عثمان حسن
عرف عن عباس محمود العقاد أنه قرأ في حياته أكثر من ستين ألف كتاب، وكان بحق موسوعة علمية وثقافية هائلة أهلته للكتابة في الموضوعات كافة، بعمق، ومعرفة، وخبرة متأتية من قراءة الكتب ذاتها، ذلك أنه آمن بالكتاب، فأبدع فيه علماً، وأدباً، وفلسفة وفكراً، وشعراً، وغير ذلك.
تجتاح مثل هذه الخواطر من يجول في معرض الشارقة للكتاب، حيث العناوين الجديدة المبهرة بموضوعاتها، وخلاصاتها الثقافية والفكرية، والإنسانية، التي تصيب القارئ الحق، أو القارئ النهم بلسعة شعورية لا مثيل لها، تدفعه لاختبار لذة القراءة، في عديد الكتب والإصدارات التي تلمع بشرارة التجربة، وعصارة الفكر.. فيردد كلام «تريستان تزارا» الشاعر والمفكر الفرنسي من أصل روماني الذي قال يوماً «ما أعظمَ الكتاب إنه عصارة الفكر، ونتاج العلم، وخلاصة الفهم، ودوحة التجارب، وهو عطية القرائح وثمرة العبقريات».
وبات في حكم البداهة أن مناسبة انعقاد المعرض، هو انتصار للثقافة، وتأريخ للحظة راهنة وساحرة، ستفتح نوافذ أمل جديدة للقارئ، والكاتب، والأكاديمي والباحث والمفكر والعالم، وبات من المسلم به أنه المعرض الأول على مستوى العالم الذي اقتنص لحظة فارقة في تاريخ المعارض، فكان سباقاً إلى اختبار مغامرة المعرفة، في مثل هذه الظروف بجرأة تحسب له وللمشرفين عليه.
هي الكتب.. كأنها تدشن لحظة لتطهير الذات، مغموسة بملح المحبة، تتقن الطواف على شغاف القلوب، والعقول، هي الكتب، من تلمع بألوانها، ومضامينها، ومن تكبر بمعانيها، ورموزها، وعشق مؤلفيها من كبار الكتاب في العالم.. هي الكتب.. من تسابق الزمن لترسم طقسها الخاص، تبصراً، ووعياً جديداً، يعزز كل ما هو إيجابي ومفرح في مسارات الحكمة وآثار المعرفة.
الكتب صانعة السعادة، وهذا ليس تمثيلاً، أو مجازاً، فهي تقدح خلاصة الحياة والتجربة، وتبعث أروع ما في الإنسانية من علم وتأمل وبراءة ونور.
في قالب قصصي وممتع وتوثيق علمي رصين، سافر إيمانويل مانجويل مع قرائه في فضاءات الكتب والمكتبات، كاشفاً عن سر هوسه بل شغفه بالكتب، ولنا في هذه التجربة العظيمة أن نتدبر ما يمكن أن تحدثه الكتب من فتنة، وإيمان بقدرتها على تدبر الذات بل تدبر نوازع الطبيعة البشرية، (وتحولاتها بين الخير والشر).
ولا شك في أنها «الكتب» من تحمل الإجابات، وتفتح البصائر والعقول أمام هذا العالم الغامض بالخفايا والأسرار.