعض الأعراض، وإن كان كثير من الناس يكون الناتئ الإبري لديهم طويلاً بشكل غير عادي ولا يشكون أي أعراض.
وتشمل الأعراض التي يعانيها بعض المصابين صعوبة عند البلع، والشعور أن هناك شيئاً ما عالقاً في الحلق، مع ألم يبدأ من الحلق ويمتد للأذن أو الفك.
ويشكو كذلك من ألم في قاعدة اللسان وألم عند البلع، أو وجع عند تدوير الرأس إلى أحد الجانبين، وألم يشبه النبض في الفك، كما يشكو من الصداع، وربما عاني بعض المصابين إحساساً غير مريح في الرأس أو الرقبة عموماً.


ألم في الوجه


يقسم بعض الباحثين والأطباء أعراض هذه المتلازمة إلى أمرين الأول الاصطدام بالأعصاب القحفية، والثاني الاصطدام بالشريان السباتي.
ويمكن أن يعاني المصاب بسبب الاصطدام بالأعصاب القحفية أعراضاً تنتج عن انضغاط وتخريش الأعصاب القحفية في المنطقة، وهذه الأعصاب هي الخامس والسابع والتاسع والعاشر. وتشمل هذه الأعراض ألماً في الوجه عند دوران الرأس، وصعوبة في عملية البلع، ويشعر المصاب بوجود جسم غريب.
ويعاني ألماً عندما يقوم بمد لسانه، كما يحدث لديه تبدل في الصوت، مع زيادة إفراز سائل اللعاب، ويشعر بألم في الأذن مع طنين.


فقد الوعي


يمكن أن يؤدي الاصطدام بالشريان السباتي إلى ظهور أعراض وعائية، إضافة إلى الألم على طول الشريان، والذي يصل إلى المنطقة التي يزودها هذا الشريان بالتروية الدموية.
ويتسبب الانضغاط الميكانيكي في أعراض بصرية كالغشي، وربما أدى إلى فقد المصاب لوعيه، كما أنه يتسبب بتسلخ الشريان السباتي، ويؤدي تخريش الضفيرة الودية- أو ما يعرف بإيلام السباتي- إلى حدوث ألم في العينين، إضافة إلى ألم جداري.


صعوبة التشخيص


يحتاج تشخيص متلازمة النسر إلى طبيب ذي خبرة جيدة، لأن الأعراض التي يشكو منها المصاب تشترك مع كثير من المشاكل الصحية الأخرى.
ويمكن أن يميل التشخيص إلى الإصابة بهذه المتلازمة عندما يبدأ المصاب الشكوى من الأعراض التقليدية لها، مثل الألم في أحد جانبي الرقبة أو التهاب الحلق أو طنين الأذن، وربما زادت حدة الأعراض عندما يلمس الطبيب البروز الإبري بيديه من خلال اللوزتين.
ويساعد على تشخيص هذه الإصابة التخيل، ولذلك يتم تصوير البروز الإبري من خلال إجراء أشعة مقطعية، والتي تعد أفضل تقنية للتشخيص، ومن الممكن رؤية البروز الإبري المتضخم في صور الأشعة السينية التي تجرى على النسيج الرخو للرقبة. ويمكن إحالة المصاب لأخصائي أنف وأذن وحنجرة، وذلك بهدف استبعاد أي حالة أخرى من الممكن أن تكون سبباً في هذه الأعراض التي يشكو منها المصاب.


التنظير الداخلي


يعتمد علاج المصابين بمشكلة متلازمة النسر في الأغلب على التدخل الجراحي؛ حيث يقوم الجراح بتقصير المنطقة الإبرية.
ويمكن أن يحتاج هذا الإجراء إلى إزالة اللوزتين، عندما يقوم بالجراحة من خلال الفم، إضافة إلى احتمال تضرر الأوعية الدموية التي تحيط بهذه المنطقة.
وتساعد الجراحة من خلال فتحة في الرقبة على الوصول إلى الناتئ الإبري بشكل أفضل، إلا أن هذا الأمر في العادة يترك ندبة كبيرة، إضافة إلى احتمال تضرر الأجزاء التي تحيط بالجسم وأعصاب الوجه.
وتعد جراحة التنظير الداخلي من الخيارات الشائعة لعلاج متلازمة النسر؛ حيث يقوم الطبيب بإدخال كاميرا صغيرة، والتي تعرف بالمنظار الداخلي، وينتهي بأنبوب رفيع طويل، ويدخل من خلال الفم أو أي فتحة صغيرة.
ويتمكن الطبيب من خلال الأدوات المتخصصة التي ترتبط بالمنظار من إجراء الجراحة، والتي تمتاز عن الجراحة التقليدية في سرعة تعافي المصاب ومخاطرها الأقل.


العلاج الدوائي


يلجأ الطبيب المختص إلى الاكتفاء ببعض الأدوية للسيطرة على الأعراض التي يشكو منها المصاب، وذلك في الحالات التي تمثل الجراحة خطورة عليها.
وتشمل هذه الأدوية مضادات الالتهاب والتي تصرف من غير وصفة طبية، وكذلك مضادات الالتهاب غير السترويدية، وأيضاً مضادات الاكتئاب، وخاصة ثلاثية الحلقات، ومضادات الاختلاج، مع الاعتماد على بعض المنشطات والتخدير الموضعي عبر البلعوم.

ثلاثة أضعاف


تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن حوالي 4% من تعداد البشر يعانون تضخم البروز الإبري، وذلك بحسب مركز معلومات الأمراض الوراثية، إلا أن من يشكون من أعراض هذه المتلازمة لا يتجاوزون 10% من هؤلاء.
وأشــــار المركــز إلــى أن إصــابة النساء بمتلازمــة النسر تصــل  إلى 3 أضعاف عدد الرجال الذين يشكون من أعراضها. ويمــكن أن تؤدي متلازمـــة النسر فــي بعض الحــالات القـليلة للــغايــة إلى بعض المضاعفات، حــــيث تضغط المنطقة الإبرية على الشــــرايين السباتية الداخـــلية على جانبي العنق، وهو الأمر الذي يمكن أن يسبب سكتة دماغية.
ويجب في هذه الحالة الحصـــول على رعاية طبـية فورية، وتشمــــل أعراضها الصداع والضعف وفقــــدان التوازن وتغـييرات في الرؤية.
الجدير بالذكر أن أول وصف أعراض متلازمة النسر كان في عام 1937 على يد طبيب الأنف والأذن والحنجرة «ويمز إيجل»، وتمت تسميته باسمه، متلازمة إيجل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"