التهاب النسيج الخلوي.. مضاعفات تتفاقم بالإهمال

01:20 صباحا
قراءة 5 دقائق

يعرّف الأطباء التهاب النسيج الخلوي بأنه عدوى جلدية بكتيرية، والتي تصيب في الغالب الجزء السفلي من الساقين، ومن الممكن أن تمتد الإصابة إلى أماكن أخرى في الجسم، والتي تصنف مضاعفاتها على أنها جسيمة إذا أهملت وتفاقمت.
تحدث الإصابة بهذه الحالة نتيجة الحساسية، أو بسبب إصابة ميكروبية ناجمة عن أحد أنواع البكتيريا، التي من السهل أن تصل للقدم أو المكان المصاب بجرح أو عن طريق خدش فيه، ومن الممكن أن ترجع بعض الحالات لوجود خلل ما حدث في الجهاز المناعي.

تبدو المنطقة المصابة متورمة وذات لون أحمر، ومن الممكن أن تكون ساخنة ومؤلمة، ويبدأ هذا الالتهاب في مساحة صغيرة ومن ثم تزداد اتساعاً.
تختلف حدة التهاب النسيج الخلوي بين الخفيفة إلى الحادة، وتعد المضادات الحيوية العلاج الفعال لأغلب هذه الحالات.
يظل العلاج السريع ضرورياً، لأن الإهمال يؤدي لانتشار المرض في المناطق المجاورة مثل العضلات والمفاصل، كما أن الالتهاب الحاد يتسبب في امتداده للعقد اللمفاوية ومجرى الدم، والأنسجة العميقة مما يهدد حياة المصاب.
نتناول في هذا الموضوع مرض التهاب النسيج الخلوي بكل تفاصيله، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه المشكلة، وكذلك أعراضها التي تميزها عن غيرها من حالات التحسس المتنوعة والمتشابهة، ونقدم طرق الوقاية الممكنة التي ينصح بها الباحثون، وأساليب العلاج المتنوعة والحديثة.


نقطة الخدش


ترجع الإصابة بمرض التهاب النسيج الخلوي إلى دخول البكتيريا أو الجراثيم إلى جسم الطفل، وذلك عبر ما يعرف بنقطة الخدش، وفي الغالب فإنها لا ترى بشكل يسير للعين.
تعرف نقطة الخدش بأنها جرح أو ثغرات موجودة على سطح الجلد أو البشرة، ويعد أكثر أنواع البكتيريا تسبباً في الإصابة بهذه الحالة هي العقديات والمكورات العنقودية.
تتسبب بعض العوامل الأخرى في زيادة خطر الإصابة بالتهاب النسيج الخلوي، ومن ذلك عندما يكون الجلد جافاً، ويميل للتقشر في صورة رقائق.
يمكن أن توفر أي فتحة في البشرة مدخلاً للجراثيم والميكروبات، كأن يكون هناك خدش بسيط أو لدغات الحشرات المختلفة، أو تقرح أو أن يكون المصاب خضع مؤخراً لعملية جراحية.
يزيد من خطر الإصابة بالتهاب النسيج الخلوي بين الأشخاص الذين يعانون أحد الأمراض الجلدية، ومنها على سبيل المثال التهاب الجلد والإكزيما وقدم الرياضي.


القوباء المنطقية


يتسبب مرض القوباء المنطقية في بعض الأحيان في حدوث تقرحات متشققة، والتي تكون عرضة للالتهاب، كما أن الحكة تتسبب في ظهور الخدش، والتي تسمح للجراثيم أن تدخل لأعمق الطبقات داخل الجلد.
تصاب البشرة أحياناً بالتورم، وذلك عندما تتضرر الأوردة أو الجهاز اللمفاوي، أو عند خضوع المصاب لعملية جراحية، وبسبب تورم البشرة فإنها من الممكن أن تتشقق، وبالتالي تدخل من خلالها أنواع الجراثيم المختلفة.
تزيد فرصة الإصابة بمشكلة التهاب النسيج الخلوي لدى الأفراد الذين يعانون أمراضاً معينة ومنها السرطان وداء السكري، وذلك نتيجة سوء الدورة الدموية، أو ضعف الجهاز المناعي، وبصفة عامة فإن السيطرة على مرض السكري ربما أدت لتراجع خطر اضطراب الدورة الدموية، وبالتالي تراجع حدة الالتهاب الخلوي.
يعد من عوامل الخطر في هذه الحالة الإصابة بالاعتلال العصبي المحيطي، وأيضاً لو كانت هناك إصابة سابقة بالتهاب النسيج الخلوي.


الشعور بالألم


تعد أبرز أعراض مرض التهاب النسيج الخلوي وجود تورم في الجلد، مع إحساس بألم في المنطقة المتورمة، ومن الممكن أن يكون لونها أحمر وساخنة، وبخاصة لو كانت متضررة وكبيرة الحجم.
يمكن أن يعاني المصاب صداعاً، والذي يصاحبه حمى تستمر لأكثر من ساعتين، وبصفة عامة يكون المصاب متوعكاً، ويشعر بنعاس شديد، مع تغييرات في الشخصية والكلام أو النشاط.
تشمل الأعراض كذلك فقد الوزن بصورة ملحوظة، وصعوبة في المشي، وتصاب الذراع أو الساق بالضعف، كما يعاني حالة تيبس في الرقبة، ونوبات من اهتزاز الجسم، تصل لدرجة عدم استطاعته إيقافه، كما يعاني اضطراباً في الرؤية.
تعد مضاعفات التهاب النسيج الخلوي خطيرة للغاية ومهددة للحياة في بعض الحالات، بالرغم من أنها قليلة الحدوث، حيث إن الحالات الحادة منه تتسبب في موت النسيج المحيط به.
كما يمكن في بعض الإصابات النادرة أن تنجح الجراثيم في الدخول إلى مجرى الدم، وبالتالي ينتشر الالتهاب في مناطق الجسم البعيدة، مسببة خطورة وأعراض أكثر قسوة.


