عقدة المرتزقة في ليبيا

00:31 صباحا
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

تبرز قضية المقاتلين الأجانب باعتبارها واحدة من أكبر العقبات التي تواجه مسار الحل السياسي في ليبيا، ذلك أن تواجدهم في البلاد منذ ما يزيد على العام لأسباب يتعلق بعضها بمساندة حكومة الوفاق الوطني، والآخر بحلم إعادة بناء دولة الخلافة التي تعرضت لضربة عنيفة في كل من العراق وسوريا خلال العامين الماضيين، أضر بليبيا وأهلها.

مسؤول في الأمم المتحدة معني بالشأن الليبي، أكد أن هناك ما لا يقل عن 20 ألف مقاتل ومرتزق أجنبي في الأراضي الليبية، ويحذر من «أزمة خطِرة» مع استمرار تدفق الأسلحة إلى البلاد، لأن ذلك من شأنه أن يعيق طريق الحل الذي تسعى المنظمة الأممية إلى تطبيقه في ليبيا، التي مزقتها الحرب الطاحنة المستمرة فيها منذ تسع سنوات.

وينص اتفاق وقف إطلاق النار، الموقع بين أطراف الصراع، على منح المقاتلين الأجانب مهلة ثلاثة أشهر لمغادرة ليبيا، إضافة إلى جمع الأسلحة التي بحوزة الميليشيات التابعة لحكومة «الوفاق»، خوفاً من أن تتصرف هذه الميليشيات بطريقة مخالفة لروح الاتفاقات، ما يعني تعميق الصراع الليبي بشكل أكبر وأخطر.

كيف يمكن أن تبدو ليبيا في ظل استمرار وجود المقاتلين الأجانب ودورهم في مستقبل البلاد في حال تمت الموافقة على تطبيق الحل السياسي، الذي يبدو أنه بات يقترب من التوافق عليه بين الأطراف المتصارعة؟

من الشروط الواجب تطبيقها خروج المقاتلين الأجانب من البلاد إذا ما أريد لليبيا أن تستقر، فوجود المرتزقة سيعرض الحل للتخريب، ولن يكون بمقدور طرف لوحده إنهاء تواجدهم، ناهيك عن تأثيرهم في المشهد كله، لهذا يجب أن تطرح قضية تواجدهم على طاولة الحل النهائي حتى لا تترك فرصة أمامهم لتخريب الحلول في مرحلة ما بعد الحرب، التي يتوق الليبيون إلى تحقيقها في أقرب وقت ممكن.

ومع الضغوط الكبيرة التي مارستها الأمم المتحدة، إضافة إلى مصر ودول المغرب العربي، فإن مجموعات من المقاتلين والمرتزقة الأجانب، بدأت فعلاً في مغادرة ليبيا، إلى جهات غير محددة، فبعضهم عاد من حيث أتى، أي إلى سوريا والعراق، وبعضهم عاد إلى تركيا، خاصة من الدول البعيدة التي ليست قادرة على استيعابهم مجدداً مثل اليمن والصومال وغيرهما، إلا أن تمسك الآلاف بالبقاء في ليبيا يجعل الحل ملغماً وغير قابل للتطبيق.

ويبدو أن الضغط المصري لإرغام الأجانب على الخروج من ليبيا قبل تطبيق أي حل، هو الذي أثمر توافقاً ليبياً وعربياً وأممياً حول هذه النقطة الجوهرية، التي تضمن تأميناً لليبيا ومصر معاً، لأنه بدون التوصل إلى حل لهذه القضية سيبقى الحل السياسي منقوصاً وقابلاً للانفجار في أي لحظة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"