فرط برولاكتين الدم يسبب العقم

01:04 صباحا
قراءة 6 دقائق

يتحكم في إدرار وتنظيم الحليب في الثدييات هرمون يعرف باسم هرمون الحليب أو البرولاكتين، والذي يوجد في جسم النساء والرجال على السواء، غير أن نسبته في المرأة أعلى حتى يتناسب مع طبيعة جسمها القابل للحمل والرضاعة. و يفرز الجزء الأمامي من الغدة النخامية هذا الهرمون، وتتم عملية الإفراز في أكثر من عضو في جسم الإنسان، كالدماغ والرحم والجلد والثديين، والأنسجة الدهنية وغدة البروستاتا.

تختلف نسبة البرولاكتين في الجسم باختلاف الجنس، ففي حين أنها لا تتجاوز 15 مليمتراً لدى الرجل، فإنها تكون متغيرة لدى المرأة بتغير طبيعة الجسم، وتقل عن 25 مليمتراً عندما تكون المرأة غير حامل، في حين تصل إلى 386 مليمتراً لدى الحامل والمرضع.
وتزيد نسبة هرمون الحليب، سواء لدى المرأة أو الرجل، وذلك لأسباب مرضية أو غير مرضية؛ حيث تعرف هذه الحالة بفرط برولاكتين الدم.
ويعد من أبرز أسباب إصابة الحمل والأدوية التي تقلل عمل الدوبامين، ونقص نشاط الغدة الدرقية والأورام النخامية الحميدة.
وتشمل أعراض هذه الحالة إنتاج الحليب غير المرغوب فيه، واضطرابات في الحيض، إضافة إلى الأعراض التي تنجم عن نقص الأستروجين لدى النساء، أو نقص التستوستيرون لدى الرجال.
ونتناول في هذا الموضوع مشكلة فرط برولاكتين الدم بكل تفاصيلها، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة، وأعراضها التي تميزها عن غيرها، وطرق الوقاية التي ينصح بها الأطباء، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.


آلية إفراز الهرمون


تتحكم الغدة النخامية في إنتاج هرمون البرولاكتين، من خلال إفرازها لهرمون الدوبامين، والذي ينتج من الوطاء، وهو جزء من الدماغ مباشرة فوق الغدة النخامية.
ويقيد الدوبامين إنتاج البرولاكتين، وهو ما يعني أن إنتاج الدوبامين بشكل متزايد يؤدي إلى إفراز برولاكتين أقل، كما أن البرولاكتين نفسه يعزز من إفراز الدوبامين، وهو ما يخلق حلقة ردة فعل سلبية.
ويعد المنظم الثاني للبرولاكتين هو هرمون الأستروجين، وثبت أنه يزيد من إنتاج وإفراز الهرمون من الغدة النخامية.
وأظهرت الأبحاث أن هناك زيادة صغيرة في البرولاكتين في دورة المرأة الدموية أثناء مراحل دورة التناسل، فتكون مستويات هرمون الأستروجين في أعلى المستويات، وهو ما يحدث أثناء الحمل وبعده، وذلك للحاجة إلى مستوى أعلى للبرولاكتين المتداول للبدء في الرضاعة.
ويمكن لمجموعة كاملة من الهرمونات الأخرى أن تزيد وتقلل من كمية البرولاكتين التي يطلقها الجسم، كالهرمون المضاد لدر البول.


حسب النوع


تختلف أعراض فرط برولاكتين الدم من النساء والرجال، فيتسبب بزيادة مستوى هذا الهرمون في قلة هرمون الأستروجين لدى المرأة المصابة.
ويصاحب ذلك غياب الإباضة، وانخفاض في الحيض، أو يكن غير منتظم، ومن الممكن في بعض الحالات أن ينقطع الحيض.
ويمكن أن تتسبب هذه الحالة بإنتاج حليب الثدي، وذلك على الرغم من أن المرأة ليست حاملاً أو مرضعة، كما تعاني المصابة آلاماً في الثدي.
وتزيد حدة الآلام عندما تبدأ مستويات البرولاكتين في الارتفاع لأول مرة، وإضافة إلى ذلك فإن الهرمون يعزز من تغيرات في أنسجة الثدي.
وتعد أكثر الأعراض ظهوراً عند إصابة الرجال بفرط البرولاكتين العقم والتثدي، ولا يتوفر أي مؤشر يعتمد عليه في تشخيص هذه الحالة كالحيض لدى النساء.
ويتأخر لذلك الكثير من الرجال في الذهاب للطبيب حتى تبدأ شكوى الصداع أو مشاكل في العين، أو نتيجة تضخم الغدة النخامية، والتي تضغط على الأعصاب البصرية القريبة، ومن الممكن أن يتعرض المريض في هذه الحالة للإصابة بهشاشة العظام.


