«السلائل العائلي».. مــرض وراثـي يتحـول إلى خـلايا سـرطانية

02:09 صباحا
قراءة 5 دقائق

يصنف داء السلائل العائلي على أنه أحد الأمراض الوراثية التي ترجع الإصابة بها إلى وجود طفرة في الجين المسؤول عنها. ويرث أغلب المصابين هذا الجين من أحد الوالدين، وبالرغم من ذلك فإن هناك نحو 28% من المصابين بهذا المرض تحدث لديهم الطفرة الجينية من غير سابق إنذار.
و تظهر بسبب هذا المرض - الذي يعرف كذلك بداء البوليبات العائلي - أنسجة زائدة تعرف بالسلائل، في الأمعاء الغليظة، والقولون، والمستقيم، وربما تظهر كذلك في الجزء العلوي من القناة المعوية، وبالذات في الاثني عشر.

تصبح هذه السلائل، سواء في القولون أو المستقيم، أوراماً سرطانية عند بلوغ المصاب بالمرض مرحلة الأربعينات، إذا لم يتم علاجها.
ويصاب الذكور بهذا المرض أكثر من الإناث، ومن النادر أن تحدث الإصابة به قبل البلوغ، ومعظم المصابين يحتاجون إلى استئصال الأمعاء الغليظة جراحياً بهدف تجنب السرطان.
ونتناول في هذا الموضوع مرض داء السلائل العائلي بكل تفاصيله، ونقدم العوامل والأسباب التي تقود إلى هذه الحالة، وكذلك أعراضها التي تميزها عن غيرها من الحالات المتشابهة، مع بيان طرق الوقاية الممكنة وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.
عيب جيني
ترجع الإصابة بداء السلائل العائلي إلى وجود عيب في نوع من الجينات الذي ينتقل وراثياً من أحد الوالدين للمصاب، ويتطور هذا الجين المختل عند البعض مؤدياً إلى هذا المرض.
ويزيد خطر الإصابة بهذا المرض عند وجود أحد أفراد العائلة مصاباً بهذا المرض، كأحد الوالدين، أو أحد الإخوة، وهو أبرز عوامل الخطر.
ويعد العرض الأساسي لداء السلائل العائلي نمو مئات أو آلاف السلائل في القولون والمستقيم، وفي العادة فإنها تنمو خلال مرحلة المراهقة، وتتحول السلائل لسرطان القولون أو المستقيم بشكل مؤكد عند الوصول لعمر الأربعين.
خلايا سرطانية
يتسبب داء السلائل العائلي بالعديد من المضاعفات التي يعتبر أبرزها الإصابة بسرطان القولون، ومن ضمنها سلائل الاثني عشر التي تنمو في أعلى منطقة من الأمعاء الدقيقة.
ويمكن أن تتحول لخلايا سرطانية، إلا أن متابعتها بدقة يمكننا من اكتشافها مبكراً، وبالتالي تتم إزالتها قبل تحولها إلى نسيج خبيث.
وتعد الأورام الحميدة كذلك من مضاعفات هذا المرض، وتحدث عندما تدخل الأمبولة للقنوات الصفراوية، والبنكرياس.
وتصبح هذه الأورام في بعض الأحيان سرطانية، إلا أنه في الأغلب يتم اكتشافها، ومن ثم إزالتها قبل أن تتحول لسرطان.
أورام حميدة
يتسبب داء السلائل العائلي بنمو أورام حميدة داخل النسيج المبطن للمعدة، كما تنمو الأورام الرباطية التي تنشأ في أي مكان بجسم المصاب. وتظهر في الأغلب في منطقة المعدة، ومن الممكن أن تسبب الأورام الرباطية مشاكل عندما تنمو في الأعصاب أو الأوعية الدموية، وكذلك لو كانت ضاغطة على أجهزة أخرى بالجسم.
ويمكن أن يتسبب هذا المرض بالإصابة بأنواع أخرى من السرطان، كسرطان الغدة الدرقية، أو الجهاز العصبي المركزي، أو الغدد الكظرية أو الكبد.
يؤدي أيضاً إلى الإصابة بأورام الجلد والأورام العظمية، وكلها غير سرطانية، كما يؤدي إلى التضخم الخلقي لظهارة الصبغ الشبكية.
وتشمل مضاعفات داء السلائل العائلي أيضاً تشوهات الأسنان، ومن ذلك الأسنان الزائدة، أو البارزة، ومن المضاعفات قلة عدد خلايا الدم الحمراء.
فحص متكرر
ينصح الأطباء الأشخاص الذين لديهم أحد الأقارب مصاب بداء السلائل العائلي أن يجري فحصاً متكرراً، بداية من مرحلة الطفولة، ويساعد هذا الفحص السنوي في اكتشاف نمو السلائل قبل أن تتحول إلى سرطان.
وتشمل هذه الفحوص التنظير السيني، وفيه يدخل الطبيب أنبوباً مرنا حتى يفحص المستقيم، وآخر 60 سنتمتراً من القولون
ويوصى من يتم تشخيصهم بداء السلائل العائلي المتوارث بإجراء مسحة للسيني بصورة دورية، بداية من عمر 10 سنوات.
تنظير القولون
تتضمن الفحوص تنظير القولون، وفيه يتم إدخال أنبوب مرن في المستقيم بهدف فحص كامل القولون، وعند اكتشاف سليلة ورمية فيه فإن المصاب يخضع لفحوص قولونية عدة بالمنظار، وتجرى هذه الفحوص بصورة منتظمة حتى يخضع المصاب لعملية جراحية لإزالة القولون.
ويخضع المصاب لفحص المريء والمعدة باستخدام المنظار، ومن الممكن أن يزيل الطبيب عينة صغيرة من الأنسجة بهدف دراستها.
