تجارة اسمها إصدار الكتب

02:41 صباحا
قراءة 6 دقائق

** استطلاع: نجاة الفارس

يؤكد عدد من الكتاب الشباب، أن نشر الكتاب الأول يشكل مشكلة كبيرة بالنسبة للمؤلفين الشباب وبصعوبة بالغة يجد الكاتب دار نشر تطبع له كتابه؛ حيث تكون التكلفة على حسابه الخاص ويوجد تقصير من دور النشر في التوزيع، فهو سيئ للغاية، كما أن دور النشر صاحبة الأسماء الكبيرة لا تستقبل إلا أعمال الكتاب المعروفين، أو بوساطة من صديق شخصي يعرفهم بالكاتب ويرشحه لهم؛ أما جودة العمل من عدمه فلا تعني لهم شيئاً، والتحدي أمام الشعر مضاعف للأسف.
من جهة أخرى يرى عدد من مديري دور النشر أن جودة العمل هي المعيار الأول والأخير، الذي يقرر بناء عليه نشر الكتاب أو الاعتذار عنه، لكن الأمر لا يخلو من وجود صعوبات حول حالة النتاج الثقافي، الذي يكمن في استعجال بعض الكتاب الجدد في التواجد فقط كاسم وإصدار دون مراعاة جودة العمل وأخذ وقت كاف لصقل الموهبة.
تقول القاصة أمل المهيري: «نشر الكتاب الأول غالباً ما يشكل مشكلة كبيرة بالنسبة للمؤلفين الشباب وبصعوبة بالغة يجد الكاتب دار نشر تطبع له كتابه وغالباً ما تكون التكلفة على حسابه الخاص، بالنسبة لي كتابي الأول «حكاية بحر» وهو مجموعة قصصية تمت طباعته على حساب دار النشر، لكن للأسف التوزيع كان محدوداً جداً، كما أنني أريد أن أعرف مدى إقبال الجمهور على الكتاب ورصد المبيعات، ورأي القراء هذه جميعها أمور غائبة، فالإصدار لا يأخذ حقه في التوزيع، وعندما ينزل كتاب جديد يتم نسيان الكتاب السابق وكأن دورهم فقط الطباعة، في المقابل نجد عدداً من دور النشر الأخرى تهتم وتشارك في المسابقات الأدبية عندما تجد أن الكتاب متميز، لكن للأسف اليوم نجد سهولة في إنشاء دور النشر، وكأن الموضوع مجرد مشروع تجاري بحت من دون أي إضافة أو تطوير، حتى الترويج للكتاب في وسائل التواصل الاجتماعي مواكبة للعصر غير موجود، على دور النشر، أن تكون فعالة وتروج للكتاب الشباب ولإصداراتهم وتنتقي الجيد منها وتدعمه بالمشاركة في المسابقات الأدبية.