المنومات والمهدئات


تتعدد الأسباب وراء زيادة برولاكتين الدم، مع أن هناك كثيراً من المصابين بهذه الحالة لا يعرف سبب ارتفاع مستوى هذا الهرمون لديهم، ومن الممكن أن يكون أحد أشكال تقلبات النخامية.
ويرجع هذا الإفراط في بعض الحالات إلى أداء الجسم العادي، كالحمل والرضاعة، وفي بعض الأحيان نتيجة الإجهاد أو النوم، أو بسبب قلة إفراز الغدة الدرقية.
ويعد من أبرز أسباب فرط البرولاكتين تناول بعض الأدوية، لأن هذا الهرمون يتم قمع إفرازه من قبل الدوبامين الذي تفرزه الغدة النخامية.
وتتسبب الأدوية التي تمنع آثار الدوبامين في الغدة النخامية، أو تلك التي تستنفد مخازن الدوبامين بالدماغ في أن تفرز الغدة النخامية البرولاكتين.
وتتضمن قائمة هذه الأدوية المهدئات، ومضادات الذهان، وكذلك الأدوية التي تعالج الجزر المعدي المريئي، والتي تعالج الغثيان الذي تسبب أدوية كأدوية السرطان، وبصورة أقل الأدوية التي توصف للسيطرة على ارتفاع ضغط الدم.
ويزيد من خطر فرط البرولاكتين المنومات، وبصفة عامة فإن جميع الأدوية التي تستنزف الدوبامين بصورة مباشرة أو غير مباشرة تزيد من خطر تحفيز البرولاكتين.
ورم برولاكتيني
يمكن أن ترجع الإصابة بفرط برولاكتين الدم إلى وجود ورم برولاكتيني، أو أي ورم آخر ينشئ في الغدة النخامية أو يكون قريباً منها.
وتعد من أكبر الأمثلة على هذه الأورام، تلك التي تسبب بضخامة النهايات، أو ما يعرف بالعرطلة، أو التي تتسبب بداء كوشينغ.
وتمنع بعض الأمراض في أحيان كثيرة الدوبامين من أن يتدفق من الدماغ عن طريق الخلايا التي تفرزه، ومن ذلك تقسيم ساق النخامية أو مرض طائي.
وترجع الإصابة بفرط البرولاكتين في بعض الحالات إلى الإصابة بالفشل الكلوي المزمن، أو قصور الغدة الدرقية، أو الساركويد، ولدى بعض النساء ترتفع مستويات الهرمون بشكل متوسط نتيجة تكيس المبايض.


اختبارات وأشعات


يتم تشخيص الإصابة بفرط برولاكتين الدم من خلال اختبار مستويات الهرمون عند النساء مع إفراز الحليب غير المبرر، أو مع عدم انتظام الحيض أو عند الإصابة بالعقم، وبالنسبة للرجال يكون عند وجود إفراز للحليب.
ويختبر الطبيب عند تشخيص المصاب وظيفة الغدة الدرقية، مع التعرف إلى الأدوية التي يتناولها المريض، للبحث عن الدواء المتسبب بزيادة إفراز هرمون البرولاكتين.
ويوصى بإجراء أشعة سينية على العظم الذي يحيط بالغدة النخامية، والتي ربما كشفت عن وجود ورم غدي الكلي، أو إجراء أشعة مقطعية والتي تعطي صورة للغدة.
وتعد أشعة الرنين المغناطيسي الاختبار الأدق لهذه الحالة؛ حيث من خلاله يكتشف الطبيب أي أورام في الغدة النخامية، كما يحدد حجمها، ومن الممكن تكرار هذه الأشعة بشكل دوري، وذلك بهدف تقييم تطور الورم وآثار العلاج.
ويقوم الطبيب إضافة إلى تحديد حجم الورم بالبحث عن الأضرار التي أصابت الأنسجة التي تحيط بها، مع تقييم إنتاج هرمونات الغدة النخامية الأخرى، ومعرفة هل هي طبيعية أم لا؟ ووفقاً لحجم الورم من الممكن أن يطلب من المريض إجراء فحص للعين، مع قياس الحقول البصرية.


تخفيف الأعراض


يكون الهدف من العلاج تخفيف الأعراض السريرية التي يعانيها المصاب أو تقليل حجم الورم، ويمكن في بعض الحالات اللجوء إلى خيار التدخل الجراحي لإزالة ورم الغدة النخامية، ولابد من التوقف عن تناول الأدوية التي تسبب فرط البرولاكتين، وذلك بالرجوع للطبيب المعالج لاستبدالها.
وينبغي بصفة عامة مقارنة مخاطر الدواء ومنافعه على المريض، فربما كان الإيقاف الخيار الأفضل، ومن الممكن أن يكون هذا الأمر في بعض الحالات صعباً.
وتجب معالجة النساء اللاتي يعانين انقطاع الحيض، إضافة إلى قياس الكثافة العظمية لديهم، مع تعويض أي نقص في الهرمونات الدرقية بالنسبة لمرضى قصور الدرق.
ويرجح العلاج الدوائي عند وجود أعراض سريرية لفرط برولاكتين الدم، وإلا فإنه يكتفى بمراقبة ومتابعة المريض، وذلك في حالات فرط البرولاكتين مجهول السبب أو عند وجود ورم برولاكتيني صغير للغاية.


متابعة لمدة سنة


يشير الباحثون إلى ضرورة متابعة علاج مرض فرط برولاكتين الدم، وهل المريض يستجيب، وذلك عبر فحص مستويات البرولاكتين في الدم، وفحص حجم الورم.
وتتراوح مدة هذا العلاج بين 12 و24 شهراً، بحسب حدة الأعراض التي تظهر وحجم الورم.
وعند عـــودة مستوى البرولاكــــــتين للمــــــــعــــدل الطـــــبيـــعي، لابـــد مـــــن إيقــــــاف العلاج.
ويلاحظ أن أكثر من 85% من النساء تعود لديهن دورة الحيض بشكل طبيعي ومنتظم، وتتراجع مشكلة إفراز اللبن. وبالنسبة للرجال، فإن مستوى هرمون التستوسترون يرتفع، إلا أنه يظل أقل من الطبيعي.
وتجب متابعة المرضى بعد إيقاف العلاج لمدة سنة على الأقل، لأن خطر عودة الحالة مرة أخرى يظل قائماً. ووجد الباحثون أن هذا الأمر يرجع إلى حجم الورم المتبقي قبل إيقاف العلاج بشكل كبير؛ لأن كل 1 ملليمتر من الورم، يزيد خطر عودة الحالة بنسبة 18%.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"