الطب الشعبي .. تجارب عملية وخبرات متراكمة

02:37 صباحا
قراءة 4 دقائق
الفجيرة: بكر المحاسنة

مارس عدد من أهالي الإمارات مهنة الطب الشعبي بأنواعه المختلفة، منذ القدم، سواء بواسطة الخلطات العشبية أو الوسم «الكيّ» أو الحجامة، أو المسح. وذلك لعلاج الكثير من الأمراض التي كانت سائدة. وما زال البعض حتى يومنا هذا يعالج الأمراض والآلام استناداً إلى التجارب والوصفات العلاجية. ويمتلك البعض خبرة كبيرة بهذا المجال ولديهم التجارب الكثيرة في قدرتهم على العلاج، والتي تشكلت خبرتهم عبر الزمن في معرفة الأمراض وأعراضها وطرق علاجها.
ظلت مهنة العلاج بالطب الشعبي تتوارث، ولقي ممارسو مهنة الطب الشعبي بأنواعه احتفاءً واحتراماً من المجتمع تقديراً لما يقدمونه من خدمة إنسانية، وما يبذلوه من جهد في تسخير ما أعطاهم إياه الله تعالى من حكمة وخبرة في قدرتهم على علاج الأمراض بما توفره لهم بيئتهم من أعشاب برية طبية ومواد وأدوات بسيطة لعلاج ولحل المشاكل الصحية التي تصيب النساء والرجال.
الوالد سعيد علي محمد الحفيتي، في منطقة وم التابعة لإمارة الفجيرة، يمارس العلاج بطرق الوسم «الكي»، وورث المهنة عن والده وأصبح يعرف بالمعالج الشعبي بواسطة الوسم والكي والتدليك، يقول الحفيتي: منذ أكثر من 40 عاماً أقوم بعلاج الكثير من الأمراض بواسطة الوسم أو ما يعرف بالكي وهو أحد الطرق التقليدية لعلاج بعض الأمراض بعد تحديد مكان الألم ونوع المرض الذي يعانيه المريض، وبعدها أشعل النار وأضع الميسم «قطعة حديد» عليها حتى يحمر لونه، بأماكن محددة في الجسم على الأعصاب والشرايين، ونتيجة للوسم تتكون حروق في موضع الكي بيضاوية أو مستديرة الشكل.
ويؤكد الحفيتي أن العلاج بالوسم أو الكي ساهم في علاج الكثير من الأمراض منها عرق النساء، وصداع الرأس المزمن، ومرض «أبو صفار» و«أبوجنيب» الذي يسبب ألماً في الصدر كما يعالج الكي بالوسم ورم الطحال وآلام الكبد وأوجاع الفقرات والرقبة، وبعض أمراض الأطفال.
وتقول الوالدة حلاوة خميس سعيد اليماحي، أم سعيد من أهالي منطقة الطويين الجبلية: أمارس الطب الشعبي بكافة أنواعه والذي ورثته من أمي وزوجة أبي اللتين كنت أرافقهما في كل مكان تذهبان إليه لمعالجة النساء، وأسمع منهما ملاحظاتهما والحوارات التي تدور بينهما وبين المريضات، حتى أصبحت أمتلك الخبرات والمهارات الكبيرة في علاج الأمراض، وذلك من خلال استخدام الخلطات الخاصة المكونة من الأعشاب الطبية والنباتات البرية، واستخدام طريقة الكي «الوسم»، والخبانة أو المسح. وتضيف اليماحي أنها بدأت الطب الشعبي باستخدام طريقة «الخبانة» لعلاج الكثير من الأمراض وهي طريقة تستخدم فيها أوانٍ فخارية مصنوعة بطريقة دائرية يوضع فيها قطعة أو قطعتان من الفحم وعدد من الحصى وتوقد فيها النار، ومن ثم توضع وهي مقلوبة على المكان المحدد للخبانة من الجسم حتى يصبح الإناء ملتصقاً به، ويُحرك في مكان الألم.
بينما الوالدة بيبي علي محمد الظهوري أم محمد من أهالي مدينة دبا الفجيرة تعالج النساء بواسطة الوسم «الكي» والحجامة وبواسطة التدليك تقول: ورثت هذه المهنة عن والدتي ومنذ أكثر من 20 عاماً أمارس مهنة الطب الشعبي وعالجت الكثير من الأمراض التي تصيب النساء، وهناك بعض الأمراض هي التي تحدد طريقة الكي، فبعضها يتطلب كياً عميقاً وكبيراً، وبعض الأمراض أو الآلام البسيطة تتطلب كياً سطحياً.
وتضيف الظهوري:«من أبرز الأمراض التي أعالجها بالكيّ الصداع وبعض الأورام، وآلام لوح الكتف، وكذلك عصبة الخاصرة والكحة، كما أعالج عرق الكبود وعرق النساء والعديد من الأمراض التي تصيب أجزاء الجسم المختلفة إما بالكي أو الحجامة.