توزيع سيئ

الشاعرة شيماء الشامسي، تقول: «لقد طبعت ديواني الأول على حسابي الخاص وكلفني نحو 12000درهم؛ حيث تمت طباعة 1000 نسخة، هذا غير أن تدقيق الكتاب لغوياً كان أيضاً على حسابي الخاص، للأسف يوجد تقصير من دور النشر في التوزيع فهو سيئ للغاية، ولا توجد أي دعاية أو إعلان حتى ولو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، معظم الكتب تظل حبيسة المخازن».
وتقول الكاتبة الروائية منال جلال: «امتلكت الجرأة لكتابة أول قصة في حياتي وأنا في التاسعة من العمر، لكن قرار النشر كان يحتاج إلى جرأة أكبر استغرقت مني عشرين عاماً كي أضع ما أكتبه بين يدي قارئ لا أعرفه ولا يعرفني، وكان مشوار النشر صعباً بالنسبة لكاتبة شابة تحاول نشر روايتها الأولى وهي لا تعرف أحداً في الوسط الأدبي ولا في أوساط الناشرين، وأول ما فكرت فيه أني جمعت بطاقات لثلاثة من المسؤولين في ثلاث من أكبر دور النشر في ذلك الوقت من خلال أجنحتهم في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وانتظرت شهراً بعد انتهاء المعرض ثم أخذت في التردد على مقارهم وتقديم نفسي وعملي إليهم، فأخذوه بترحاب ظاهري، لكني عرفت بالتجربة أن دور النشر صاحبة الأسماء الكبيرة لا تستقبل إلا أعمال الكتاب المعروفين، أو بوساطة من صديق شخصي يعرفهم بالكاتب ويرشحه لهم؛ أما جودة العمل من عدمه فلا تعني لهم شيئاً، دخلت بعدها في بحث على الشبكة العنكبوتية وفوجئت بوجود أسماء لعديد من دور النشر الصغيرة غير المعروفة، اخترت إحداها وذهبت إلى مقر الدار، استقبلني صاحبها وكان ودوداً ولمست الحماس في حديثه معي، وعرف أن لدي أكثر من رواية مكتوبة فطلب مني أن أرسل له نسخة من رواية أخرى غير التي قدمتها له ليختار من بينهما ما يراه مناسباً أكثر لسوق القراءة في ذلك الوقت، وبعثت إليه بالرواية الأخرى، فوجدته بعد أيام قليلة يتصل بي مشيداً بأسلوبي الروائي وموهبتي، واتفقنا على تحمل تكلفة النشر مناصفة، على أن تتحمل الدار تكلفة النشر كاملة في القادم من الأعمال وهو ما حدث فعلًا في رواياتي التالية».
اكتشفت بعد ذلك أن مهمة الكاتب هنا في عالمنا العربي لا تنتهي عند ذلك الحد، فكان لابد لي من الاختلاط بالوسط الأدبي وتقديم نفسي وعملي المطبوع للنقاد والصحفيين، فدور النشر تعتمد على تسويق الكاتب لنفسه.

تحد مضاعف

يقول الشاعر حسين حرز الله: «لا عقبات في النشر خاصة الكتاب الأول؛ بل شعرت أن الناشرين يتهافتون على كتابي»، مضيفاً هذه إجابة رومانسية، كنت أحلم بها، لكن واقع النشر، وخاصة في الوطن العربي مغاير تماماً والحقيقة مؤسفة، كتابي الأول كان ديواناً شعرياً، والتحدي أمام الشعر مضاعف للأسف؛ حيث إني أمضيت أكثر من سنة أبحث عن ناشر يقبل أولاً بنشر الشعر، وثانياً أن يكون الكتاب أو الديوان الأول، دون استغلال واضح أو مقابل مادي مبالغ فيه أو انتقاص من حقوق الكاتب، في البداية وبعد تحضير ومراجعة كتابي الشعري، تواصلت مع كثير من دور النشر خارج الإمارات وداخلها، بما أني مقيم فيها، إلا أن عدداً قليلاً منهم رد على مراسلاتي، وبعروض غير منطقية ولا مجدية، جعلت المسألة تبدو لي كالتجارة وأني أروج لسلعة بائرة، وبدأت أتراجع عن فكرة النشر بشكل كلي، حتى وصلت عن طريق الأصدقاء لدار نشر محلية مختصة بالشعر ومن مشجعي أصحاب الكتاب الأول وداعمة لهم.
تجربتي مع النشر كانت مرضية؛ حيث التزمت دار النشر بموعد إصدار الكتاب إلى حد ما، كما كانت سلسة في تحديد تصميم مناسب للغلاف، ولم أكتشف أي أخطاء إملائية أو نحوية بعد طباعة الكتاب، هذا الأمر تحديداً مهم جداً وللأسف العديد من دور النشر يقعون في هكذا أخطاء منفرة للقارئ قبل الكاتب.

