العقوبات الأوروبية.. هل تردع تركيا؟

02:55 صباحا
قراءة 4 دقائق
إعداد- بنيمين زرزور:

لا يزال شرقي البحر الأبيض المتوسط يثير قلق العالم، وسط تصعيد مستمر بين الأطراف رغم دعوات التهدئة والمساعي التي تبذلها ألمانيا بتأييد روسي، في محاولة ربما تكون الأخيرة، أو متأخرة، للحيلولة دون اندلاع المواجهة.
تصرّ فرنسا على منع تركيا من تحقيق مآربها غير الشرعية، وتعمل على رص صف الدول الأوروبية المتشاركة في البحر المتوسط، حيث دعت إلى قمة للدول الأوروبية المطلة عليه، وهي إيطاليا وإسبانيا والبرتغال واليونان وقبرص ومالطا، بغرض معالجة التوترات الراهنة مع أنقرة.
وجاء الاجتماع الذي عقد في كورسيكا، بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في إطار حشد فرنسا مزيداً من القوة لمواجهة الوجود التركي المنفلت في مياه البحر الأبيض المتوسط.
وأكدت المجموعة في بيان مشترك، دعمها الكامل وتضامنها مع قبرص واليونان في مواجهة الانتهاكات المتكررة لسيادة كل منهما، وكبح الأنشطة التركية في المنطقة.
وجاء في البيان: «نعتقد أنه في ظل عدم إحراز تقدم في إشراك تركيا في الحوار، وما لم تنه أنشطتها الأحادية، فإن الاتحاد الأوروبي مستعد لوضع قائمة بالإجراءات العقابية الإضافية التي يمكن مناقشتها في المجلس الأوروبي يومي 24 و25 سبتمبر/ أيلول».
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مؤتمر صحفي في نهاية القمة، إن الخيار المفضل لا يزال العودة للحوار مع تركيا. وأضاف «لسنا سذجاً، لكننا نريد العودة للحوار بنية حسنة».

بين التسخين والدعوة للحوار

وفي تطورات القضية كان الاتحاد الأوروبي أعرب عن قلقه واستيائه حيال سلوك تركيا في شرقي البحر المتوسط، والانتهاكات التركية في مجال حقوق الإنسان، غير أن تلويح أنقرة بورقة المهاجرين يحول بين الاتحاد واتخاذ أي تدابير عملية على الأرض.
وتجري أنقرة عمليات تنقيب عن الغاز في المنطقة الاقتصادية البحرية التابعة لقبرص، يعتبرها الاتحاد الأوروبي غير شرعية.
وقال وزير الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل، على هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد: «علاقاتنا مع تركيا ليست جيدة في الوقت الحاضر، وسيشكل ذلك أبرز نقطة على جدول الأعمال اليوم».
وزير الخارجية التركي أخذ على الاتحاد الأوروبي ربطه مسألة الهجرة بالتوتر في شرق المتوسط، وحذر بأنه إذا لم يتم تحقيق تقدم في المحادثات فإن «تركيا ستستمر في فتح حدودها أمام الراغبين في التوجه إلى أوروبا».
وقالت وزيرة الخارجية السويدية آن ليندي «ما يجري في تركيا مقلق»، فيما أوضحت نظيرتها الإسبانية أرانتشا جونزاليس لايا «نلاحظ سلسلة تحركات من جانب تركيا تستدعي مناقشة حول طريقة تعاملنا معها».
غير أن جميع الوزراء شددوا على أهمية الشراكة مع تركيا العضو في الحلف الأطلسي. وطالبت فرنسا التي يخيم توتر على علاقاتها مع تركيا، بموقف موحد حيال التمادي التركي يضمن لجم الأطماع التركية.
وترفض تركيا هذه الاتهامات، وتندد بعدم وفاء الاتحاد الأوروبي بوعوده، معتبرة أنه عاجز عن الالتزام باتفاق تم التوصل إليه عام 2016 ونص على إعفاء الأتراك من تأشيرات الدخول الأوروبية لقاء ضبط أنقرة حركة الهجرة.
وتنظر ألمانيا بجدية بالغة إلى هذا التهديد، فالمستشارة أنجيلا ميركل عازمة على تفادي أزمة مهاجرين جديدة خلال توليها رئاسة الاتحاد الأوروبي لنصف السنة الجاري.ولعل ذلك ما يفسر الموقف الألماني الداعي إلى الحوار.
وصادق البرلمان الأوروبي مؤخراً على ميزانية جديدة بقيمة 485 مليون يورو عرضتها المفوضية الأوروبية لمساعدة نحو أربعة ملايين لاجئ سوري مقيمين في تركيا.

اليونان تطالب بعقوبات

وتتخذ اليونان موقفاً متشدداً باعتبار أنها المتضررة أولاً من الأنشطة التركية، وهي على خلاف مع الأتراك بشأن الحدود البحرية في المنطقة، خاصة أن أنقرة أرسلت سفينة مسح إلى منطقة يدّعي كل من البلدين أنها تابعة له. وقد دعا رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات رادعة على تركيا، إذا لم تسحب قطعها البحرية من المناطق المتنازع عليها في شرق البحر المتوسط. وقال: «نحتاج فعلاً إلى الحوار،لكن ليس تحت التهديد، فكل ما يهدد أمن واستقرار اليونان يهدد رخاء وسلامة جميع الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي».
وقال وزير خارجية اليونان، نيكوس دندياس: «تركيا هي الدولة الوحيدة التي تفتح جبهات حرب في كل مكان، وهي الدولة الوحيدة التي تهدد جيرانها بالحرب».

العصا والجزرة

فيما يلوح الاتحاد الأوروبي بعقوبات ضد تركيا على خلفية النزاع بينها وبين اليونان، طالبت أنقرة التكتل ب«التصرف بمسؤولية والتحلي بالإنصاف والحيادية والموضوعية»، وتجنب التصريحات الاستفزازية.
وقال وزير خارجية فرنسا جان-إيف لودريان: «لقد أعددنا هذا الملف التركي منذ عدة أيام مع وزراء الخارجية في برلين لوضع السبل المتناسبة الرد التي يمكن أن نستخدمها حيال تركيا».
وبينما يتسم المقوف الفرنسي بالتصعيد والتحريض، عززت فرنسا وجودها العسكري في شرقي البحر المتوسط في نهاية أغسطس/ آب، في إطار مساعيها لدعم شريكها اليوناني داخل الاتحاد الأوروبي. كما قامت تركيا بمناورات عسكرية بحرية بالذخيرة الحية على شواطئ قبرص.
وربما تبقى قضية الردع عن طريق العقوبات- بدل الدبابات- معلقة حتى تتفق القمة الأوروربية المنتظرة نهاية الشهر، على طبيعة تلك العقوبات وشدتها، وبالتالي مدى قدرتها على ردع تركيا بالقوة، أو بالعودة إلى طاولة المفاوضات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"