تشخيص المرض


تقول الوالدة حليمة سعيد سيف المحرزي من أهالي منطقة دفتا، التابعة لرأس الخيمة ورثت المهنة من والدتي، وكنت في البدايات أعالج الأطفال؛ لأنهم لا يحتملون المرض، ومع مرور الأيام أصبحت لديّ القدرة الكبيرة على معالجة الأطفال والنساء باستخدام الوسم والخلطات والوصفات العشبية المتنوعة والتي تتضمن مجموعة من النباتات البرية والطبيعية التي أحضرها من الجبال المجاورة، وتلك الأعشاب معروفة لدى الأهالي، كما كنت أعالج التهاب اللوز للأطفال معتمدة على خبرتي الفطرية، والوراثة. وتضيف: أعالج بعض الأمراض من خلال وصف بعض أعشاب ونباتات طبية عدة أستخدمها في الخلطات العشبية؛ لعلاج المغص والتهاب اللوز والمعدة وارتفاع الحرارة؛ مثل: أعشاب جيشوم والحميض والزعتر البري والحرمل والجعدة ونباتات البان والتمر والخطف، والكثير من النباتات والأعشاب البرية الطبية التي تشتهر بها الإمارات والمعروفة لدى الأهالي.
أما علي خميس أحمد محمد الحفيتي من أهالي مناطق دبا الفجيرة، معالج بالحجامة يقول: منذ أكثر من خمس سنوات أعالج بعض الأمراض والآلام بواسطة العلاج بالحجامة، حيث تسهم الحجامة في علاج الصداع والمفاصل والآلام الظهر، كما تساهم في علاج ضغط الدم ومرض السكر، والأمراض الجلدية والكثير من الأمراض والآلام التي تصيب الإنسان، وتقوي الحجامة جهاز المناعة لدى الإنسان وتنشيط الدورة الدموية.


علاج الكسور


تمارس الوالدة فراشة علي حسن حسنوه الظنحاني من أهالي مدينة دبا الفجيرة مهنة علاج بالكي والمسح، وتقول: أمارس مهنة العلاج بالطب الشعبي والذي ورثته من الآباء والأجداد منذ 50 عاماً، حيث بفضل الله تعالى عالجت الكثير من الأمراض والكسور، بواسطة الخلطات العشبية التي تحتوي على مجموعة من الأعشاب التي أجمعها من المناطق البرية المنتشرة في الإمارات أو شرائها من محلات العطارين، كما عالجت حالات الصداع وآلام الأعصاب والمفاصل وحالات الورم الخارجي وأمراض الرحم بواسطة
«الكي» والمسح، وذلك بعد تحديد حالة المريض وما تتطلب حالته الصحية أقوم بمعالجته.وتعالج الوالدة أم عبد الله من الفجيرة الكسور والخلع بالطب الشعبي والطرق التقليدية المتعارف عليها لدى الإماراتيين منذ القدم، والتي اشتهرت منذ أكثر من 30 سنة بمعالجة الكسور البسطية والخلع، وذلك بواسطة بعض الأعشاب الطبية البرية وأوراق أشجار السدر، وتقول الوالدة: أبدأ بتشخيص حالة المصاب وبعدها أجهز الخلطة المناسبة حسب نوع الإصابة وبعدها ألف مكان الكسر بوضع لوح خشبي للتثبيت وبعدها أضع «المزيع»، وهو عبارة عن خلطة عشبية مكونة من أعشاب «العنزوت والمر والحلبة وأوراق أشجار السدر البري»، وأضيف الكركم والملح والسربو، وأخلطها مع قدر بسيط من الماء وبعد أن أضعها على مكان الكسر، نلفه بقطعة قماش ويترك حتى يجف، ولا يفتح إلا بعد 10 أيام أو أكثر حسب حجم الكسر ومكانه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"