نظرية الدورات في قيادة التكنولوجيا القومية

22:56 مساء
قراءة دقيقتين

د. عبد العظيم محمود حنفي*

في نهاية الثمانينات، تحولت اقتصاديات التنمية بشكل خاص. وأكدت نظرية النمو القديمة لمدة خمسين عاماً على أن المساعدات الخارجية تسد الفجوة بين الادخار والاستثمار أو التعليم أو تحديد النسل. ولكن كما كتب ويليام إيسترلى «William Easterly» في «السعي وراء مراوغات للنمو: مغامرات الاقتصاديين ومشاكلهم في الموضوع». أنه «لم تعمل أي من الوصفات العلاجية كما وعدت، لأنه لم تكن لدى جميع المشاركين في خلق النمو الاقتصادي الدوافع الصحيحة». «ركزت نظرية النمو الحديثة على موضوعات كانت بعيدة عن مركز الضوء في الماضي، كأهمية المؤسسات، والمؤسسات القانونية بشكل خاص، ودور المؤسسات متعددة الجنسيات في نقل المعرفة. ومزايا التصدير بين المقاطعات أو البلاد المحاطة بالأراضي الأجنبية كوسيلة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر للدول النامية وأهمية الفساد كوسيلة لصد هذا الاستثمار)، الإمكانيات الكامنة في الإقراض الصغير، وأهمية الجغرافيا والمناخ والأمراض كمحددات أساسية لابد من تناولها بالدارسة. وما إلى ذلك. وسرعان ما أصبح عشرات من الاقتصاديين يعملون على مختلف أنواع الزوايا والموضوعات.

في هذه الدوامة الواسعة لعام 1989، لم يخرج أي ممثل خارج هذه الدراما بشكل كامل كما حدث مع الرجل الذي تقاسم حلة المكتب مع «بول صامويلسون» و«بوب سولو». وهو النجم المفترض للجيل القادم في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والذي يدعى «بول كروجمان» وقد هزمه «بول رومر» في موضوع النمو. ودخل «كروجمان» في مشاركة معه ومع «هيلبمان». كما تم سحب ورقته البحثية التي تقدم بها في بافلو والتي كانت ستصبح سبباً في ترقيته ورئاسته للموكب.

عمل «كروجمان» لبعض الوقت على البحث. وكتب ورقة مع «إليست بريزيس» «Eliste Brezis»و«دانيال تسيدون» «Daniel Tsiddon»، حول «القفزات» في المنافسة الدولية. أدت هذه الورقة إلى طعن تفسير انتظام التجريبية الذي عرف ب «قانون كالدويل» - «Caldwell›s law» والحقيقة وفقاً لمؤرخ التكنولوجيا «دونالد كالدويل» «Donald Caldwell» هي أنه بعد مئات السنوات لن تحتفظ أي دولة بالريادة الاقتصادية والتكنولوجية لوقت طويل. ولكن لم تنشر «نظرية الدورات في قيادة التكنولوجيا القومية»«A Theory of Cycles in National Technology leader ship» حتى عام 1993. ومن ثم أصبحت ملاحظاتها الخاصة بأن اليابانيين قد يتفوقون على الأمريكيين قديمة.

لم يمض وقت طويل حتى وجد كروجمان «دوراً آخر للبطولة. فإذا كان لم يستطع أن يطبق منطق تزايد العوائد بالنسبة لنمو جميع الاقتصادات، فربما يستطيع أن يتعامل مع التغيرات في مساحة الأرض الواسعة. وهكذا اتجه» كروجمان» نحو الجغرافيا الاقتصادية.

كانت الجغرافيا في عام 1985 م، شبيهة ببركة راكدة، ليس لأن اقتصادييها الأوائل كانوا مغفلين، ولكن كانت تنقصهم أدوات لوضع نماذج التوازن العام التي خلقت الاقتصاديات الحديثة للتجارة والنمو. ولذا فقد نما المجال بأسلوب مختلف خاص به. مما أدى به إلى الدخول في طريق مسدود. وقد نضجت الأنظمة الأخرى المهتمة بالمدن حول الجغرافيا الاقتصادية، وذلك لتتعامل مع عمليات التغذية الاسترجاعية الإيجابية التي تجاهلها الاقتصاد: كعلم المناطق والأقاليم، واقتصاديات التنمية، وديناميكيات الأنظمة، والتخطيط الحضري. وقام كتاب من أمثال لويس ممفورد وجين جاكوبز بتطوير محاريبهم المريحة الخاصة.

* كاتب مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y6fd5thu

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"