عادي

محمد صالح القرق.. موسوعة متنقلة يفقدها الوسط الثقافي

19:55 مساء
قراءة 5 دقائق
رحيل الأديب محمد صالح القرق بعد رحلة ثقافية ثرية


دبي: عثمان حسن


فقدت الساحة الثقافية الإماراتية، يوم أمس الأحد، أحد رموزها الكبار؛ القامة الوطنية الأديب والشاعر والمترجم الراحل محمد صالح القرق الذي غيبه الموت عن 84 عاماً.
وقد عبر عدد من رموز الثقافة والأدب في الإمارات عن صدمتهم بخبر وفاة القرق التي شكلت خسارة كبيرة للوسط الأدبي؛ بوصفه رائداً في مجالات ثقافية مختلفة، جمعت بين الترجمة والعلوم والآداب الإنسانية المختلفة.
ترجم القرق رباعيات الخيام من اللغة الفارسية إلى العربية، وله أيضاً موسوعة أدبية وعلمية بعنوان: «غيض من فيض» في عشرة أجزاء، طبع منها 4 أجزاء، وكان الراحل الكبير يعكف على طباعتها تباعاً.
وقد كانت «الخليج» سبّاقة في نشر مئات المقالات التي كان يحرص الراحل محمد القرق على نشرها في صفحاتها.
حميد القطامي مدير عام هيئة الصحة في دبي، عبّر عن عميق حزنه بوفاة القرق؛ بوصفه قامة ثقافية وموسوعية كبيرة معروفة في الإمارات وفي الخليج العربي، وقال: «نرفع أحر التعازي لأسرة الفقيد بهذا المصاب الجلل، وعزاؤنا أنه سيظل حاضراً في ذاكرة ووجدان محبيه من الأصدقاء والمثقفين، فقد كان  رحمه الله  مثالاً في التواضع والأخلاق إلى جانب حصيلته المعرفية المشهود لها في الشعر والأدب والترجمة، والعلوم».


 رمز كبير 


قال بلال البدور رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم في دبي: «بوفاة القرق تخسر الإمارات أحد رموزها في الإبداع والثقافة، كان شخصاً موسوعياً مكتبته من أهم المكتبات الخاصة، وهي تضم نفائس في علوم مختلفة، لقد اهتم منذ بداية علاقته بالقراءة باقتناء الكتب والمجلات والصحف العربية، وكان لزياراته المبكرة للدول العربية دور في التعرف إلى أعلام الثقافة العربية، مما أثر في معارفه، ويعد إصداره الفريد «غيض من فيض بأجزائه الثلاثة، والسبعة المعدة للطبع نتاج قراءته واطلاعه»، ونوه البدور بعمله البارز رباعيات الخيام، وقال: «إن ترجمة الراحل محمد القرق لرباعيات الخيام تعد جهداً محموداً في مجالها، مقارنة بالترجمات الأخرى، ولقد كان بحق موسوعة في الشعر والتراث العربي، نحن نفتقد أباً وجليساً ممتعاً».


 خسارة أدبية 


بدوره، عبّر الأديب والمؤرخ جمال بن حويرب المدير التنفيذي ل«مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة»، عن حزنه الكبير لرحيل القرق، وقال: «لقد كان خبر الوفاة مؤلماً وحارقاً، كان كالصاعقة عليّ شخصياً، وعلى الوسط الثقافي في الإمارات، فقد ارتبط الراحل بعلاقات صداقة مع الجميع، وخسارته تعد خسارة كبيرة للفكر والأدب؛ بوصفه من الرموز الأوائل على مستوى الإمارات والخليج العربي».
وأكد ابن حويرب، أن القرق كان موسوعة أدبية متنقلة، ورحيله خسارة كبيرة للإمارات وللأدب والعلم والتاريخ والترجمة.
وأوضح ابن حويرب، أنه لم يشاهد مثل القرق من الشخصيات التي جمعت بين فنون الثقافة المختلفة من آداب وعلوم وترجمات، مع مسحة من التواضع والأخلاق العالية، وكان حريصاً على حسن اختياره لكتبه، ودائم البحث عن أرفع العناوين في مجالات الثقافة المختلفة، فضلاً عن اهتمامه بمراسلاته الأدبية بين عدد من المثقفين الخليجيين والعرب، وكل ذلك حرص على توثيقه وتبويبه في أحسن صورة.
 وختم ابن حويرب بقوله: لقد فقدنا أخاً عزيزاً وصديقاً، ومرجعاً ثقافياً له شأن كبير.


