بين الدائن والمدين.. لا جريمة

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين


إيمان عبدالله آل علي

تستمر الإمارات بتعديل القوانين وفق مستجدات الحياة، لتتوافق مع تحديات العصر، وتعديل القانون الأخير المختص بالشيكات، الذي جاء فيه إلغاء التجريم الوارد حالياً في قانون العقوبات عن الشيك، خاصة ما يتعلق بإصدار شيكات بدون رصيد، عدا بعض الحالات التي تستحق التجريم، وحددها القانون تفصيلاً.
إلغاء عقوبة السجن في قضايا الشيكات للمتعثرين، ابتداءً من عام 2022، سيخفف عنهم، وسيشكل تحقيقاً لمبدأ التسامح، وتعليماً للسماح والصبر؛ فلم يقصد أحد أن يكون متعثراً، ومنح تلك الفئات من المتعثرين فرصة لتحسين وضعهم ودفع المستحقات التي عليهم لأصحابها، أفضل من سجنهم وتراكم الديون عليهم.
الإمارات أرض التّسامح وبلاد الخير ومركز السّلام، نشرت خيرها في مختلف بقاع الأرض، رحمتها تتجاوز كل الحدود، عطاؤها لا ينفد، بلد السلام، والرحمة، والتسامح، والإنسانية، والعطاء... وتعديل مثل تلك القوانين يعكس تلك الحقيقة.
الأزمات تمر على المتعثرين؛ بل تمر على اقتصادات العالم أجمع، والسجن سيزيد هم المتعثر هموماً، وخسارته خسائر أكثر وأكثر؛ وسيفقد الطمأنينة التي كانت تخفف عنه بين أحضان أسرته وحريته، وستزيد خسارة رجال وسيدات الأعمال، ما سيجعلهم يغرقون في بحر من الديون، ستجعل ربما عشرات الآلاف أو مئات الآلاف من الموظفين يخسرون وظائفهم، التي كانوا يعينون بها أسرهم وأمورهم ومستلزمات حياتهم، بسبب خسارة من يكتبون شيكات بأرقام كبيرة، وهم عادة رجال وسيدات أعمال لديهم التزامات كثيرة، والعقوبة للمتعثر بالسجن لن تكون حلاً لقضاء دينه، ولكن ستكون سبباً لزيادة تعثره، خاصة في ظل جائحة «كورونا».
القانون الجديد يسهم في تسهيل تحصيل الشيكات، فضلاً عن سد الثغرات التي استغلها بعضهم في السنوات السابقة، ويحمي حقوق الطرفين، ويمنح المدين الفرصة لاستثمار وقته، وهو خارج أسوار السجن، بالعمل لتوفير المبالغ المترتبة عليه، وتجريم من لديه سوء نية بعدم الدفع، والتهرب من الالتزام بحقوق الآخرين.
تجريد الصفة الجنائية عن الشيكات، سيحمي أصحاب المشروعات المتوسطة والصغيرة الذين قد تتعثر مشروعاتهم في نصف مشوارهم التجاري لأسباب عدة، ومنها أزمة «كورونا» التي أدت إلى تراجع إيراداتهم خلال الفترات الماضية والحالية، خاصة أن نجاح مشروعاتهم وازدهارها واستمرارها، ستنعكس لا محالة إيجاباً على الاقتصاد العام، وتضمن استمرارية الحركة التجارية، والقانون يشجع من ينوي البدء بعمل تجاري على الانطلاق والاستثمار في المجال الذي يريده.
لن يفيد الدائن من دخول المدين السجن، بل على العكس قد يستفيد بشكل أكبر من وجوده خارج السجن، ليتمكن من العمل وتوفير المتطلبات المالية المتراكمة عليه، ورد الحقوق لأصحابها.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"