ويمكن كذلك أن يلجأ الطبيب لإجراء أشعة مقطعية أو رنين مغناطيسي على البطن والحوض، وبالذات عند وجود أورام رباطية.
اختبار دم
يتم اكتشاف الإصابة بداء السلائل العائلي من خلال اختبار دم بسيط، والذي يكشف عن أي جينات غير طبيعية يحملها المريض، ومن الممكن أن تتسبب بهذا المرض.
ويعرف من خلال الاختبار الجيني إذا كان الشخص معرضاً لمضاعفات داء السلائل العائلي، أم لا، وربما اقترح الطبيب إجراء هذا الاختبار عندما يكون هناك أحد أفرد العائلة مصاباً بهذا المرض، أو أن الشخص نفسه يشعر ببعض أعراضه. وينصح الأطباء في بعض الأحيان بإجراء فحص للغدة الدرقية واختبارات أخرى، تكشف عن أي مشكلة من الممكن أن تحدث في حالة الإصابة بهذا المرض.
إزالة السلائل
يعتمد علاج داء السلائل العائلي على إزالة أي سلائل دقيقة يكتشفها الطبيب عند إجراء فحص تنظير القولون، وتصبح إزالة كل منها على حدة صعبة عندما يزيد عددها بشكل كبير.
وتحدث هذه الحالة في العادة في نهاية فترة المراهقة، أو بداية العشرينات، ويصبح علاج هذا المرض في هذه الحالة إجراء جراحة للوقاية من سرطان القولون.
ويمكن أن يكون التدخل الجراحي بالمنظار، بعمل عدة شقوق صغيرة، والتي تحتاج لإغلاقها غرزة، أو اثنتين، وتؤدي هذه الجراحة إلى تقليل مدة المكوث في المستشفى، كما تسمح بسرعة الشفاء، والتعافي.
3 أنواع
تتوافر 3 أنواع لجراحة إزالة القولون، ويحدد الطبيب النوع الذي يلجأ إليه بحسب حالة المصاب، ويبقي المستقيم في مكانه في النوع الأول، والذي يعرف باستئصال القولون.
ويزال القولون والمستقيم في النوع الثاني، والذي يعرف باستئصال المستقيم والقولون التام من خلال تفميم لفائفي حصري، ويتم عمل فتحة، فغر لفائفي، وفي العادة فإنها تكون على جانب البطن الأيمن.
ويقوم الطبيب في النوع الثالث بإزالة القولون والمستقيم وربط جزء من الأمعاء الدقيقة بالمستقيم، ويعرف هذا النوع بالاستئصال التام للمستقيم والقولون عن طريق جراحة فغر اللفائفي الشرجي.
ويجب الانتباه إلى أن الجراحة لا تعالج داء السلائل العائلي، فربما استمر تكوين الأورام الحميدة في أجزاء القولون المتبقية، أو التي تستنبت، وكذلك في المعدة أو الأمعاء الدقيقة.
ويمكن أن يحتاج المصاب إلى جراحة إضافية، بالاعتماد على عدد الأورام الحميدة وحجمها، لأن إزالتها بالمنظار من الممكن ألا تكفي لتقليل خطر السرطان.
انتظام الفحص
يحتاج المصاب بداء السلائل العائلي إلى الانتظام في الفحص، والخضوع للعلاج عند الحاجة، لتجنب أي مضاعفات من الممكن أن تحدث بعد جراحة القولون والمستقيم.
ويشمل الفحص، الذي يعتمد على التاريخ المرضي ونوع الجراحة التي تمت، التنظير السيني أو القولون، والتنظير الداخلي العلوي.
يجري كذلك موجات فوق صوتية على الغدة الدرقية، وأشعة مقطعية أو رنين مغناطيسي بهدف فحص الأورام الرباطية.
الأمعاء الدقيقة
يمكن أن يضيف الطبيب بعض أنواع من العلاج، وفقاً لنتائج الفحص الذي أجراه، والذي يعالج به الأورام الحميدة في الاثني عشر، وكذلك التي تحيط بالأمبولة.
وينصح الطبيب في هذه الحالة بإزالة الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة، لأنه من الممكن أن تتطور الأورام الحميدة إلى سرطان.
ويعطي في حالة وجود الأورام الرباطية عدداً من الأدوية التي تشمل الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات، والمضادة للإستروجين، ومن الممكن أن يزيل الطبيب أورام العظام غير السرطانية حتى يخفف الألم.


غير متاح

يبذل الباحثون جهداً كبيراً في محاولة لإيجاد علاجات إضافية لداء السلائل العائلي، ومن ذلك دراسة الاستفادة من مسكنات الألم مثل الأسبرين، وأدوية العلاج الكيميائي.
وتعد الوقاية من هذا المرض أمراً غير متاح، لأنه حالة جينية وراثية، ولم يتم التوصل بعد إلى آلية علمية بحثية جديدة يمكنها أن تلعب دوراً فعالاً في منع حدوث هذا الخلل الجيني، وتفادي هذا المرض الخطير.
وينصح في هذا الإطار بالنسبة لمن تتوافر لديهم عوامل خطر الإصابة بهذا المرض بالحصول على استشارة الطبيب، والخضوع لاختبارات جينية، حتى يتم الكشف عن أي خلل يظهر بصورة مبكرة، من أجل اتخاذ اللازم.
ويوصي الأطباء المصابين بداء السلائل العائلي بإجراء الفحوص الدورية، والتي يليها إجراء الجارحة إذا احتاج الأمر إليها، ومن الممكن أن تمنع تطور المرض لسرطان القولون والمستقيم، أو حدوث مضاعفات أخرى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"