آلام أسفل الظهر اضطرابات عظمية ومفصلية

01:00 صباحا
قراءة 5 دقائق
تحقيقات: «الصحة والطب»

تتشكل منطقة أسفل الظهر من هيكل قوي ومتين يتكون من عظام متداخلة، وأعصاب، وأربطة، وعضلات مرنة، ولذلك فهو عرضه للإصابات والآلام التي تعتبر مشكلة صحية شائعة، وتشير بعض الدراسات إلى أن هذه الاضطرابات تستهدف على الأكثر ثلث البالغين من الأشخاص حول العالم، وهم الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و50 عاماً، كما تصيب أكثر من نصف الأفراد الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً، نتيجة نقص السائل الموجود بين الفقرات، ويساعد على مرونتها في العمود الفقري، وربما يرجع السبب إلى حدوث التواء أو إجهاد العضلات نتيجة لنمط الحياة وعدم أداء التمارين، والتوتر، وبعض العادات الخاطئة، مثل: رفع الأشياء الثقيلة، أو القيام بحركات مفاجئة ينجم عنها تمزق في العضلات، أو عن بعض الأمراض كعرق النساء، والتهابات المفاصل، وسرطان الحبل الشوكي، وغيرها، ومع تطور هذه الحالة يتعرض المريض لبعض المضاعفات كالتشنجات العضلية عند الحركة، والتأثير السلبي في ممارسة الأنشطة اليومية، وفى هذا التحقيق يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على هذا الموضوع تفصيلاً.
يقول الدكتور تينكو جوزيه استشاري جراحة المخ والأعصاب، إن الجزء السفلي من الظهر يشمل العمود الفقري القطني الذي يحتوي على 5 فقرات مُصطفة فوق بعضها بعضاً، في المنطقة الواقعة بين الضلع الأخير، والجزء العلوي، ويفصل بين كل فقرتين قرص فقري، وتربط بينهما مجموعة من الأربطة، والمفاصل، حيث يعمل هذا القرص على امتصاص الصدمات وتوفير بعض الحركة للعمود الفقري، بفضل هيكله الشبيه بالوسادة.


أسباب الإصابة


يوضح د.تينكو أن إجهاد العضلات والتواء الأربطة الناتج عن رفع جسم ثقيل، أو حركات مفاجئة، أو اتخاذ وضعية خاطئة لفترة طويلة، يشكل السبب الأكثر شيوعاً لألم الظهر، وتشمل الأسباب الأخرى الانزلاق الغضروفي القطني، والخلل الوظيفي للمفصل الوجيهي، والخلل في المفصل العجزي الحرقفي، والفُصال العظمي، وتخلخل العظام، والرضوض، والكسور، والالتهابات، والأورام، كما يمكن أن يسبب وجود التهاب في بعض أعضاء البطن ألماً رجيعاً في الظهر، وتعتبر السمنة والتدخين من عوامل الخطر التي تساهم بشكل كبير في تطوير آلام الظهر المزمنة.


وسائل التشخيص


يبين د.تينكو أن تشخيص آلام الظهر يعتمد في المقام الأول على القصة المرضية التي تتضمن الأنشطة التي يمارسها الشخص، ومدى وجود العوامل المؤهلة للإصابة، إضافة إلى الفحص السريري لتحديد مكان الألم، ويجب طلب إجراء اختبار تشخيصي مناسب إذا كان الألم شديداً، أو لم يتراجع في غضون بضعة أسابيع، إضافة إلى عمل اختبارات الدم والتصوير بالأشعة السينية، والرنين المغناطيسي، كما تحتاج بعض الحالات الخاصة إلى تصوير طبقي محوري، أو دراسة سرعة التوصيل العصبي.


إجراءات علاجية


يؤكد د.تينكو أن نحو 95% من المرضى تتحسن حالتهم بعد فترة قصيرة من الراحة، أو العلاج بالحرارة والبرودة، واستخدام المسكنات والأدوية المضادة للالتهابات عن طريق الفم، وموضعياً، كما تخفف مرخيات العضلات والعلاج الفيزيائي من التشنج وتحسن حركة وقوة العضلات، وربما يساعد إجراء تدخلات بسيطة مثل الحصار فوق الجافية، وحصار المفصل الوجيهي، أو التخدير الناحي الشوكي، وهو إبرة خاصة لها فواصل مقدارها 1 سم ومزودة بنقطة محورية وانحناء في نهايتها، ليسمح للقسطرة بأن توجه مباشرة على طول محور الفراغ خارج الجافية، إضافة إلى إجراء جراحة العصب بالموجات الراديوية في علاج البعض، فيما تتطلب الحالات الأكثر تقدماً مثل متلازمة ذيل الفرس، أو تدلي القدم، أو الألم الشديد المتواصل التدخل جراحياً على العمود الفقري، واستئصال القرص مع، أو من دون إجراء لحام للمفصل.
ويضيف: يجب اعتماد الوضعية الصحيحة عند الجلوس، أو الوقوف، ولا يستمر الشخص على نفس الوضعية لفترة، وثني الركبتين، وتقريب الأجسام الثقيلة من البطن عند رفعها، وأخذ قسط من الراحة عند المشي، أو ركوب المركبات لمسافة طويلة.