مشاكل عدة

الشاعر والروائي عماد الدوماني، يقول: «يكاد يكون من الصعب جداً أن يجد الكاتب الشاب دار نشر تنشر كتابه الأول على حسابها الخاص، وتتكفل بكامل التكلفة، وغالباً ما يتم نشر الكتاب الأول على حساب المؤلف، وبعض دور النشر تحسب التكلفة مناصفة، لكن للأسف هذه ليست الحقيقة؛ حيث إنهم يرفعون السعر كثيراً، وبالتالي تكون جميع التكلفة على الكاتب الشاب الذي تنقصه الخبرة في هذا المجال، كذلك توجد دور نشر ترفض المنتج حتى لو كان جيداً جداً بحجة أن المؤلف غير معروف، وحتى لو طبع الكاتب الشاب على حسابه الخاص، فإن دار النشر لا تسوق له وتدعه، كما أن الدعاية مكلفة جداً والمفروض أن المؤسسة هي من تقوم بالدعاية وليس الأشخاص، المشكلة الأخرى أن دور النشر ترفض تدقيق الكتاب وإذا أعطاهم الكاتب كتابه غير مدقق تماماً تنشره كما هو بأخطائه، وبعد أن يدفع الشاب مبلغاً كبيراً وينشر كتابه تعده دار النشر بأنها ستوزع الكتاب على أفضل وجه وللأسف لا تشترك في معارض الكتب ولا توزع الكتاب، كما أن بعض دور النشر لا تلتزم بتسليم الكتاب في الوقت المتفق عليه.

اشتراطات

وحول شروط النشر يقول معتز قطينة المدير التنفيذي لدار رواشن للنشر: «نحاول قدر الإمكان الابتعاد عن فرض قيود على المادة الإبداعية، وتحديد ما يمكن أن يكون اشتراطات في التعامل مع المنتج النهائي (الكتاب)، لدينا رؤية واضحة تجاه الشعر بلا شك، ونحاول من خلالها ألاّ يكون لما نقدمه لون واحد، لكننا أيضاً نأخذ بمعايير عامة، كوننا نتعامل مع الكتاب باعتباره منتجاً مطروحاً للتداول وفق ضوابط السوق، من ذلك، ألا يتبع العمل الذي نرغب في نشره أي أجندات حزبية أو سياسية، وألاّ يتضمن بشكل من الأشكال محتوى طائفياً، أو مثيراً للكراهية أو محرضاً على العنف، نؤمن أن العمل الفني يجب أن يسمو بما يقدمه عن مثل هذه الآفات، وأن يسهم في الارتقاء بقارئه لا تلويث أفكاره».

استعجال

فرح سيف المهيري، المؤسس والمدير التنفيذي لمنشورات بيت الكتاب، تقول: «نخطط لتطوير الإنتاج الأدبي بإبداع مستمر على مستوى العالم العربي والدولي، وشعارنا: «تميز، إبداع، مصداقية»، ونسعى وفريق العمل لصناعة كتب ذات جودة عالية في مجالات عدة والارتقاء بالمحتوى الأدبي والتعليمي، مستهدفين الصغار لنلهم خيالهم بسحر الحكايات وصولاً للكبار وما يطمحون إليه من تغذية لعقولهم، ولدينا خبرات ذات كفاءة عالية من مدققين ومحررين لإصدار كتب ذات قيمة نوعية وبشكل محترف، نحرص على مواكبة المتغيرات والتطورات العالمية السريعة بخطوات ثابتة في صناعة الكتاب، عن طريق تقديم المحتوى الأمثل، ونتعاون مع دور نشر عربية وعالمية في مجال النشر المشترك لتقديم أفضل الخدمات، لكن الأمر لا يخلو من وجود صعوبات حول حالة النتاج الثقافي، الذي يكمن في استعجال بعض الكتاب الجدد في التواجد فقط كاسم وإصدار من دون مراعاة جودة العمل وأخذ وقت كاف لصقل الموهبة وقد يتعالى البعض على صقل موهبته وللأسف يجد منصات للترويج، الأمر الذي يقلل من قيمة العمل الأدبي العربي إلى حد ما.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"