في معنى حضور الغائبين

00:58 صباحا
قراءة دقيقتين


معارض الكتب، أسواق تعتمد في تجارتها على بيع وشراء الكتب، ويتم في رحابها عقد صفقات تجارية ثقافية بين عدة أطراف ترتبط فيما بينها بروابط الأهداف والطموحات المشتركة. أسواق؛ تُجّارها المؤسسات الثقافية المعنية بطباعة الكتب والترويج لرسالاتها ورؤاها وأهدافها المؤسسية الثقافية، ودور النشر على اختلاف نشاطاتها ومهامها، من طباعة كتب وتوزيعها تبعاً لسياساتها التسويقية، أو بحسب ما أبرمته من عقود مع زمرة المؤلفين على اختلاف تصنيفاتهم الإبداعية والفكرية؛ ومتسوقيها مرتادي المعارض من القُرّاء على اختلاف أعمارهم وأعمالهم وتوجهاتهم وميولهم القرائية، من باحثين وطلاب وموظفين وما إلى ذلك من تصنيفات بشرية ثقافية.
المعارض أسواق تجارية بضاعتها الثقافة، كسواها من الأسواق التجارية الأخرى على اختلاف بضائعها وسلعها وخدماتها؛ تعتمد في تعاملاتها وتسيير شؤونها على طرفي المعادلة التجارية (العرض والطلب)، عرض من المحال التجارية (المؤسسات الثقافية ودور النشر)، وطلب من المتسوقين (المستهلكين الثقافيين)، وعرض من قِبَل المشتغلين بالشأن الإبداعي الفكري (المؤلفين)، فيما الطلب يأتي من الجهات المعنية بصناعة الكتاب بحسب ما يتوافق مع سياسات النشر لديها والجنس الثقافي الذي ينصب في دائرة اهتماماتها من إصدارات.
إذن؛ هكذا سوق معنية بتجارة الثقافة والعلم والفكر والأدب والإبداع بشتى أنواعه وأجناسه ومبدعيه والقائمين على أمر شؤونه وشجونه، يتوافد عليها بشر من أنحاء المعمورة العالمية في الزمان والمكان؛ للاطلاع على بضائعها واقتناء ما يروق لذائقتهم الذهنية والنفسية، ولعقد صفقات ثقافية لاستصدار كتب.
إذا كان ذلك شأن مختلف الشرائح البشرية التي تتوافد على معارض الكتب بكامل أهليتها وبدوافعها الثقافية أو تبعاً لاحتياجات جهات العمل أو المؤسسات التعليمية المختلفة من كتب ومصادر ومراجع لرفد مكتباتها؛ فماذا بشأن المبدعين المثقفين ممن لا يتسنى لهم الحضور إلى مثل هذه الأسواق الثقافية (معارض الكتب)، إما بسبب ارتحالهم عن الحياة الدنيا، أو بسبب عجزهم عن المجيء بسبب ما يلم بهم من أمراض جسدية أو نفسية أو خلافها؟.
أسئلة كهذه، ينضم إليها سؤال مسؤول عن فكرته وأهدافه التي يرمي إليها، إذ يسأل السائل: (على من تقع مسؤولية الكتابة عن المبدعين)؟! لتأتي الأجوبة المنطقية المنصفة على النحو التالي: تقع مسؤولية ذلك الحضور المعنوي لتلك الكتيبة من المبدعين المثقفين الغائبين عن المشهد الثقافي للأسباب المذكورة سلفاً، على المؤسسات الثقافية المعنية بطباعة الكتب وعلى دور النشر المحلية، المطالبتين بالإضاءة على الطاقات الإبداعية المحلية من خلال إصدار الكتب التوثيقية التي تتناول شيئاً من سيرهم الثقافية والفكرية والأدبية عبر مسيرتهم الإبداعية الطويلة، بما يضيء للأجيال المحلية وللشعوب المختلفة، وبما يوثق مسيرة الوطن ونهضته في مختلف المجالات والميادين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"