العيد «العود».. ضيافة ومريحانة وسباقات

02:12 صباحا
قراءة دقيقتين
الشارقة: «الخليج»

فرحة العيد «العود»، أي العيد الكبير أو عيد الأضحى، لم يكن يشبهها في الماضي فرحة، على الرغم من بساطة الإمكانات، ففيه تحظى الأغلبية بالملابس الجديدة، يتزينون، ويستعدون لخوض السباقات واللهو لأربعة أيام، ويشهدون مظاهر الفرح في الرزفات.
قبل حلول العيد بما يقارب الشهر تستعد النسوة والأمهات على وجه الخصوص بتهيئة ملابس العيد للأبناء والرجال، فتعكف الأم على خياطة ملابس أبنائها من الصبيان والبنات يدوياً، قبل أن تتوفر أجهزة الخياطة، فتخيط ملابس الأبناء، وثوباً لها قد يزين بالزري والمخور أو لا بحسب الموسم. في الشتاء يفضل تزيين الملابس، بينما الأنسب كندورة خالية في الصيف بسبب حرارة الطقس. أما رجل المنزل، فتهيئ له زوجته وتساعدها أخرى كندورته، واحدة تخيطها، وأخرى «تقيطنها»، أي تغزل فيها القيطان والفروخة والفصمة، وهو ما يحيط رقبة الكندورة، هذا ما تحدثنا به موزة سيفان «أم أحمد»، إحدى خبيرات مركز الحرف الإماراتية التابع لمعهد الشارقة للتراث.
تسترجع أم أحمد معنا طفولتها، لتخبرنا عن أبرز ملامح صباح عيد الأضحى قائلة: «تتنوع وجبة الفطور التي نشهدها فيه من أنواع الوجبات التراثية كالبلاليط واللقيمات والخبيص، وتعد القهوة للضيوف إلى جانب أنواع خبز الخمير والمحلى، بينما تتسم وجبة الغداء بوجود اللحوم والأسماك، كوجبات العيش واللحم، المالح والعيش، الثريد، القوزي، وغيرها، وفي كل ذلك فإن الاجتماع بين أهل البيت والضيوف على الوجبات كان له نكهته الخاصة في ظل حياة اجتماعية بسيطة ومميزة».
بعد الظهيرة، يستعد الجميع للفرح خارج المنزل، ليستمتع الرجال والصبية في الفريج، أي الحي، بأنواع السباقات، كسباقات الخيول والهجن، فيتبارى المشاركون، ويشجع الجمهور بأعلى الأصوات، وتزخر الساحات العامة بالرزفات والعيالة والعرضات، وغيرها من أنواع الفنون الشعبية التي كانت مظهراً مميزاً للبهجة بحسب أم أحمد، فيما تستمتع الفتيات بالمريحانة، أي المراجيح، ودولاب الهواء والأولاد يستمتعون بالألعاب الشعبية البسيطة. وتشير إلى أن ساحة الرولة، نسبة إلى أكبر شجرة رولة في الشارقة، كانت مقر الاحتفال في العيدين، وينتشر هنالك باعة الحلويات والأكلات البسيطة في وقت يشتري الأطفال بما جمعوه من عيدية ما يحلو لهم، خاصة أن عيدية العيد «العود» أكبر من عيدية «الفطر».
الاستعداد للعيد كان بالنسبة للنساء والفتيات بغاية البساطة، لكنه ينبئ بأن اهتمام المرأة بنفسها حاضر في كل وقت مهما كانت الإمكانات، فتأتي إحدى النسوة المختصات بالزينة في الفريج، وهي بمنزلة الكوافيرة اليوم، لتعقص شعر البنات والنساء، أي تسرحه وتضفره، بعد أن تضيف له «البضاعة»، وهي خلطة من مجموعة نباتات عطرية وزيتية ليلة العيد، تظل فواحة الرائحة حتى أسبوع، وتضع بعضهن الحنة من دون تشكيل، وتلف اليدين بخرقة قماش حتى صباح العيد، بينما تهتم المتزوجات بنقوش الحنة البسيطة على أكفهن.
بساطة الحياة قديماً لا تعني بساطة الفرحة، بل إن السعادة كانت تملأ القلوب والوجوه بأبسط الإمكانات بالقناعة والرضا، وحب الناس لبعضهم البعض، وتعاونهم كان مدعاة لفرحة الجميع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"