ثقب القلب.. يؤخر نمو الأطفال

01:38 صباحا
قراءة 5 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

يولد 8 من كل ألف طفل مصابين بمشكلات قلبية عند الولادة، نحو 25% من هذه الإصابات تكون ثقوب بين البطينين، و10% ثقوب بين الأذينين، وعلى الرغم من عدم وجود سبب واضح لوجود هذه الفتحات لـ 90% من الحالات تقريباً، فإن هناك بعض العوامل التي يمكن أن تزيد من احتمالية الإصابة أهمها العامل الوراثي، خلل الكروسومات، وسكري الحمل الذي تتعرض له الأم، وتجدر الإشارة إلى أن 80% من الفتحات الصغيرة تختفى خلال السنة الأولى، أما الأحجام الكبيرة فتكون أشد خطراً، لكنها تؤثر في جميع الحالات على الحالة الصحية وتسبب بطء النمو ومضاعفات أخرى تهدد حياة الطفل المصاب.

يقول الدكتور سيتارامان راداكريشنان، استشاري الأمراض القلبية أن إجمالي الإصابة بالأمراض القلبية عند الولادة نحو 10- 12 طفل من كل ألف وليد، أي ما يقارب نسبة 1%، وربما تزداد هذه النسبة نظراً للأجنة المتوفية في الثلث الأول من الحمل، نتيجة المشكلات القلبية الحرجة، ولا يمكن استمرار الحياة معها، ومن أبرز الإصابات وجود ثقب في القلب، التضييق الشرياني، وشذوذات في صمامات القلب والشرايين، وعلى الرغم من وجود صعوبة في معرفة أسباب هذه الأمراض فيما يزيد على 90% من الحالات، إلا أن هناك ظروفاً محددة يمكن أن تشكل خطورة عالية وتزيد من احتمال وجودها لدى الأطفال، مثل:
} إصابة الأهل وتحديداً الأم أو أحد الأخوة بأحد الأمراض القلبية الخلقية.
} تناول الأم لأدوية تزيد من احتمال تعرض الجنين لهذه المشكلات، وكذلك التدخين والمشروبات الكحولية.
} تعرض الأم للأشعة السينية وخاصة في الثلث الأول من الحمل.
} التشوهات غير القلبية والتي يتم الكشف عنها في المسح الجنيني مثل شذوذات خارج القلب.
} تترافق بعض الشذوذات الصبغية المكتشفة لدى الجنين بارتفاع احتمال الإصابة بأمراض القلب الخلقية.


أعراض الإصابة


يذكر د. سيتارامان، أن أعراض ثقب القلب تتنوع بدءاً من ثقوب لا يصاحبها أي أعراض، ويكشفها الطبيب خلال الفحص الروتيني، وصولاً إلى الحالات الشديدة التي تتسبب بوفاة الجنين بمرحلة مبكرة، كما يمكن أن تظهر الأعراض بأعمار مختلفة، من المرحلة الجنينية إلى البلوغ، تبعاً لنوع المشكلة وشدتها، وبشكل عام يتم تشخيص النسبة الأكبر من هذه الأمراض عند خروج الطفل من الحاضنة أو خلال أول شهرين من عمر الرضيع.


وسائل التشخيص


يبين د. سيتارامان، أن تخطيط صدى القلب الذي يعتمد على تقنية الموجات فوق الصوتية، يعد أهم وأول أداة مستخدمة لتشخيص أمراض القلب الخلقية حالياً، كما يساعد على إدارة المرض، وتعتبر هذه التقنية، الوسيلة الأدق للكشف عن المشكلات القلبية خلال المرحلة الجنينية، ابتداء من عمر 16 أسبوعاً يسمى تخطيط صدى القلب الجنيني، ويسهم أيضاً في تقديم معلومات الحالة للوالدين عن طبيعة المرض قبل ولادة الطفل.
ويضيف: تُستخدم بعض الوسائل المتطورة الأخرى في التشخيص، بما فيها تصوير الأوعية التقليدي والتصوير الطبقي المحوري والتصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير النووي للقلب والتصوير المقطعي بالانبعاث البوزيتروني، ويتم استخدام هذه الوسائل في حال لم يقدم تخطيط صدى القلب وحده المعلومات المطلوبة لتشخيص وإدارة المرض.


أنواع الثقوب


يذكر الدكتور أحمد الجبوري، أخصائي أمراض القلب التداخلية، أن قلب الإنسان يتكون من عضوين أذنين وبطينين يميناً ويساراً، وتفصلهما عن بعضهما حواجز وصمامات، ويختلفا جوهرياً من حيث قدرة ضخ الدم، ونسبة الأكسجين ومعدلات الضغط، وتصنف أهم أنواع الثقوب القلبية كالآتي:
} الثقب بين البطينين الذي يتسبب بظهور أعراض شديدة في وقت مبكر مثل ازرقاق الجسم، توقف النمو والتهابات الصدر، ما يحتم التدخل العلاجي بأسرع ما يمكن، وفي حال كانت الفتحة صغيرة فإنها لا تسبب أي علامات ويتم اكتشافها بالصدفة عند فحص الطفل، ويمكن متابعتها بشكل دوري إذا كانت صغيرة، وتأخير التدخل الطبي حتى يكبر المريض ويزيد وزنة لضمان فرصة نجاح العملية وتقليل خطورتها.
} الثقب بين الأذينين له نفس الأعراض والمضاعفات السابق ذكرها وتتراوح بحسب حجم ومكان الفتحة، وفي معظم الأحيان تظهر هذه الإصابة في سن أكبر وفي الغالب عند مرحلة البلوغ.


