آلام الكتف.. مقدمة لمضاعفات خطرة

تحقيق: راندا جرجس

يعد الكتف من أكثر المفاصل مرونة في الجسم، ومع ازدياد الحركة والضغوط والإجهاد المتكرر، وحمل الأشياء الثقيلة أثناء ممارسة الأنشطة اليومية أو التدريبات الرياضية الكثيفة، يتعرض لبعض المشكلات المرضية؛ مثل: الالتهابات والتيبس والخلع، وربما تتطور المضاعفات إلى قطع جزئي بالوتر، ما ينتج عنه شعور بآلام شديدة عند رفع الذراع بالكامل أو أثناء النوم، وفي السطور المقبلة، يخبرنا الخبراء والاختصاصيون عن طرق العلاج والوقاية.
يقول الدكتور أحمد لبيب استشاري جراحة العظام والمفاصل وإصابات الملاعب: إن التهاب أوتار الكتف من أكثر المشكلات الشائعة، وتبدأ أعراض الإصابة بآلام وفقدان القدرة على استخدام اليد بالكامل حتى في الأنشطة اليومية البسيطة؛ حيث إن الألم يحد من الحركة، ويزيد من التحميل على عضلات الصدر؛ لرفع اليد، ومع استمرار الضغط على الكتف بالتمارين الشديدة، والاحتكاك الخاطئ، وعدم علاج الالتهابات مبكراً؛ تتحول الإصابة إلى قطع جزئي للوتر الرئيسي لمفصل الكتف، أو يدخل المريض في حالة الكتف المتيبس أو المتجمد؛ أي فقدان الحركة، وعدم القدرة على رفع الذراع بالكامل.

اختبارات وفحوص

يذكر د.أحمد أن تشخيص التهابات الكتف، يبدأ من استبعاد المشكلات المرضية الأخرى؛ كالانزلاق الغضروفي، أو إصابات الرقبة؛ حيث إن الضغط على أعصاب اليد؛ يؤدي إلى زيادة أعراض آلام الكتف، ثم الفحص السريري لمكان الألم، وكشف مدى مرونة الحركة لدى المريض، والاستفسار عن الرياضات التي يمارسها، وإجراء أشعة رنين مغناطيسي إذا كان الألم مستمر لفترة طويلة كعدة أشهر، وتصاحبه محدودية في الحركة.

خطة العلاج

يشير د.أحمد إلى أن علاج التهابات الكتف يختلف من مريض إلى آخر، ويتم تحديده بناء على طول فترة الشكوى من الأعراض، والعمر، ودرجة الإصابة التي وصل إليها الكتف، سواء كانت التهاباً فقط أم قطعاً جزئياً أو كلياً في الوتر، ويبدأ الطبيب في وصف الأدوية المضادة للالتهاب، ثم الخضوع لجلسات العلاج الطبيعي؛ عبر استخدام الموجات فوق الصوتية، وتمارين التمدد لإعادة الحركة لفترة تراوح من شهرين إلى ثلاثة، مع الامتناع عن حمل الأشياء الثقيلة، وتنطبق هذه الطريقة على المرضى الذين لا تتطلب حياتهم حركات اليد فوق مستوى الكتف.
يضيف: في حالات القطع الجزئي أو الكلي في الوتر، وانعكاف العظم على الوتر الذي يزيد من الإصابة عند احتكاك عظمة الكتف بوتر الرفع، يتم استخدام المنظار أو التدخل الجراحي المحدود؛ لإعادة تثبيت القطع، وتنظيف الالتهاب، تعد حقن الكتف إجراء شائعاً؛ لكنه مؤقت، ولا يحقق النتائج المرجوة منه إلا في حالات محددة، ونحو 90% من مرضى التهابات الكتف يستجيبون للأدوية مع العلاج الطبيعي الذي يساعد على استعادة الحركة، وتقوية العضلات، ويمكن استخدام منظار التدخل الجراحي المحدود لبعض الحالات؛ لإصلاح ميكانيكية الكتف.