فحص بدني


يعتمد تشخيص مرض التهاب النسيج الخلوي على الفحص البدني، كما أن الطبيب المعالج يطلع على التاريخ الطبي للمصاب، ليتعرف على الحالة جيداً.
يمكن أن يلجأ المختص أيضاً إلى طلب إجراء بعض الفحوص والتحاليل، مثل سرعة الترسيب، وذلك بهدف التأكد أن هناك ميكروبات دخلت بالفعل، كما أن فحوص الدم وصور الأشعة من المؤكد أن تكون ضرورية لاستبعاد الحالات الأخرى المتشابهة.
تشمل هذه الحالات تخثر الدم في أحد أوردة الساق، أو وجود تفاعل سلبي مع أحد الأدوية، أو حساسية جلدية أخرى، أو التهاب أحد المفاصل، أو وجود وذمات ليفية، وبصفة عامة فإن حالات التهاب النسيج الخلوي البسيط لا تحتاج إلى أي فحص إضافي.
يمكن للطبيب أن يحدد المنطقة التي تضررت بسهولة عن طريق الاستعانة بالقلم، والهدف أن يتعرف هل انتشر الالتهاب لاحقاً أم لا؟.


الراحة التامة


يوصي الأطباء في إطار علاج مشكلة التهاب النسيج الخلوي بإراحة الطرف المصاب تماماً، مع تناول المضادات الحيوية اللازمة، وذلك لمدة 14 يوماً، وفي الغالب يكون التناول من خلال الفم، أما في الحالات البسيطة فيمكن أن يكون المضاد الحيوي على صورة مرهم.
يضاف للمضاد الحيوي خافض للحرارة، وبنسلين طويل الأمد، وذلك في الحالات التي يكون فيها الالتهاب بسبب عدوى بكتيرية، ويكون على صورة حقنة كل 15 يوماً، وذلك لإيقاف نشاط الميكروب.
تقل غالباً أعراض هذا المرض بعد عدة أيام من العلاج، وذلك بفضل الالتزام بجرعات المضاد الحيوي مع العقاقير الموضعية الأخرى، والتي لها القدرة على تخفيف الورم، مثل استعمال الكمادات ورفع الساقين.


المشاكل الكامنة


يساعد تراجع الورم الناتج عن التهاب النسيج الخلوي في أن تتحسن إمدادات الدورة الدموية للمكان المصاب، وبالتالي يصل المضاد الحيوي إلى مواقع الالتهاب بسهولة، وهو ما يزيد من فاعليته.
يجب استكمال جرعة المضادات الحيوية حتى مع الشعور بالتحسن، لأن الالتهاب من الممكن أن يعود في الحالات التي تكون المعالجة ناقصة.
يجب الاهتمام بعلاج المشاكل الكامنة وراء الإصابة بالتهاب النسيج الخلوي مثل داء السكري والإكزيما والوذمات، لأنه يساعد في التخلص من الالتهاب ويمنع بالتالي تجدده مرة أخرى.
يمكن أن تحتاج بعــــض الحالات الحــــادة إلى البقاء فترة فـــي المستشفى لمدة، وذلك لتناول المضادات الحيوية عــــن طريق الوريد، وأيضاً الخضـــوع لعملية المراقـبة المنتظمة، من أجل الحماية من الإصــــابة بأي مضاعفات، وحتى تتحسن الأوضاع بصورة سليمة وسريعة في الوقت نفسه، وتمر مرحلة الخطر بسلام.


نصائح مفيدة


يوجه الأطباء والباحثون مجموعة من النصائح المهمة في سبيل التعافي من مرض التهاب النسيج الخلوي، والتي تبدأ باستشارة الطبيب في أقرب وقت عند رؤية بقع حمراء على الجلد أو الإحساس بالحكة القوية والمستمرة، وذلك قبل حدوث تفاقم الوضع، وكذلك عند مرافقة هذه البقع باحمرار وحكة مزعجة.
يجب تجنب استعمال المراهم والأدوية التي يوصي بها الآخرون كنوع من العلاج دون موافقة الطبيب، لأن كل حالة لها ظروفها، والتي تجعلها مختلفة عن غيرها، وبالتالي فإن استخدام مثل هذه الاقتراحات يمكن أن يكون مؤذياً للجلد والبشرة ويترك آثاراً مزعجة.
يجب مراجعة الطبيب على الفور إذا لم يستطع المصاب تناول المضاد الحيوي بسبب القيء المتكرر، أو في الحالات التي يشعر فيها بنعاس قوي، أو لا يكون بصحة جيدة، وكذلك من يعاني حمى لمدة أكثر من 3 أيام، برغم من تناول المضاد الحيوي الموصوف.
تشمل هذه الحالات كذلك زيادة التورم والاحمرار أو الألم، حتى بعد تناول المضاد الحيوي لمدة 24 ساعة، ولو كان التهاب النسيج الخلوي حول العين ولم يتحسن بعد 48 ساعة من تناول المضاد الحيوي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"