الأفكار الانتحارية تتسلل من نقاط الضعف

01:55 صباحا
قراءة 6 دقائق

يتعرض البعض لكثير من ضغوط الحياة، كمشاكل مادية أو قانونية أو فقد شخص عزيز، أو الإصابة بأحد الأمراض النفسية أو العضوية المزمنة.
يختلف مدى تقبل هذه الأمور من شخص لآخر، ويمكن أن يعاني البعض الإصابة بالاكتئاب أو القلق والتوتر، إلا أن هناك شريحة يصل الأمر عندهم إلى التفكير في إنهاء حياتهم.
يعد الانتحار ثاني أهم سبب للوفاة في المرحلة العمرية الواقعة بين 15 وحتى 29 عاماً، وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 750 ألف شخص يضعون حداً لحياتهم كل عام.
تسيطر الأفكار الانتحارية على البعض نتيجة توفر بعض الأسباب، كما أن هناك عدداً من العلامات التي تعد إنذاراً بالتفكير في الانتحار.

نتناول في هذا الموضوع مشكلة الانتحار بتفاصيلها، مع كشف العوامل والأسباب التي تقود إلى سيطرة فكرة الانتحار على الأشخاص، كما نقدم الطرق والحلول للتخلص من هذه الحالة، والعلاج النفسي والدوائي اللازم.
حديث الانتحار
توجد بعض العلامات التي تحذر من الأفكار الانتحارية، فتجد أن من تسيطر عليه هذه الأفكار يكثر من الحديث عن الانتحار، كأن يقول أتمنى أن أموت أو سأقتل نفسي، ونحو ذلك.
يمكن أن يسعى للحصول على وسائل الانتحار، كأن يشتري سلاحاً نارياً أو يحتفظ بكمية كبيرة من المسكنات والأدوية أو المواد السامة.
يعاني هذا الشخص تقلبات المزاج، فهو في يوم يشعر بالتفاؤل، وفي اليوم التالي يصاب بالإحباط، ويكون مهووساً بفكرة الموت.
يصاب باليأس تجاه بعض المواقف، ومن الممكن أن يلجأ لتعاطي المخدرات أو شرب المواد الكحولية، ويقوم في بعض الأحيان بأشياء مضرة، كالقيادة المتهورة.
الروتين اليومي
يغير المصاب من روتين يومه العادي، كأنماط النوم أو الأكل، كما أن شخصيته تتغير، بحيث يصبح شديد القلق أو الغضب، وبالذات مع ظهور بعض العلامات السابقة.
يتخلص من متعلقاته الشخصية، أو يعيد ترتيبها، وذلك لو لم يجد تفسيراً منطقياً يبرر له ما يقوم به، كما يمكن أن يقوم بوداع أصدقائه وأفراد أسرته، كأنه لن يراهم مرة أخرى.
يمكن أن تختلف العلامات التحذيرية من مصاب لآخر، كما أنها لا تكون واضحة في كل الأوقات، والبعض يوضح نواياه، وآخرون يكتمون مشاعرهم وأفكارهم.
الموت هو الحل
ترجع الأفكار الانتحارية إلى مجموعة من الأسباب، وغالباً فإن من تسيطر عليه هذه الأفكار يكون لديه شعور بعدم التمكن من التعامل مع مواقف الحياة، التي تبدو له مربكة عندما يواجه أحدها.
تتضمن هذه المواقف على سبيل المثال أنه لا مستقبل له، وبالتالي فربما يظن أن الانتحار في هذه الحالة هو الحل.
يمكن أن يواجه أيضاً نوعاً من ضيق الأفق، فيظن وهو في بداية الأزمة أن الانتحار سبيل وحيد حتى يخرج منها، ويرتبط التفكير في الانتحار أحياناً بالعامل الوراثي.
