أصعب المهام الإدارية

05:37 صباحا
قراءة دقيقتين

صفية الشحي

حسب دراسة لشبكة «ديلوت» للخدمات المهنية العالمية، ارتفعت نسبة الاعتماد على حلول الذكاء الاصطناعي في أماكن العمل حول العالم بنسبة 240% مقارنة بـ 2016، بنسبة إنفاق ستصل إلى 79 بليون (مليار) دولار أمريكي بحلول 2022، والذي سيساهم في إحداث تغييرات كبيرة في كيفية إنجاز العمل وتحرير الموظفين من الكثير من المهام، إضافة إلى تطوير طبيعة أدوارهم ومهاراتهم التقنية، والاهتمام بمقومات الذكاء الاجتماعي التي ستتضاعف حاجتهم إليها في أماكن العمل، كشق قنوات مفتوحة للتواصل والتعاون والإصغاء والتعبير عن الرأي، حيث إن هناك تداعيات خطيرة لإهمال هذا الجانب عند فرق العمل المختلفة تبدأ بالظهور على شكل تطوير عادات سلبية مثل عدم الالتزام بمواعيد تسليم العمل، ارتفاع نسبة الخطأ والتقصير إضافة إلى هجرة الكفاءات إلى أماكن أخرى وأحياناً إلى قطاعات مختلفة عن مجال التخصص نفسه.
لا يزال أنموذج المدير المسيطر يحظى بالتقدير، رغم أن هذه الاستراتيجية تحطمت منذ عقود على صخرة العولمة والتكنولوجيا كما نفترض، إلا أن هذا الرمز القديم لا يزال يظهر في البيئة المؤسساتية الحديثة لأسباب تتعلق بأنماط الشخصيات التي تتولى هذه المهام، والمفاهيم الإدارية التي تقوم عليها الشركات بل وقطاعات بأكملها، ويمكن تصور النتائج الواقعة على مستقبل مكان العمل لو أن من يديره غير قادر على تبني نموذج أكثر تعاطفاً وشفافية من خلال ثلاثة تطبيقات للذكاء العاطفي وهي: النقد البناء ودعم التنوع باعتباره قيمة مضافة وتفعيل شبكة اجتماعية صحية بين الموظفين.
وفي نقطة النقد بالذات تقع الكثير من الخلافات وسوء الفهم، وذلك بسبب عدم قدرة الأشخاص على التعبير عن أفكارهم وآرائهم حول إنجازات الآخرين وأعمالهم - وهي أحد أصعب المهام وأكثرها إحراجاً - إذ إن توجيه النقد واستقباله هو أكثر ما يحدد نسبة الرضا والسعادة في السياق الوظيفي، حيث يعكس النقد غير المبرر أو اللاذع فقدان الثقة عند الناقد، والصراعات الشخصية والتنافس على الظهور والسلطة في مكان العمل، بينما ما يترتب على ذلك هو دفع المستقبل إلى اتخاذ موقف دفاعي، والتهرب من المسؤولية، والتحجر والصمت وأخيراً المقاومة السلبية المدفوعة بالشعور بعدم الإنصاف، والنتيجة لا تختلف كثيراً عند غياب النقد بشكل تام أو تأخيره، فهو يؤدي إلى تراكم الشعور بالإحباط ببطء.
قدم المحلل النفسي هاري ليفنسون نصيحة مهمة حول فن النقد البنّاء وهي: تحديد المشكلة وتفاصيلها، تقديم اقتراحات التحسين، توجيه النقد على انفراد ووجهاً لوجه وأخيراً إبداء التعاطف والتناغم، وأما بالنسبة لمتلقي النقد فمن المهم أن لا يعتبر الأمر هجوماً شخصياً، وأن يتحمل مسؤولية خطئه وأن يتخذ الرسالة الموجهة له كدافع للتحسين وحل المشكلة، ففي نهاية الأمر لاتعني القيادة الاستحواذ؛ بل إتقان فن إقناع الآخر للتحرك نحو هدف مشترك.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"