خلع الكتف

يذكر الدكتور فريد جرجيس مختص أمراض العظام أن خلع الكتف يعـــــني تحول رأس عظمــــة العضد من مكانها نتيجة إصابة ما، ويتسبب ذلك فـــي الشعور بألم شديد وفــــقد حركة الكـــتف تماماً، ويمـــكن أن تنجم هذه الحالة؛ بسبب زيادة مرونة الأربطة وضــــــغط العضلات المحيطة بها، ما يؤثر في ثبات الكتف إلى جانب ضعف اللياقة البدنية ونقص التغــــذية، وعدم الاعتماد على المعادن اللازمة لتقوية العضلات والأربطة كالماغنيسيوم والكالسيوم والفوسفور والزنك، وهناك بعض العوامل الأخرى مثل:
} شد الكتف بقوة عند ممارسة الرياضات الاحتكاكية العنيفة كالمصارعة، وكذلك في كرة القدم عند اصطدام لاعب بآخر.
} يمكن أن يرافق خلع الكتف الطفل منذ الولادة، أو تحدث الإصابة نتيجة التعرض للسقوط مع الاتكاء على الذراع، أو التوائه وراء الظهر، ما يؤدي إلى التواء خارجي في الذراع يؤثر في الكتف ويتسبب في خلعه.
} الخلع المتكرر الذي لم يعالج بشكل صحيح، ودون الحصول على التأهيل الكافي للمفصل.

فئة مستهدفة

بوضح د.فريد أن تكرار حركة الكتف لفترة طويلة يؤدي إلى استطالة الأربطة المحيطة بمفصل الكتف، ما يسبب عدم ثباته. وأكثر الأشخاص المعرضين للإصابة بخلع الكتف؛ هم الرياضيون الذين يمارسون التمارين التي تستدعي رفع الذراع مثل التنس، السلة، الكرة الطائرة، والسباحة، إضافة إلى الحرفيين كرافعي الأحمال الثقيلة فوق الرأس وعمال الدهانات، ومن يعانون نوبات الصرع، والتي ينتج عنها حدوث خلع مفصل الكتف، وكذلك الذين تعرضوا لهذه الإصابة سابقاً، وخاصة الشباب أقل من 20 سنة، وتراوح فرصة تكرار الخلع لديهم بنسبة 90%، إضافة إلى العامل الوراثي الذي يلعب دوراً في زيادة مرونة أربطة الكتف، ما يجعل المفصل غير مستقيم.

أعراض وتشخيص

يبين د.فريد أن أعراض خلع الكتف تتمثل في وجود رأس عظمة العضد أسفل عظمة الترقوة وتورم وآلام شديدة في المنطقة المصابة، وعدم القدرة على تحريك المفصل، ويتم التشخيص عن طريق الفحص السريري، وإجراء الأشعة السينية لتحديد مكان الخلع، وأشعة الرنين؛ للكشف عن أي إصابة بالأوتار أو غضاريف المفصل، والأشعة المقطعية لفحص عظام المفصل، وتحديد مدى الإصابة؛ لوضع خطة للعلاج.

تدابير الشفاء

ينبه د.فريد إلى أن الإصابة بخلع الكتف تعرض المصاب للعديد من المضاعفات مثل: تمزق عضلات وأربطة وأوتار مفصل الكتف، وإصابة الأعصاب والأوعية الدموية إضافة إلى خلل بثبات مفصل الكتف، ما ينتج عنه تكرار الخلع، وتختلف طريقة العلاج بحسب نوع الحالة:
} في معظم الأحيان يتم رد المفصل إلى وضعه الطبيعي من دون أي تدخل جراحي تحت تخدير عام أو تسكين قوي، ويكون التدخل الجراحي في حالات الكتف الحاد وتعد نادرة الحدوث.
} التدخل الجراحي في حالات خلع الكتف المتكرر؛ بهدف زيادة ثبات المفصل، ويتم تثبيت غضروف المفصل، أو وضع قطعة عظام من المريض؛ من خلال هذه العملية؛ لتحد من حركة المفصل.