عمق 


أما علي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلس الإدارة، رئيس اللجنة الإعلامية في ندوة الثقافة والعلوم في دبي، فعبر عن خسارته شخصياً وعموم الوسط الثقافي برحيل القرق، وقال: فقدت الساحة الثقافية في الإمارات أخاً عزيزاً فهو شخصية ثقافية نادرة عميق الفكر، موسوعي البحث، رصين الإنتاج، ترجم رباعيات الخيام التي تعد واحدة من الأعمال الخالدة في تاريخ الأدب العربي.
ونوه الهاملي إلى أن ندوة الثقافة والعلوم قامت في عام 2010 بتكريم الراحل الكبير؛ بوصفه شخصية العام الثقافية.
وأوضح الهاملي: إن سيرة القرق الثقافية لا حدود لها، فقد نشر خلال حياته مجموعة كبيرة من المقالات في جريدة الخليج الإماراتية منذ تأسيسها، وكانت معظم هذه المقالات من موسوعته ذات المجلدات العشرة «غيض من فيض» التي تعد بدورها واحدة من الأعمال الرفيعة في عناوينها الثقافية والأدبية والإنسانية.


 ثقل الغياب 


عبّر الأديب عبد الغفار حسين عن عميق حزنه بوفاة الأديب الموسوعي محمد القرق، وقال: «كان الخبر صادماً فقد حزنت لهذا الغياب المفاجىء، فقد كان القرق بالنسبة لي وللكثير من المثقفين بمثابة الأخ والصديق، وله باع كبير في المجال الثقافي في الإمارات» وأضاف حسين: «الراحل يعتبر من أبرز الشخصيات الثقافية في الإمارات؛ بل هو في مجال تخصصه في الثقافة والترجمة والعلوم الأول في الإمارات والثاني في منطقة الخليج العربي».
ونوه عبد الغفار حسين بترجمة القرق لرباعيات الخيام من اللغة الفارسية، واعتبرها من الأعمال المهمة على المستوى العربي، وأشار إلى موسوعته النادرة التي تعتبر من نفائس المكتبة العربية وهي بعنوان: «غيض من فيض» تلك الموسوعة الشاملة في الأدب والعلوم والتكنولوجيا والتاريخ، التي أعدها من كبريات القواميس العربية، وتتألف من عشرة أجزاء، وصدر منها أربعة أجزاء مطبوعة، وكان يفكر بطباعتها تباعاً؛ لكن الموت عاجله، وقد نشر أجزاء منها في جريدة «الخليج» الإماراتية.
وذكر عبد الغفار حسين أن الوسط الثقافي في الإمارات سيحرص على طباعة الأجزاء المتبقية، وهذا أقل ما يمكن أن يقدم لرمز ثقافي إماراتي ورجل موسوعي كبير.


إضاءة 


ولد محمد صالح القرق في دبي عام 1936، وقدم خلال مسيرته العديد من الكتابات التي أثرت الساحة الثقافية، كما نشر في أبرز الصحف والمجلات الإماراتية، وترك القرق إرثاً ثقافياً كبيراً؛ وأبرزه ترجمته لرباعيات الخيام في كتاب موسوعي ضخم ضم الرباعيات باللغات الفارسية والعربية الفرنسية والإنجليزية، إلى جانب كتاب ضم مقالاته التي اعتاد أن ينشرها بعنوان: «غيض من فيض».
درس الراحل الكبير في مدرسة الفلاح ثم في مدرسة الأحمدية في دبي، ثم بدأ في تثقيف نفسه بنفسه مستعيناً بمكتبة والده، واستطاع أن يجيد اللغات: الإنجليزية، والفارسية، والأردية، إضافة إلى العربية.


التعازي عبر «واتس آب»


المغفور له بإذن الله محمد صالح القرق، والد فهد محمد القرق، وطارق محمد القرق، وشقيق المغفور له بإذن الله عبدالله صالح القرق، وعيسى صالح القرق. 
ونظراً للظروف الطارئة والاستثنائية واستكمالاً للإجراءات الاحترازية تقبل التعازي على مجموعة «واتس آب» في الرابط أدناه: https://chat.whatsapp.com/I8l9AWbfyrZ6aruBXP8h4f.
«إنا لله وإنا إليه راجعون»


لطيفة بنت محمد: علم نعتز بتاريخه ومساهماته


وصفت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دب‏ي، الراحل بعلم أدبي وقامة وطنية. وقالت سموها عبر «تويتر»: رحم الله الأديب محمد صالح القرق... علم من أعلام الأدب والثقافة في الوطن العربي.. وقامة وطنية نعتز بتاريخها ومساهماتها الثقافية.. سائلين المولى عز وجل  أن يسكنه جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.


نورة الكعبي: قامة أثرت المكتبة الوطنية


نعت نورة الكعبي، وزيرة الثقافة والشباب، الراحل عبر حسابها على  «تويتر»، أمس الأحد. وقالت الكعبي «فقدنا اليوم الأديب محمد صالح القرق.. قامة وطنية ثقافية.. كان حاضراً فاعلاً في المشهد الثقافي، ومساهماً في إثراء المكتبة الوطنية.. نسأل الله أن يرحم الفقيد رحمة واسعة، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"