تزيد بعض العوامل من خطر الأفكار الانتحارية، ومن ذلك أن النساء يكن أكثر إقداماً على محاولة الانتحار، إلا أن الرجال يتمكنون أكثر من إتمام الأمر، لأنهم في العادة يستخدمون الأساليب القاسية، كالأسلحة النارية.
تشمل عوامل الخطر كذلك وجود محاولة سابقة للانتحار، ولدى من يسيطر عليهم الشعور باليأس أو العزلة الاجتماعية، أو فقد القيمة.
يتسبب مرور الشخص بإحدى الحوادث القوية، والتي تصيبه بالتوتر في تفكيره بالانتحار، ومن ذلك فقد شخص عزيز أو الانفصال أو مشكلة مادية أو قانونية.
المرضى النفسيون
يزيد خطر هذه الأفكار لدى من يتعاطون المخدرات أو يدمنون الأدوية أو المواد الكحولية، حيث يكون لديهم شعور بالاندفاع والتهور لتنفيذ هذه الأفكار، كما أن من يستطيع الحصول على سلاح ناري بسهولة يكون عرضة بشكل كبير لهذا الأمر.
يكون المرضى النفسيون عرضة للتفكير في الانتحار ومحاولة الإقدام عليه، ومن هذه الأمراض الاكتئاب واضطراب الكرب التالي للصدمة والاضطراب ثنائي القطب.
تشمل عوامل الخطر أصحاب التاريخ العائلي من المرض النفسي أو تعاطي المخدرات، ويزيد لديهم خطر الإقدام على الانتحار، ومن لديهم حالة صحية يمكن أن ترتبط بالاكتئاب أو التفكير في الانتحار كمرض مزمن أو عضال.
بدني وعقلي
يعتمد تشخيص حالة المصاب على الفحص البدني الذي يجريه الطبيب، مع إجراء اختبارات حول صحته العقلية، وذلك بهدف تحديد ما السبب وراء الأفكار الانتحارية، وأحسن علاج ممكن.
يشمل التقييم سلامة العقل، لأنه في غالبية المصابين ترتبط الأفكار الانتحارية بمشكلة مخفية من الممكن أن تعالج، يمكن أن يكون الشخص في هذه الحالة في حاجة للانتظام في زيارة طبيب نفسي.
يمكن في بعض الحالات أن ترتبط الأفكار الانتحارية بمشكلة صحية بدنية، ولذلك فربما كان هناك حاجة لإجراء بعض الاختبارات لتحديد هذه المشكلة، كاختبار دم وأشعة سينية.
يجب على المصاب إخبار الطبيب بأي أدوية يتناولها، لأن هناك بعض الوصفات المتاحة من غير وصفة طبية من الممكن أن تؤدي إلى التفكير في الانتحار.
اتصل بالطوارئ
يعتمد العلاج الذي يخضع له من يعاني الأفكار الانتحارية على مستوى خطورة الحالة، والمشكلات الأساسية التي ربما تسببت في السلوك الانتحاري.
يجب الاتصال بالطوارئ في الحالات التي تحاول فعلاً الانتحار، ويتم علاج أي إصابات حدثت، ويطرح الطبيب أسئلة، ومن الممكن أن يفحص المصاب، للبحث عن علامات لمحاولات الانتحار، سواء كانت حديثة أو قديمة.
يمكن أن يكون هناك حاجة لتناول أدوية مهدئة لكي تخفف من أي أعراض للمرض النفسي كالاكتئاب، وإن كان ذلك يعتمد على الحالة الذهنية للمصاب.
يمكث في كثير من الحالات من يعاني هذه الحالة فترة طويلة بالمستشفى، وذلك حتى يتأكد من نجاح العلاج، وأنه سيكون بأمان عند عودته للبيت.
عالج السبب
يمكن أن تتوافر الوقاية من الأفكار الانتحارية من خلال علاج السبب الذي أدى إليها، لأن إهمال هذا الأمر يؤدي إلى معاودة التفكير في الانتحار مرة أخرى.
