عادي
محمد بن راشد في قصيدته الجديدة:

محمد بن زايد.. الأسد صمّام أمان العرين

00:39 صباحا
قراءة 4 دقائق
محمد بن راشد محمد بن زايد

دبي: «الخليج»

في قصيدته الجديدة «الأسد»، يغزل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، ثوباً بلاغياً قشيباً موشّى بخيوط اللغة الفريدة، حيث لا يبقى شيء غير الصور والمشاهد السامية ذات المعاني العميقة. فسموه قدم في هذه القصيدة نحتاً رفيع المستوى من رخام اللغة الصلدة، وذلك ما يفعله تماماً في هذا النص البديع الذي يمتدح فيه شقيقه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

أهم الصفات

يتخير صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في النص من أشجار اللغة والمجاز، ثمار الألفاظ ذات الدلالات التي تصف «أبو خالد»، وصفاً يليق به وبمكانته الرفيعة، ويرمز له  وهو يدافع عن الأمة، ويحمي الوطن  بالأسد. فمن أهم صفات الأسد أنه يحمي عرينه ويستبسل دونه حتى آخر رمق، وهو كذلك يتصف بالمنعة والعزة، ولعل سموه، يسير في هذا النص على طريقة العرب الأقدمين من الشعراء الذين وظفوا صفات الأسد في المواضيع الشعرية المختلفة، فقد رسم الشعر للأسد صورة ذهنية تشير إلى السمو والعظمة والسيادة، فهو ملك الغاب، وهو بذلك رمز للبطش إن دعا الداعي، وعنوان للسيطرة على زمام الأمور، وللمهابة. ولعل أشهر أبيات العرب في هذا المقام، ذلك الذي قاله أبو الطيب المتنبي في مدح سيف الدولة:

إذا رَأيْتَ نُيُوب اللّيْثِ بارِزَةً

                       فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ.

وهو بيت حافل بثمر البلاغة، محتشد بالمعنى؛ إذ جعل المتنبي من الأسد صورة تجتمع فيها صفات البأس والقوة والمنعة. وعلى منوال قريب، يسير صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في نص تسمو فيه اللغة في مقام ممدوحٍ هو أهل لطيب الصفات، غير أن اللافت الأبرز في القصيدة هو أنها على الرغم من كونها قد استعارت من الأسد رمزية القوة والمنعة، فإنها جاءت رقيقة منسابة تسري من القلب إلى القلب، عامرة بالمحبة، فكان الصدق حاضراً في كل معنى من معانيها التي تتدلى إلى المتلقي كعناقيد ثمر داني القطاف، فهي دفق شعوري جميل، وقول من لدن نبيل. 

يحمل مطلع القصيدة ومستهل أبياتها مقاربات شعرية شديد البلاغة. ولعل ما يعمق الصورة البلاغية فيه ويزيده توهجاً، ذلك الافتراض الذي صيغ في شكل سؤال استنكاري وتعجبي، ليقيم الحجة ويقدم الدليل، فمن ذا الذي يفكر مجرد التفكير في الاقتراب من الأسد؟، من ذا الذي يمتلك الجراءة على الإقدام نحو عرينه؟، والصورة المقابلة الأكثر إدهاشاً أن الأسد نفسه لا يهتم بمن يقترب منه، ولا يكترث إن حاول أحدهم الإقدام على ذلك الفعل، فهو أكبر قوة وبطشاً من أن يهتم؛ لذلك تراه يسير ويقضي أوقاته في سعادة وحبور ولا يهتم بالآخر.