القسطرة القلبية


يلفت د.أحمد إلى أن علاج ثقوب القلب يتم جراحياً، لكن يجب تحديد موعد إجراء العملية؛ حيث إن تأخير التدخل الطبي يمكن أن يزيد من خطورتها وصعوبة نجاحها، وفي حال ترك الثقب طويلاً يستحيل أجراء الجراحة، ما يتسبب بمضاعفات لا يمكن السيطرة عليها، وتجدر الإشارة إلى أن هناك اكتشافات طبية حديثة ظهرت خلال السنوات العشرين الأخيرة؛ حيث أثبت إجراء غلق الفتحات عن طريق استخدام القسطرة نجاحاً كبيراً، وقليل المخاطر مقارنة بالعمليات الجراحية.


مضاعفات ومخاطر


يبين الدكتور أحمد جابر أخصائي، أمراض القلبية الوعائية، أن أعراض ومضاعفات أمراض ثقوب القلب عند الأطفال تختلف بناء على حجم الفتحة ومكانها، ووجود عيوب خلقية أخرى من عدمها، وبشكل عام كلما كان الثقب صغيراً قلت المخاطر، ويمكن أن يكون الثقب في الجدار الحاجز بين الأذينين أو بين البطينين، ومن أهم العلامات والمضاعفات التي تنتج عن هذه المشكلة هي الإجهاد، التعب العام، صعوبة التنفس، بطء النمو والتطور عند الطفل المصاب، وتصبغه باللون الأزرق، وتعرضه لتكرار التهابات الجهاز التنفسي، وتعاني بعض الحالات خللاً في ضربات القلب وعدم انتظامها، ما يؤدي في النهاية إلى قصور وفشل في وظائف القلب خاصة في الناحية اليمنى، وفي حال إهمال علاج هذه الأمراض، يمكن أن تتحول هذه المخاطر إلى وضع دائم ولا يمكن علاجه مستقبلاً، وربما يؤدى ثقب القلب عند الأطفال في حالات نادرة إلى حدوث السكتة الدماغية.


طرق علاجية


يشير د.أحمد إلى أن الحالات البسيطة وغير المعقدة من ثقوب القلب عند الأطفال، يبدأ علاجها عن طريق المراقبة والعلاج الدوائي والتحفظي، وفي هذه الحالة يجب على المريض المتابعة الدورية مع استشاري أمراض القلب وعمل الفحوص اللازمة ومتابعة الأعراض الناتجة عن الثقب، وملاحظة نمو وتطور الطفل، وفي بعض الحالات البسيطة يمكن البدء في الأدوية التي تنظم ضربات القلب أو مدرات البول وغيرها.
ويضيف: أما الحالات الشديدة أو المعقدة، فيكون التدخل الجراحي، الأفضل، لكن دون تأخير حتى يحقق نتائج أفضل، ويقلل من فرص حدوث مضاعفات بعد التدخل، ويتم ذلك عن طريق قسطرة القلب في مراكز متخصصة؛ حيث يمكن إصلاح الثقب بدون شق صدري، أو إجراء شق بالجراحة وإصلاح الثقب، وفي هذه الحالة يبقى الطفل فترة أطول بالمستشفى، وتجدر الإشارة إلى أن العلاج المبكر والمتابعة الدورية تقلل من نسبة الخطر، وتوقف فرصة ظهور الثقب مرة أخرى بعد عملية إصلاحه.

تتخذ جميع المستشفيات كافة الإجراءات الوقائية للأم والجنين بعد الولادة مباشرة، ويعتبر أهمها فحص المولود من قبل أخصائي حديثي الولادة، للكشف عن وجود أي مشكلات مرضية تحتاج إلى الرعاية الفورية والتدخل الطبي، وهناك بعض العلامات التحذيرية التي يجب الانتباه لها من قبل الطبيب والأهل، ويمكن أن تكون دلالة على الإصابة بثقب في القلب وربما تتشابه مع بعض الأمراض الأخرى، ومنها ازرقاق لون جلد الطفل الذي يمكن أن يشير إلى نقص مستويات الأوكسجين، وكذلك البكاء الزائد من دون سبب واضح، وصعوبة التنفس، سوء الرضاعة وتقطعها، والتعرق الزائد أثناء الرضاعة، والتهابات الجهاز التنفسي المتكررة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"