يشعر البعض بالإحراج في بعض الأحيان من طلب المساعدة في علاج المشكلة النفسية التي يعانيها، إلا أن النصيحة التي توجه في هذه الحالة هي أن الحصول على علاج صحيح للمشكلة سيجعل الشخص يشعر أنه أفضل، ويساعده على البقاء بأمان.
يساعد كذلك تكوين شبكة دعم، والتي تشمل الأصدقاء وأفراد العائلة الذين يعرفون هذه المعاناة، ولابد من التأكد من أن هؤلاء متاحون عند الحاجة إليهم.
يمـــــكن الاســـتعـــــانـة بمجمـــــوعــــــات الــــــدعم أو مكان العبادة، ويساعد في أحيان كثيرة الشعور بالتواصــــل والدعم علـــى تقـــليل خطر الانتحار.
يجب على من يعاني الأفكار الانتحارية تذكر أمر مهم أن هذه المشاعر مؤقتة، وأن علاج السبب الذي أدى إليها يساعد على تحسن الحياة والشعور بأنه أفضل، ولذا فإن النصيحة أن يتخذ خطوة واحدة في كل مرة ولا يتصرف باندفاع.
اجعل البيت آمناً
تساعد بعض الإجراءات على تجنب الإقدام على الانتحار، ومن ذلك جعل البيت آمناً من الأدوات التي من الممكن أن تؤذي كالسكاكين وشفرات الحلاقة والأسلحة النارية، وحتى الأدوية التي يخشى من تناولها بغرض الانتحار يمكن أن تحفظ لدى شخص آخر، والحصول عليها عند الحاجة.
يجب التعرض للشمس يومياً لمدة نصف ساعة على الأقل، لأن عدم التعرض لها يمكن أن يتسبب في الإصابة بالاكتئاب، والذي يرتبط بالأفكار الانتحارية.
يحسن الانتظام في أداء الرياضة من الحالة النفسية، ولذلك فإن ممارسة الرياضة نصف ساعة يومياً يمكن الشخص من التغلب على الأفكار الانتحارية.
الأهداف القديمة
يمكن التخلص من سيطرة الأفكار الانتحارية بمحاولة تذكر الأهداف القديمة، كأن تكون سفراً أو قراءة كتاب أو الحصول على وظيفة جديدة، لأن تحقيق الأهداف يساعد على رؤية الحياة بصورة مختلفة.
يجب أن يتجنب من تسيطر عليه الأفكار الانتحارية بعض الأمور، كالوحدة لأنها تجعل هذه الأفكار أسوأ، ولذلك فإن النصحية عندما تراود الإنسان هذه الأفكار، أن يتحدث إلى أحد الأشخاص الثقة من الأصدقاء أو العائلة.


نصائح طبية
يوجه الأطباء نصائح لمن عانى سيطرة الأفكار الانتحارية، ومنها عدم إدارة الأمر وحده، لأنه يحتاج لمساعدة مهنية للتغلب على أي مشكلة ترتبط بهذه الأفكار، ولذلك فلابد أن يحرص على الالتزام بمواعيد الطبيب أو جلسات العلاج.
يجب الالتزام بتناول الأدوية، حتى في حالة الشعور بالتحسن، لأن التوقف ربما كان سببا في عودة هذه الأفكار، وربما عانى المصاب مما يشبه أعراض الانسحاب عند التوقف عن تناول الدواء.
ينبغي أن يكون المصاب على معرفة بما يثير لديه الأفكار الانتحارية، وكيف يتعامل معها، مع تحديد الخطوات التي يجب عليه اتخاذها، وكل ذلك يتم بالتنسيق مع الطبيب المعالج.
ينبغي تجنب المخدرات والمشروبات الكحولية، لأنها تؤثر في كيمياء المخ، وبالتالي تزيد من خطر الأفكار الانتحارية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"