حماية الدار

تركز القصيدة أيضاً على تعداد صفات الأسد التي تجلب له الاحترام، فهو يحمي دياره، فلا يقترب أحد من الطامعين إلى ما عنده، ولا يوجد من يتطلع إلى ذلك الأمر، ولو أن أحدهم تخلى عن عقله، أو تخلى عقله عنه، وذهب إلى عرين الأسد، فإنه سيرى من أمر ذلك الجبار عجباً. فالأسد يستبسل في الدفاع عن أرضه، فينشب الأنياب والأظفار في جسد المعتدي، ويدافع بكل قوة وضراوة ولا يكترث إن سالت دماؤه في سبيل داره وحماه، وحتى لو كان ثمن تلك المدافعة هو الموت، فهو لاشك سيرحب به، فأي ميتة أشرف من تلك التي تكون في سبيل العرض والأرض؛ ذلك الموقف الذي يثير الحمية فيقدم الأبطال أرواحهم رخيصة من أجل الوطن، فذلك هو المقام السامي الذي يسعى لنيله الشرفاء والأحرار، فالأسد هو المنعة والقوة والبطش، فضربته شديدة البأس، تحطم الصخر وتجعله ركاماً من بعد أن كان صلداً، فيالها من صور بلاغية زاهية الجمال. فالقصيدة استعارت من العرين رمزاً للوطن والأمة، ومن صولات الأسد وجولاته في الدفاع عنه، إشارة إلى صاحب المقام الرفيع «أبو خالد»، ويقول مطلع الأبيات:

لوُ حلالْ أكلْ الأسَدْ منهو يصيدهْ

                    والأسَدْ مايعَرفْ عنْ حِلْ وحَرامْ

رايتِهْ بيضا وأوقاتِهْ سعيدهْ

                    وللسِّباعْ أطباعْ تَجْلبْ الإحترامْ

لهْ حِمىَ يحميهْ لوُ طامعْ يريدهْ

                     يَلحِجِهْ بالنَّابْ زامْ وظِفْرِ زامْ

مايهابْ ولوُ نزَفْ دَمٍّ وريدِهْ

                 ولوُ يموتْ يموتْ في أسمىَ مقامْ

ضربتِهْ وحدهْ ياغيرْ أنْها شديدِهْ

                تفلقْ الصَّخرَهْ وتخليها ركامْ.

القوة والشكيمة

وينتقل بنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عبر القصيدة، نقلة توضح المقصود، وتبين المعاني. فالممدوح هو أهل لتلك الأبيات التي تحمل قوة المفردات، وأناقة الألفاظ وجزالة اللغة، ورسالة بديعة تحتشد فيها المعاني والقيم السامية، فالأسود على كثرتها في الغاب والفلوات ليست بجسارة ولا قوة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، فكان سداً منيعاً شديد البأس وافر القوة والشكيمة، وكذلك حاله في لحظات السلم، فهو الأمين على الرعية، صاحب القيم والأخلاق النبيلة السامية، وهو الحكيم الذي يسوس الناس بالمحبة والمودة والرحمة.. هي صفات فريدة اجتمعت كلها في شخص واحد، فكان «أبو خالد»، رمزاً للقيم العظيمة وأهلاً للصورة الشعرية الملحمية التي رسمها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، الذي جعل من الشعر مقاماً للوفاء، ورسالة للمحبة وروح الأخوة الخالدة بين «محمد»، و«محمد»، تلك الروح التي حركت الشعر، فكان أن صاغ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، تلك الأبيات التي يدعو في مسك ختامها ل«أبو خالد» بطول العمر، فهو القائد الفريد الذي فاقت أفعاله وبأسه كل ما تتصف به كل أسود الأرض. والقصيدة تؤكد فرادة العلاقة ومتانتها بين «المحمدين»، كما تؤكد أن الإمارات على قلب رجل واحد، وتقول الأبيات:

ورجعْ صوتِهْ للذي عادي بريدِهْ

                     هي رسالِهْ توصَلْ بلَيَّا كلامْ

أعرفْ إسباعْ الفلاَ وسبعٍ أحيدِهْ

                              صاحبي الموثوقْ في حربْ وسلامْ

ذاكْ بوخالدْ عسىَ أيَّامِهْ مديدهْ

                           لي علىَ سباعْ الفلاَ شيخْ وإمامْ 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"