سياسات بايدن الاقتصادية المحتملة وتأثيراتها

23:51 مساء
قراءة 3 دقائق
الاقتصاد الأمريكي

د. عبدالعظيم محمود حنفي*

يدخل جو بايدن الرئيس رقم 46 للولايات المتحدة البيت الأبيض في ظل ظروف صحية واقتصادية غير مواتية، بفعل كوفيد -19 وتداعياته الاقتصادية، رغم الإنفاق الهائل بالعجز لتقديم الإغاثة الاقتصادية من الجائحة، والتيسير النقدي الذي قال عنه رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إنه قد «تعدى كثيراً من الخطوط الحمراء». تتزايد المخاوف بشأن الركود المزدوج في الاقتصادات الغربية، بعد أن ثبت أن الموجة الثانية من فيروس كورونا أسوأ من الأولى، حيث إن مستوى الإصابات هذا الخريف أعلى منه في مارس وإبريل. ولذلك فقد أغلقت العديد من البلدان في جميع أنحاء أوربا ومعظم الولايات الأمريكية أبوابها، مما يشير إلى تدهور أدائها الاقتصادي في الربع الرابع من هذا العام. ولذا قرر كل من بنك «جولدمان ساكس» و«بنك أوف أمريكا» تخفيض توقعاتهما للنمو الاقتصادي الأمريكي في الربع الأخير من هذا العام. وفي ذات الوقت تشعر الولايات المتحدة بعدم الارتياح إزاء حقيقة أن الصين هي الدولة الوحيدة التي تتمتع بانتعاش اقتصادي؛ فقد عانت الصين ضربة مباشرة بسبب تفشي فيروس كورونا، حيث تقلص اقتصادها بنسبة 6.8% في الربع الأول، وكان ذلك أول انخفاض منذ عام 1992 عندما بدأت بكين في تجميع بيانات النمو ربع السنوية. ومع ذلك، فإن الاتجاه الهبوطي لم يدم طويلا. حيث حققت الصين انتعاشاً على شكل حرف «v». 

ويقول مركز الأبحاث البريطاني «كابيتال إيكونوميكس» إن الصين فريدة من نوعها من بين الاقتصادات الكبرى، حيث نما الناتج المحلى الإجمالي للصين بمعدل 4.9% في الربع الثالث على أساس سنوي، ارتفاعاً من نمو الربع السابق البالغ 3.2%. ويظهر الربعان المتعاقبان من النمو الإيجابي أن الاقتصاد الصيني قد تعافى تماماً من صدمة فيروس كورونا. كما نما الناتج المحلى الإجمالي للبلاد بنسبة تراكمية بلغت 0.7% في الأرباع الثلاثة الأولى من هذا العام، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وسبق أن توقع صندوق النقد الدولي، في تقريره الصادر في أكتوبر، أن تكون الصين الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي يحقق نمواً إيجابياً هذا العام، حيث توقع أن ينمو اقتصادها بمعدل 1.9% هذا العام، و8.2% في عام 2021. 

ويظهر الاستهلاك، على وجه الخصوص، بوادر انتعاش. فنتيجة للإجراءات الصينية الحكومية الصارمة لتعزيز الإنفاق، زادت مبيعات التجزئة في شهر سبتمبر بنسبة 3.3% على أساس سنوي، ومن المتوقع أن ترتفع أكثر في أكتوبر. وعام 2021 هو العام الأول من الخطة الخمسية الرابعة عشرة للدولة الصينية، ومن المرجح أن تشهد الصين فيه زيادة في الاستثمار والإنتاج الصناعي، لتكون بمثابة محرك نمو للاقتصاد العالمي.

وقد توقعت بعض المعاهد البحثية أن يكون لفوز بايدن تأثير اقتصادي إيجابي. وقد قال بايدن إنه سيحفز الاقتصاد من خلال الإنفاق المالي النشط. وسوف يؤدي الارتفاع في النمو الاقتصادي للولايات المتحدة إلى تعزيز التجارة العالمية. وتوقع محللون أن يزداد النمو الاقتصادي للولايات المتحدة بمقدار نقطة مئوية واحدة.

وفيما يتعلق بالتجارة العالمية، اتخذ ترامب موقفاً انعزالياً في ظل سياسته «أمريكا أولاً»، بينما يميل بايدن إلى تقدير مكانة ودور الولايات المتحدة كقائد في علاقاتها مع الحلفاء. ولذا من المتوقع أن تؤدى رئاسة بايدن إلى استقرار ظروف التجارة العالمية. 

وفيما يتعلق بالاقتصاد الأمريكي فقد حافظ ترامب على سياسة تخفيض الضرائب طوال فترة ولايته. فيما يقترح بايدن زيادة الإيرادات الضريبية بنحو 3.4 تريليون دولار على مدى عشر سنوات واستثمارها في التعليم والبنية التحتية. ويرى بايدن أنه يجب على الدولة السيطرة على الأنشطة الاقتصادية بغرض تحقيق أفضل نتيجة ممكنة. وهو ما يعيدنا إلى الجدل الكبير في القرن العشرين، فعلى مدار المئة عام الماضية، خاض الأمريكيون جدلاً طويل الأمد حول دور الأسواق ودولة الرفاه. 

* أكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"