التضامن للقضاء على «كورونا»

04:22 صباحا
قراءة دقيقتين

مفتاح شعيب


في قلب المعركة التي تواجهها البشرية ضد جائحة «كورونا» تندلع من صلبها معركة أخرى تذكيها المواقف الدولية المتباينة حيال اللقاح المنتظر. وكانت اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة مناسبة مثالية لعرض الصورة العامة، واستهلها أمينها العام أنطونيو جوتيريس بالدعوة إلى تعاضد الجميع ضد أكبر تحدٍ يواجه المجتمع الدولي في هذه المرحلة.

لم تخل خطابات زعماء العالم أمام الأمم المتحدة من إفاضة في الحديث عن جائحة «كورونا» وما أحدثته من خسائر فادحة في الأرواح والاقتصاد والعلاقات العامة، والجامع بينها دعوات إلى الوحدة والتضامن، على الرغم من أن البعض حاول استغلال المنبر؛ للدعاية السياسية مثلما فعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يخوض حملة انتخابية صعبة، وتعاني بلاده براثن الجائحة كأكبر دولة متضررة على الصعد كافة. ومع ذلك ما يزال الأمل معقوداً في أن ينجح مختبر من المختبرات العالمية في إنتاج علاج فاعل يعيد للحياة وجهها الطبيعي، ويزيح عن العالم الكمامات وقيود الحركة والإجراءات الوقائية التي لا تنتهي. وعلى الرغم من تعدد المبادرات والنوايا، فإن العالم أجمع يقف عاجزاً عن تجاوز هذه المحنة بحل ناجع وآمن، في ظل قدرة هذا الوباء اللعين على تحدي التدابير، والاستفحال بفظاظة بين المجتمعات. فهذه أوروبا التي تنفست قليلاً خلال الأشهر القليلة الماضية عاد وضعها الصحي إلى التدهور بشدة، ما أشاع جواً من التشاؤم والخوف من عواصف الخريف والشتاء.

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون كان صريحاً في خطابه إلى الأمم المتحدة، فقد دعا إلى ما يشبه شن حرب عالمية على «كورونا»، وتعهد بزيادة الدعم المالي لمنظمة الصحة العالمية التي انسحب منها ترامب. وقبله تحدث الرئيس الصيني شي جي بينج متعهداً بأن بكين ستعمل ما بوسعها؛ للمساعدة في القضاء على الفيروس مع رفض تام لتسييس القضية. كما دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أنتجت بلاده أول لقاح محتمل لمقاومة «كورونا» ووعد بتقديمه مجاناً إلى موظفي الأمم المتحدة، إلى عقد قمة عالمية؛ لتنسيق الجهود للتوصل إلى علاج. أما رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي فأكد أن بلاده ستضع كل إمكاناتها؛ لمساعدة البشرية جمعاء على تجاوز هذه الجائحة.

على الرغم من قتامة الصورة ومحاولات تسييس هذا الطارئ الصحي لمآرب خاصة، هناك ما يسمح بالتفاؤل للتوافق على كلمة دولية موحدة ضد وباء «كورونا»، وما يسمح بالتفاؤل أكثر أن عشرات المختبرات بصدد التوصل، منفردة، إلى نتائج علاجية مبشرة تنقذ البشرية، وتشحن فيها روح التحفز إلى المستقبل. ويمكن لهذا النهج أن يتعزز إذا قررت كل القوى الدولية أن تتحد وتعمل معاً؛ لإنتاج لقاح فاعل وآمن وفي متناول الجميع، ومن ثم العمل على تطويق تداعيات الجائحة ومساعدة المتضررين؛ فالإنسانية اليوم في أحوج ما يكون إلى ظاهرة تضامن واسعة النطاق، وبذلك فقط يتم القضاء على «كورونا» وتحرير العالم من أطواق القيد والعزل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"