فئة مستهدفة


يذكر الدكتور سنجاي سورين مختص جراحة العظام أن آلام أسفل الظهر واحدة من أكثر المشاكل الصحية شيوعاً عند البالغين، حيث إنها تؤثر في الأغلب في 2 من كل 10 أشخاص بكثافة متفاوتة، ومؤقتة، وتتطور الإصابة مع البعض منهم، حتى تصل لتكون مشكلة خطيرة، وتشمل أسباب الألم في الأغلب تشنج العضلات ومشاكل ميكانيكية، ويمكن أن تكون هذه الآلام مرتبطة بألم في الساق، وهو ما يطلق عليه (عرق النسا)، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الآلام يمكن أن تنتهى مع بعض الراحة وتناول أدوية الباراسيتامول البسيط، أو البروفين خلال يوم، أو يومين، أما في الحالات الحادة والتي سبق لها الإصابة فيجب مراجعة الطبيب المعالج لتحديد خطة العلاج المناسبة.


مشكلات مرضية


يوضح د.سنجاي أن آلام أسفل الظهر الخفيفة يتم علاجها بعد فحص المريض والاطلاع على التاريخ المرضي، وعمل بعض الاختبارات، والراحة التامة، وتناول الأدوية والمسكنات المناسبة، والفعالة، ولكن يجب أن تكون تحت إشراف الطبيب المعالج، وعمل بعض التمارين التي تعزز قوة العضلات في هذه المنطقة، وتمنع تكرار الآلام، أما الحالات المتقدمة فيجب البحث عن السبب، فربما يكون ناتجاً عن انضغاط الأعصاب التي تقوم بتوصيل المعلومات من الجهاز العصبي المركزي إلى العضلات لإنتاج حركات الجسم، وكذلك نقل إشارات الألم إلى الجهاز العصبي، ويمكن أن يكون ناتجاً عن مرض القرص التنكسي، أو ما يعرف بـ (الديسك)، وتمزق المفاصل الصغيرة في العمود الفقري، أو الإصابة بالقرص المنزلق، وكذلك العدوى، والأورام.


وضعيات صحيحة


يشير الدكتور نيكولا فاجيك، مختص جراحة جراح العظام والعمود الفقري، إلى أن معظم آلام أسفل الظهر تظهر من دون أي تاريخ من الصدمات العضلية، وفي أغلب الأحيان تكون ناتجة عن الوضعيات الخاطئة في الجلوس، والوقوف، أو النوم بشكل غير صحيح، خاصة عند استمرارها لفترات، وكذلك الضغط على الفقرات بسبب القيادة ساعات طويلة، أو عدم القيام بتمارين الإطالة المنتظمة، ولذلك ننصح ببعض الإرشادات لتجنب هذه الآلام والوقاية منها:

* الجلوس في وضع مستقيم، مع استرخاء الكتفين ودعم الجسم على الجزء الخلفي من الكرسي.
* عدم الانحناء فوق لوحة المفاتيح أو طاولة العمل.
* وضع وسادة أو منشفة ملفوفة بين أسفل الظهر والمقعد، أو استخدم الكراسي التي تدعم الظهر بشكل صحيح.
* الوقوف كل 30 دقيقة، مع ممارسة تمارين الإطالة.
* عدم النوم على المعدة، ويعتبر أفضل وضع للنوم على الجانب مع الوركين المرنين، إن لم يكن هناك وسادة بين الساقين.


الموجات الراديوية


يستخدم إجراء بضع العصب بالموجات الراديوية في علاج حالات الآلام المزمنة في أسفل الظهر التي لا تستجيب للأدوية، أو العلاج الطبيعي، خاصة التي تنتشر على جانبي الظهر، أو تصل إلى الفخذين، وعدم إمكانية التدخل الجراحي، وكذلك مشكلات الرقبة، والأرداف، ومفصل الركبة، والورك، ويتم هذا الإجراء عن طريق توجيه حرارة ناتجة عن الترددات الراديوية إلى الأعصاب المسؤولة عن إرسال أشارات الألم لتعطيل القيام بوظيفتها، ثم إدخال الإبر عبر الجلد بالقرب من المنطقة المصابة والأعصاب المستهدفة، وتسليط الموجات الراديوية، مع ضرورة المتابعة من قبل الطبيب وعمل فحوص الأشعة أثناء العملية للتأكد من وضع الإبر في المكان الصحيح.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"