مشكلات متعددة

يشير الدكتور عمرو اليماني مختص طب العظام إلى أن الكتف مفصل بين رأس عظمة العضد والتجويف الحقاني لعظمة الكتف، وتحيط به مجموعة متنوعة من العضلات والأوتار الدوارة، ما يسمح بحرية أكثر للحركة المستقرة في كل الاتجاهات؛ ولذلك فهو معرض للعديد من الضغوط والإصابات، ونذكر منها:
} قطع بالأوتار الدوارة، وتحدث في الأغلب مع الإصابات الرياضية، أو السقوط الخاطئ، ويستدعي معظمها التدخل الجراحي المحدود بالمنظار؛ لتصليح الأوتار.
} الخلع المتكرر لمفصل الكتف الذي يرافق الطفل منذ الولادة، أو الناتج عن إصابة أثناء أداء الرياضة، أو التعرض لحادث ما، ويمكن أن يحدث في كل الاتجاهات أو واحد فقط سواء الأمامي أو الخلفي، أو العلوي، أو السفلى، وترافق هذه الإصابة آلام مزمنة، ويجب التدخل الجراحي بالمنظار لتصليح الحافظة الأمامية للكتف.

التهابات الوتر

يؤكد د.عمرو أن إصابات الكتف متعددة ومختلفة ويمكن أن تحدث مع الولادة أو نتيجة إضابة حادة، أو بسبب وجود التهابات نتيجة احتكاك العظام والمفاصل خلال المراحل العمرية، وتعوق مرونة الحركة ومنها:
} التهابات الأغشية الحاضنة حول مفصل الكتف، وتحدث في الأغلب جرّاء الاحتكاك المباشر من النتوءات العظمية حول المفصل، أو التهابات تكلسية بالأغشية، وفى معظم الحالات تستجيب المشكلة للعلاج التحفظي، بالأدوية والعلاج الطبيعي، ونادراً ما يلجأ الطبيب للتدخل الجراحي.
} التهابات تكلسية بالأوتار الدوارة، ناتجة عن خلل جيني بالأنسجة، ما يسمح بترسب الكالسيوم عوضاً عن الترسب بالعظام، ويسبب ذلك آلاماً عنيفة بالكتف، تعالج عن طريق حقن المفصل بالكورتيزون، وتتطلب بعض الحالات التدخل المحدود باستخدام المنظار؛ لرفع التكلسات بالأوتار.
} الالتهاب التلاحمي بأغشية المفصل، وتظهر هذه الحالة على الأكثر مع مرضى السكر، وتؤثر في مدى حركة الكتف، ويستعيد المفصل الحركة في فترة تراوح من 3 إلى 6 أشهر، ويمكن استخدام حقن المفصل، ونادراً ما تحتاج إلى التدخل الجراحي بالمنظار.
ويختتم: لتجنب الإصابة يفضل المحافظة على تقوية العضلات بأنواع الرياضات المناسبة، والابتعاد عن الاستخدام الخاطئ للتمارين، والمحافظة على نسبة السكر بالدم، وعدم حمل الأشياء الثقيلة، والاهتمام بأسلوب الحياة الصحي والتغذية السليمة.

عادات خاطئة

تبدأ مشكلات الكتف بالظهور تدريجياً بآلام بسيطة عند محاولة رفع اليد، أو أثناء النوم على الجهة المصابة، ويرجع ذلك إلى قيام بعض الأشخاص بممارسة عادات خاطئة أثناء التدريبات الكثيفة والمتعاقبة دون إعداد عضلات مفصل الكتف بشكل جيد؛ حيث إن ممارسة الرياضة بشكل مستمر يقوي العضلات، ويعزز مرونة حركة المفصل، وتعد أكثر الرياضات التي تؤدي إلى وجود التهابات أو الإصابة أمراض الكتف، كرة السلة، واليد، والطائرة، والملاكمة.